من يسمع بمصطلح “القوة العظمى” مباشرة يعرف أن الحديث يتمحور حول الولايات المتحدة الأمريكية، ونفوذها الواسع، إلى جانب الاتحاد السوفياتي قبل تفككه، وهي القطب في نظام دولي أحادي أو ثنائي القطب، فتكون كقطب، أو دولة مركز في العلاقات الدولية وتتميز بقدرات لا مثيل لها لممارسة النفوذ والسلطة على نطاق عالمي، متجاوزة الدول الكبرى أو القوى العالمية.

ويتم ذلك من خلال وسائل القوة العسكرية والاقتصادية على حد سواء، فضلاً عن تأثير القوة الدبلوماسية الناعمة، فقد تم استخدام هذا المصطلح أول مرة لوصف الإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد أزمة السويس عام 1956 تقلص دور المملكة المتحدة كقوة عظمى؛ وطوال فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي كان ينظر إليهم كالقوتين العظميين المتبقية المهيمنة على العالم، وفي نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991 أصبحت الولايات المتحدة القوى العظمى الوحيدة بالعالم.

استخدم المصطلح لأول مرة في عام 1944 لوصف تلك الدول التي تتمتع بمكانة أكبر من المكانة التي تتمتع بها القوى العالمية، لكنه اكتسب معناه الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفياتي بدرجة أقل، بعد الحرب العالمية الثانية، ويعود ذلك لتمكن كل من هذين البلدين من إثبات قدرتهما الكبيرة على التأثير بالسياسة العالمية وبالسيطرة العسكرية على مستوى العالم، صاغ المصطلح بمعناه السياسي الحالي الخبير الجيو – استراتيجي الهولندي الأمريكي، نيكولاس سبيكمان، في عام 1943، خلال سلسلة من المحاضرات التي ألقاها حول الشكل المحتمل للنظام العالمي الجديد بعد الحرب، فقد شكلت هذه المحاضرات أساساً لكتاب جغرافيا السلام، الذي أشار سبيكمان فيه إلى أهمية التفوق البحري العالمي للإمبراطورية البريطانية وللولايات المتحدة في تحقيق السلام والازدهار العالمي.

واستخدم بعض المؤلفين مصطلح القوة العظمى لوصف العديد من الإمبراطوريات العظيمة القديمة أو لوصف قوى عالمية في العصور الوسطى، إذ عنونت القناة الخامسة البريطانية أحد أفلامها الوثائقية بعنوان روما: القوة العظمى الأولى في العالم، كما وصف كتاب تاريخ القرون الوسطى الجديد الصادر عن مطبعة جامعة كامبردج الإمبراطورية الساسانية بأنها “قوة عظمى أخرى”.

مصدر الصورة: صحيفة الشرق الأوسط.

موضوع ذا صلة: كيف وضع قانون البحار الهند والولايات المتحدة على مسار التصادم؟

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت