حوار: سمر رضوان

وصل رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، والوفد المرافق له في زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، إلتقى فيها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إذ تتضمن الزيارة التوقيع على عدد من الإتفاقيات الإقتصادية والتجارية بين البلدين.

عن هذه الزيارة وأهم الملفات التي تم بحثها على الصعيدين السياسي والإقتصادي والإتفاقيات المبرمة بين الجانبين، سأل مركز “سيتا” الأستاذ محمد العكيلي، الباحث في الشأنين الأمني والسياسي العراقي (النائب السابق – عضو إئتلاف دولة القانون السابق)، عن تفاصيل هذا الموضوع.

الدبلوماسية الذكية

بعد أن شهدت المنطقة ديبلوماسية ناعمة من قبل الأقطاب التي كانت تديرها من خلال أجندات معينة، لا سيما مسالة عدم الإستقرار إضافة إلى صراعات المحاور، لا بد للعراق الآن أن يقبل هذه الديبلوماسية الناعمة ويمارسها بذكاء في سبيل تمرير مصالحه. فمن خلال الإقتصاد يمكن تهدئة كل الملفات وخفض التوترات، فمجموعة الإتفاقيات العراقية- الأردنية، والعراقية- الإيرانية، وكذلك العراقية- السعودية ودول أخرى، فتحت الباب لأن يكون هناك شبكة إتصالات إقتصادية وتجارية تمكن بغداد من لعب دور بارز في جمع الكل، بما فيهم الدول المتناقضة سياسياً، عن طريق الاقتصاد وهو ما سينعكس على تخفيف الأزمات والتوترات في المنطقة.

بالتالي، سوف يتخذ العراق نهجاً جديداً في مقاربة الأمور من خلال إدارة النتائج بالأهداف، أي الإتفاقيات ومذكرات التفاهم، التي سيديرها العراق على طريقة لعبة “المثلثات الرياضية” عبر جمع الخطوط الاقتصادية التي تمر عبر العراق مع دول الجوار.

الإنفتاح على العراق

بعد الإنتصار العسكري على تنظيم “داعش” الإرهابي وخروج العراق منتصراً بقوة عسكرية كبيرة متصاحبة مع معلومات استخباراتية مهمة عن هذا التنظيم وغيره من المجموعات الإرهابية، أصبحت دول منطقة الشرق الأوسط مجبرة بالإنفتاح على العراق لأن الحروب والتوترات في المنطقة انهكت العديد من الدول، والكبرى منها. وبالتالي، ان الإنفتاح على بغداد سيحقق امن واستقرار المنطقة خصوصاً اذا ما تم ايجاد صيغة لربط المصالح خصوصاً وان العراق مرشح لكي يكون محطة تمر به خطوط الطاقة من منابعها الداخلية إلى المياه الدافئة في البحرين المتوسط والأحمر وكذلك الخليج.

من هنا، ان رئيس الوزراء سيقوم بإستكمال هذه الإتفاقيات مع دول مجاورة اخرى بحيث سيكون هناك تشاركات اقتصادية مع هذه الدول تخفف الإحتقان وتجعل من العراق “بوابة الى السلام” لأن لديه القدرة والمقومات التي تخوله لعب دور ريادي وقيادي ومحوري في ذات الوقت في منطقة مليئة بالصراعات.

التحرر إقليمياً

في المراحل السابقة، شهد البيت العراقي الداخلي تشدداً وصراعاً كبيرين وصل إلى مرحلة كسر العظم بين الكتل السياسية، اذ السبب الرئيسي وراء هذا الخلاف أن بعضاً من هذه الكتل باتت مرتبطة بمحركات إقليمية تحاول زعزعة الأمن والإستقرار الداخلي عبرها. بالتالي، عندما تبرم إتفاقيات تعاون وإتفاقيات إقتصادية عبر الإستثمار والتجارة المتبادلة، بإعتقادي، فهذا يعني توقف تلك الدول عن تحريك هذه الكتل السياسية المشتركة ضمن العملية السياسية ما سيخفض من منسوب الصراع الداخلي، وسيكون هناك إستقرار داخلي للمناخات السياسية التي تدعم المؤسسة التشريعية والبرلمانية وباقي مؤسسات الدولة.

ان الهدوء والصفاء الداخليين كفيلان بإنجاح سياسة العراق الخارجية إذ من الممكن، وإلى حد كبير، أن يستفيد من هذه الإتفاقيات داخلياً في مجالات عدة سياسية وأمنية وثقافية وإجتماعية وغيرها.

لا خشية من القنصلية السعودية

فيما يخص افتتاح القنصلية السعودية في محافظة النجف الأشرف وما لها من مكانة كبيرة مقدسة والحساسية الكبيرة لوجود الحوزات الدينية للقاعدة الشيعية، لا أعتقد أن هناك خشية من هذا التواجد في ظل وجود سيطرة عراقية على مجريات الأمور. فلو تترك الأمور على حالها، بمعنى تترك على حركتها السائدة بدون نهايات معلومة، سيكون هناك خشية وتوجس من افتتاح هكذا قنصليات.

لكن بما أن الحكومة العراقية لديها إتفاقيات والجهد العراقي قادر على أن ينظم بوصلة حركة وإتجاهات هذه القنصلية، لا أعتقد بأن يخلف ذلك ضرراً على الواقع العراقي. نعم، قد يكون هناك خشية ومطالبات شعبية وجهات سياسية بأن الدور لن يكون هو ذات الدور المرسوم لها، لكن بإمكان الحكومة العراقية أن تذهب بالإتجاهات التي تفرض الإستقرار وتفرض حالة عدم التدخل في الشأن الداخلي أكثر مما هو عليه. بالتالي، الحالة المطلوبة هي تعزيز العلاقات لكن حدود مساحاتها هي من مسؤولية الحكومة العراقية حتى لا تأخذ القنصلية حجماً أكثر من دورها في توفير العمل الديبلوماسي المتاح لها.

مصدر الصورة: روسيا اليوم.