يان فان زيبروك*
وبعد بضعة أيام، في إجراء لتحدي الحصار المالي، وكخطوة أولى من التقارب لإعادة التفاوض وإعادة الهيكلة التي خطط لها الرئيس، جاءت إلى كراكاس مجموعة من الدائنين، للاجتماع مع الحكومة البوليفارية، من الولايات المتحدة، وبنما، والمملكة المتحدة، والبرتغال، وكولومبيا، وتشيلي، والأرجنتين، واليابان، وألمانيا. وكان هذا انتصاراً لا يمكن إنكاره للرئيس مادورو.
وتجدر الإشارة هنا إلى الجيل الرابع من الثورة البوليفارية بات يقاتل على عدة جبهات تتمثل في:
- حرب المتمردين التي خطط لها خبراء في التخريب وعلم النفس الجماعي، عبر استخدام المرتزقة، والإعداد للتفجيرات التي تستهدف القطاعات الحكومية والعسكرية، والبنى التحتية (شبكة الكهرباء، مصافي، توزيع المياه، وما إلى ذلك).
- حرب وسائل الإعلام، من الوسائل المطبوعة والإذاعة والتلفزيون والشبكات الاجتماعية تحويلها إلى جيوش جديدة من الغزو لبث دعايات التخريب. تمتلك فنزويلا 111 قناة تلفزيونية، 61 منها قنوات خاصة، و37 للجمعيات، و13 للدولة، أما نسبة المشاهدة فتتوزع كالتالي: القنوات العامة 5.4٪، والقنوات الخاصة 61٪.
- حرب دبلوماسية تتمثل في المضايقات ضمن بعض المحافل الدولية، وخاصة منظمة الدول الأمريكية، أو “مكتب الاستعمار الأمريكي” وفقا لتوصيف تشي غيفارا، إضافة إلى “هجمات” دول “مجموعة ليما” التي تنضم بشكل منتظم إلى الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي.
- حرب اقتصادية ومالية تتمثل في نقص الغذاء والأدوية، والتلاعب في أسعار صرف العملات من قبل مكاتب غير قانونية، ومعدلات التضخم المرتفعة، والحصار المصرفي. وفيما يتعلق بالمخاطر المالية، يجب ألا ننسى أنه في السنوات الأربع الماضية، كما ذكرنا، فلقد احترمت كراكاس جميع التزاماتها المتعلقة بدفع الديون، دون استثناء، بأكثر من 74 بليون دولار.، وهو قلل، بشكل كبير، من المخاطر. في الواقع، لا توجد مخاطر حقيقية فيما يخص استمرار إقراض فنزويلا لأنها تسدد جميع ديونها. وفقاً لتقرير أعده بنك “جي.بي مورجان”، فإن الخطر في البلاد يقف عند حدود الـ 4820 نقطة، أي أعلى بـ 38 مرة عما هو في تشيلي، وهي بلد تتساوى فيه نسبة الدين مقابل الناتج المحلي عن الموجودة في فنزويلا. من هنا، تدفع كراكاس غالياً ثمن اختيارها لنظام سياسي اشتراكي بشكل ديمقراطي. أما فيما يتعلق بالحصار المصرفي، ففي العام 2017 وخاصة بعد عقوبات دونالد ترامب، فقد تضاعفت الانتهاكات الأحادية الجانب للعقود.
وفي أغسطس/آب، أخطر “بنك نوفو” البرتغالي كراكاس باستحالة تنفيذ عمليات مالية بالدولار بعد حصار المصارف الأمريكية. لاحقاً، لم يتمكن بنك “الصين – فرانكفورت”، الحليف لكاراكاس، من دفع أكثر من 15 مليون دولار مستحقة على فنزويلا إلى شركة التعدين الكندية “غولد ريزرف”. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، تم إعادة أكثر من 39 مليون دولار، مخصص لدفع 23 مشتريات الأغذية في عيد الميلاد، إلى كراكاس لأن المصارف الوسيطة للموردين لم تقبل بالاموال الفنزويلية.
وفى بداية سبتمبر/ايلول، علم أن شركة “يوروكلير” المالية، وهي شركة تابعة للبنك الأمريكي “جي.بي مورجان”، أوقفت مبلغ 1200 مليون دولار قدمتها الحكومة البوليفارية للحصول على الأدوية والأنسولين الأمر الذي منع حوالي 300 ألف مواطن من الحصول على دواء السكري. في الوقت نفسه، رفض المختبر الكولومبي، الذي ينتمي إلى المجموعة الطبية السويدية، قبول دفعات فنزويلا لعلاج الملاريا. إن الغرض من كل هذا الحصار هو منع الحكومة البوليفارية من استخدام مواردها للحصول على الغذاء والأدوية واحتياجات سكانها. هذا كله هدفه دفع الناس للاحتجاج وتوليد الفوضى في النظام الصحي، مما يعرض حياة الآلاف من المرضى للخطر. لذلك، قامت فنزويلا، وبفضل علاقات الرئيس الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني، إلى استيراد عاجل لتلك الشحنات الكبيرة من الأنسولين من الهند، حيث تم إنقاذ حياة مئات المرضى، وهو انتصار جديد حققه مادورو مجدداً.
