إن الموضوع الخاص بالأهلية الدولية للمنظمات الدولية الحكومية، أمر من الممكن العثور عليه في العديد من الوثائق الدولية، وهو الأمر الذي كانت قد حددته محكمة العدل الدولية للأمم المتحدة، على نحو تبين فيه خصائصها الدولية، مما يشكل ولادة شخصية لقانون دولي جديد مثل المنظمات الدولية، على أن تكون مرتبطة بجميع الالتزامات المعدة والمخصصة لها وفقاً للقانون الدولي.

وهذا يعني أن تلتزم تلك المنظمات أيضاً بجميع القواعد العامة في القانون الدولي، التي تم بناؤها من قبل الدول ومن دون وجود أو مشاركة من قبل هذه المنظمات، وهذا من جهة، من جهةٍ أخرى نجد أن محكمة العدل الدولية كانت قد أكدت بأنه لا توجد هناك أية أسباب تدفعنا للاعتقاد بأن المنظمات الدولية يمكنها أن تعلو الدول، ونتيجة لهذا المفهوم، نلاحظ ومن خلال الواقع العملي أيضاً لمنظمة الأمم المتحدة، أن قوة المنظمة من قوة التعاون القائم بين الدول الأعضاء في المنظمة ومتانته.

ومن الضروري هنا، التمييز بين الأهلية والشخصية الدولية التي تتمتع بها الدول، والمرتكزة بالأساس على عنصر السيادة، أما الأهلية التي تتمتع بها المنظمات الدولية فإن مصدرها ما ينبثق من التفويض الممنوح لها من قبل الدول، بالتالي، إن وظيفة المنظمات الدولية تعتبر مقتصرة على القيام بإنجاز المسائل التي أنشأت من أجلها هذه المنظمات، وهذا ما يؤكد أن الأهلية الخاصة بالمنظمات الدولية تُعتبر خاصية منتجة من الشخصية الدولية للدول بشكل مخصص، أي أن هناك تفويضاً وهدفاً محدداً ومثبتاً وفقاً للفعل التأسيسي الخاص بإنشاء مثل تلك المنظمات الدولية.

هذا يأخذنا إلى أن الواقع العملي للحياة الدولية عبر التاريخ المعاصر، نجد الكثير فيه من الحركات القومية الوطنية التي ناضلت وتناضل من أجل الاستقلال وإنشاء دولتها المستقلة الوطنية، لكن المشكلة تكمن دائماً لدى مختلف الفقهاء حول موضوع الأهلية الخاصة بمثل هذه الحركات الوطنية، بالتالي، السؤال يتعلق بتقييم القيم الحقوقية لمثل هذه الشخصية، ووفقاً للظروف السائدة، أن الحديث يدور حول الشخصية الخاصة بالدولة التي تمر بمرحلة تُعتبر هامة من طور البناء.

وفي سياقٍ متصل مع هذا المفهوم، نجد أن هذه الشخصية الخاصة بهذه المرحلة، تتميز عن الشخصية التي تتمته بها الدولة في حالتها العادية، إذ أن هذه الأهلية هنا تكون مؤقتة بطبيعتها ولظروفٍ انتقالية تُعتبر وظيفتها الأساسية هي القيام بتحديد الوضع الشرعي للقوميات والحركات المناضلة وجعلها تحت وصاية القانون الدولي.

ونجد أن البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف لعام 1949 والمتعلق بحماية ضحايا الصراعات والحروب المسلحة الدولية، والذي أعلن في عام 1977، والمتضمن تحديد الصراعات الدولية على أنها تشتمل أيضاً على الحالة التي تخوض فيها الشعوب صراعاً ونضالاً من أجل الاستقلال وضد الاحتلال الأجنبي والنضال من أجل تقرير المصير، ومن المؤكد أن القانون الدولي يسري على تلك الصراعات، هذا بالإضافة إلى قانون الصراعات الحربية.

واستناداً لهذا الأساس الشرعي، نجد أن هذه الحركات القومية التحررية تتم دعوتها لحضور اجتماعات المنظمات الدولية والمؤتمرات الدولية بصفة شرعية كمراقب فقط.

مصدر الصورة: Eferrit.

موضوع ذا صلة: مفهوم الدولة في القانون الدولي

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت