*يان فان زيبروك
بعد إعادة تفعيل الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشنكو، لقانون الدونباس، والذي يعتبر بمثابة “إعلان حرب” على جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، بدأ العد التنازلي لعملية “مكافحة الإرهاب” للقوات المسلحة المشتركة، في مايو/ أيار الحالي (2018).
لقد قرر الرئيس بوروشينكو تكثيف العمليات الحربية، مع تساهل ودعم أمريكيين واضحين ودون أية انتقادات من جانب واشنطن، وإجراء الاستعدادات اللازمة من أجل استعادة منطقة الدونباس بالقوة. هذه العملية، والتي من المقرر أن تبدأ في الأشهر القليلة القادمة، لا تزال تفتقر إلى عدد من المقومات والنقاط؛ النقطة الأولى تتعلق بالجيش الأوكراني نفسه، فالفئة الواعية منه ليست مستعدة كي تقوم بارتكاب “مجزرة” في حال تم الاتفاق على الخيار العسكري، إضافة إلى عمليات الفرار، والإفراط في تناول الكحول والمخدرات بين عناصره.
ففي آذار/ مارس، على سبيل المثال، أصدر موظفو الجيش الأوكراني تحذيراً مهماً لجميع القادة الميدانيين لرصد سلوك جنودهم عن كثب للتأكد من أنهم لم يقدموا على عمليات انتحار، إذ تشير الاحصاءات في هذا الشهر إلى وجود عملية انتحار كل أربعة ايام وإطلاق النار على زملائهم، وهذا يحدث نتيجة تعاطي المخدرات وإدمان الكحول. ففي 15 فبراير/ شباط، قتل أربعة جنود أوكرانيين بعضهم نتيجة الإفراط في تعاطي الكحول الممزوجة بالمخدرات.
لقد تسبب قانون التجنيد الذي تبناه الرادا (مجلس النواب الأوكراني) في فرار العديد من الأوكرانيين من الخدمة في الجيش حيث غادروا إلى بولندا ودول أوروبية أخرى، وهو ما يسبب نقصاً في عديد الألوية داخل الجيش. من هنا، تشكل كتائب “النازيين الجدد”، التي قتلت المدنيين في العام 2014، الواجهة الأساسية للقتال.
على الرغم من هذا، فإن خطط الحرب لا تزال قائمة.
وفي 9 فبراير/ شباط، أنشأت إدارة الأمن القومي والحرس الوطني وقوات العمليات الخاصة وحدتين مختلفتين، كلاهما تخضع لتعليمات ضباط الناتو؛ الوحدة الأولى مكونة من خبراء في المتفجرات والقناصة، بينما الوحدة الثانية مختصة بالتخريب والقيام بهجمات إرهابية تحت اعلام مزيفة. هذا، ولقد عاين خبراء أمريكيون الجبهات مع منطقة الدونباس، إضافة إلى وصول عدد من الضباط والجنود الإسرائيليين أيضاً. في هذا الشأن، تريد كتائب “النازيين الجدد” إثبات قدرتها على قتل المدنيين بعدما أشار عدد من الضباط الإسرائيليين إلى عدم كفاءتها في القتال.
في 6 مارس/ آذار، نشر إدوارد باسورين، الناطق الرسمي باسم جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، تقريراً حول اجتماع عقد في مدينة أفدييفكا (Avdeyevka)، على الأراضي التي احتلتها أوكرانيا مؤقتاً، حضره مسؤول في وكالة المخابرات المركزية وأعضاء من السلطات الأوكرانية، الذين أمروا بوضع اللمسات الأخيرة، بحلول 10 مارس/ آذار، على عدة سيناريوهات استفزازية خطيرة من أجل اتهام جمهورية الدونباس الشعبية بنقض اتفاق الهدنة والبد بأعمال عدائية.
لا تزال الجبهة تشهد تدفقاً للأسلحة من الجهة الأوكرانية وقتل للمدنيين، في حين تحاول روسيا منع نشوب نزاع مع الغرب، لا سيما وأن سلطات الدونباس تظهر ضبطاً شديداً للنفس وفي الوقت نفسه تبقي على معنويات مرتفعة.
في هذا الشأن، يبقى أحد تكتيكات الضباط الأوكرانيين البحث عن ذريعة تتمثل في هجمات يقوم بها جيش الدونباس، مثل إطلاق النار على المدنيين لتوريطهم لا سيما أانهم لا يترددون، أي الأوكرانيين، في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ففي 14 فبراير/ شباط، قامت وحدة المشاة 93، في مدينة دوكيوتشايفسك (Dokuchaievsk)، بإطلاق النار على مدرسة يقيم فيها أكثر من 400 تلميذ، ولكن لحسن الحظ لم يوقع هذا الهجوم، التي استخدمت فيه المدرعات العسكرية، أية اصابات تذكر. ولكن هذا العدوان “الوحشي” يدل على نقص في الشعور الإنساني لدى هذا الجيش، الذي لم يتوانَ عن استهداف مواطنيه وأطفاله.
وفي 25 فبراير/ شباط، أُطلقت قذائف الهاون على سيارة إسعاف كانت تقل جندياً مصاباً مما أسفر عن مقتل جميع المسعفين الطبيين، وهو إجراء محظور تماماً بموجب اتفاقية جنيف. وفي 12 أبريل/ نيسان الساعة الرابعة مساءً، أُطلق الجيش الأوكراني النار على حافلة مدرسية كانت تقل طلاباً عائدين من المدرسة إلى مدينة زايتسيفو (Zaitsevo)، حيث اضطر جنود من الجيش الشعبي للدونباس (RPD) للمخاطرة بحياتهم من أجل إجلاء هؤلاء الأطفال حيث قتل أحد الجنود.
إضافة إلى ذلك، وقع هجوم على محطة معالجة المياه في دونيتسك، وهو ما يذكرنا بعمليات شبيهة للتكفيرين في سوريا، إذ حرم حوالي 1.5 مليون شخص على الأقل من شرب المياه. ومن الأمور المهمة والمخالفة للقوانين الدولية أيضاً، تركيب الأسلحة الثقيلة وأنظمة الدفاع الجوي في الأحياء السكنية، على سبيل المثال تثبيت نظام 9K33 Ossa القريب من المنازل في مدينة كلينوفوكو (Klinovko) والذي يشكل تهديداً مباشراً للمدنيين.
هذه بعض الأمثلة التي لا تنتهي عن الأحداث اليومية الدامية.
هل ستقع الحرب في شهر مايو/أ يار؟
مع ما يمكن رصده للتو هو الإبلاغ المتكرر عن رحلات استطلاعية بالقرب من الحدود الروسية، وفي جميع أنحاء الإقليم، من قبل طائرات جلوبال أر كيو 4 بي الأمريكية من أجل جمع المعلومات للأوكرانيين. في المقابل، أصبحت قوات الدونباس جاهزة مستعدة بشكل أفضل مما كانت عليه سابقاً.
إن الحرب هي “ورقة” بوروشنكو الأخيرة. فإذا فشل في استعادة الدونباس بالقوة، سيغرق وسيُغرق معه بلداً بأكمله، خصوصاً وأن أوكرانيا أصبحت “مدمرة” اقتصادياً، شعبها يلامس حد الفقر المدقع، وينتشر فيها الحقد القومي لبعض الأقليات، سواء كانت هنغارية أو بولندية أو روسية، التي قد تقرر العودة إلى الوطن الأم كخيار أسلم من غيره.
*باحث في مركز “سيتا”
المراجع:
https://bit.ly/2jk0Fwv
https://bit.ly/2HGepw2
https://bit.ly/2HBzPyk
https://bit.ly/2jiCtdy
https://bit.ly/2G7nMrG
https://bit.ly/2JDgidk
https://bit.ly/2JGNFfn
https://bit.ly/2jitHfF
https://t.me/DNR_SCKK/478
https://bit.ly/2vYAUe8
https://bit.ly/2I1lsCH
https://bit.ly/2DwNxM5
https://bit.ly/2Ft0szB
https://bit.ly/2rbcR5V
https://bit.ly/2JABPDm
https://bit.ly/2HEPbhn
https://bit.ly/2JHpD41
https://bit.ly/2r9CdlC
https://bit.ly/2jh9abt
https://bit.ly/2w0rVcj
https://bit.ly/2BR8JzO
https://bit.ly/2FsO7ew
https://bit.ly/2HBXAq2
https://bit.ly/2HGZsxW
https://bit.ly/2JGNFfn
https://bit.ly/2oEecln
https://bit.ly/2I0mYFn
مصدر الصور: سبوتنيك – العربي الجديد.