لكسر الحصار المالي، أعلن الرئيس، في نوفمبر/تشرين الثاني، مبادرة أخرى وهي إنشاء عملة رقمية، البترو. واضعاً بلاده في طليعة الدول التكنولوجية ذات التمويل العالمي، وحصدت توقعات إيجابية هائلة، لا سيما وأن سعر النفط لن يكون مرتبطا بتقلبات السوق ومضارباته، بل سيترافق مع القيمة الدولية للأصول الحقيقية مثل الذهب والغاز والماس والنفط. ولذلك، اتخذت فنزويلا خطوة كبيرة نحو إيجاد آلية ثورية للتمويل لا يمكن لأي قوة أجنبية فرض جزاءات عليها أو مقاطعة وصول رأس المال إليها. وبهذا المعنى، فإن “البترو” هو انتصار جديد إضافي للرئيس مادورو.
وعلى الرغم من تلك الهجمات الاقتصادية، حافظ مادورو على استمرارية الفكرة البوليفارية، الكامنة في عدم حرمان الفقراء التعليم والعمل والسكن والرعاية الطبية والغذاء. على سبيل المثال وفي العام 2017، تم التبرع بأكثر من 570 ألف مسكن للمواطنين، وتضاعفت معارض الإنتاج الريفي، واستمرت اللجان المحلية بتأمين إمدادات الإنتاج، ما أشاع النمو في مختلف أنحاء البلاد، حيث استفاد حوالي 4 ملايين فنزويلي منها وبذلك تم تخفيف الآثار الناجمة عن هذه “الحرب الاقتصادية”.
في العام 2017، تم إعداد وثيقة رسمية جديدة تسمح بمعرفة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، حيث وضعت في متناول الأسر المحتاجة إلى المساعدة الاجتماعية. لقد خلق الرئيس مادورو حركة سميت بـ “سوموس فنزويلا” التي تهدف إلى تسريع عملية منح المساعدات الاجتماعية، والتي عليها مهمة تحديد احتياجات الأسر وتجهيزها بالمنزل.
في الختام، بما أن الثورة البوليفارية حققت نجاحاً كبيراً، فإن الهجمات المالية وعمليات زعزعة الاستقرار، التي وضعتها المعارضة بالاتفاق مع الأمريكيين والتي لم تتردد في استخدام الخلايا الفاشية الجديدة لضرب الاستقرار، لم تمنع فنزويلا من السير على خطى الرئيس الراحل، هوغو تشافيز. لكي نكون موضوعيين، لا تزال هناك العديد من المشاكل في فنزويلا. في المقابل، ما هي مقترحات المعارضة للحل؟
*باحث في مركز “سيتا”
المراجع:
http://bit.ly/2sgQ90g
http://bit.ly/2sgQ90g
http://bit.ly/2BZ2Xb7
http://bit.ly/2nI71Iq
http://bit.ly/2C0En9F
http://bit.ly/2BJw72o
http://bit.ly/2zuHslo
http://bit.ly/2GVj4dp
http://bit.ly/2E4WXPV
http://bit.ly/2E7mDQ8
http://bit.ly/2nGq5qt
http://bit.ly/2sbGJCZ
http://bit.ly/2nyl4QC
http://bit.ly/2EjHRtp
http://bit.ly/2zuHslo
http://bit.ly/2EOv7qX
http://bit.ly/2nyl4QC
http://bit.ly/2tamuUV
http://bit.ly/2E8k5kz
http://bit.ly/2scsIFl
http://bit.ly/2xPFeeX
http://bit.ly/1e12aUC
http://bit.ly/2E4Ipnj
http://bit.ly/2E4Ipnj
http://bit.ly/2BZLJKA
https://ind.pn/2gcLEOC
http://bit.ly/2BILNCU
http://bit.ly/2FQKW0W
http://bit.ly/2AGVEZo
http://bit.ly/2l6efag
http://bit.ly/2EntnZn
http://bit.ly/2E7RdF0
http://bit.ly/2nOrTNp
http://bit.ly/2EJi9fx
http://bit.ly/2BLL4xB
http://bit.ly/2EHMD1n
http://bit.ly/2Cb6O9Z
http://reut.rs/2EjIe7h
http://bit.ly/2sf4VV6
http://bit.ly/2zI7war
http://bit.ly/2zEGz5H
مصدر الصور: روسيا اليوم – ارابيان بزنس.