شارك الخبر

كاميل غيل*

ولد المؤرخ والفيلسوف الألماني أوسفالد شبينغلر (1880 – 1936) في عائلة برجوازية، حيث طور نفسه في الأمور العلمية، ملتحقاً بالجامعة، واختار الدراسة في مختلف المجالات، وضمن مناطق متعددة كميونيخ وبرلين وهالي. وفي سبتمبر/ايلول من العام 1913، نشر كتابه الأول بعنوان “انحدار الغرب”. هذا الكتاب، بوصفه برنامج عمل مميز، جلب له شعبية كبيرة في وقت بدأت فيه الكوارث العالمية بالظهور. وبعد المتابعة، وجد شبينغلر أن أغلب قرائه هم من طبقة الفنانين والمؤلفين والفلاسفة، الذين كان لديهم العديد من التحفظات على طريقة عمله وأساليبه.

ومع ذلك واستناداً إلى أساليبه تلك، اشتق شبينغلر مفهومه لـ “التغيير الإجتماعي الدوري”، إذ اعترف بالحضارة ككائن حي محدداً تطورها على هذا الأساس في إطار عملية من ثلاث مراحل: الولادة، الإنحلال، الإختفاء. هذا المنظور أثر على فهمه للتاريخ، حيث رفض “النموذج الخطي” للتاريخ (نموذج يحافظ على تصوير التاريخ كخط يمتد من بداية ما قبل التاريخ إلى نقطة غير محددة في المستقبل والتي ستشكل في الوقت نفسه أعلى مرحلة من التطور البشري). بدلاً من ذلك، جادل لصالح دائرة مغلقة من الأحداث الملموسة التي، وفي كل مرة، كانت تحدد الميصر الذي لا يمكن التغلب عليه أو الذي لا يمكن تغييره.

بالنظر إلى كتابات شبينغلر، وقبل كل شيء نظرياته، يمكن القول بأنها كانت مناسبة تماماً لسياق عدد من الأحداث. لقد شكل مفهوم التغيير، بغض النظر عما إذا تم اختباره في مجالات الحضارة أو الثقافة أو العلاقات الدولية أم لا، الموضوع الرئيسي للأزمنة التي نعيش فيها حالياً إذ يمكن الشعور به، إلى حد ما، في كل مجال من مجالات الحياة البشرية تقريباً. وعلى الرغم من أنه لا يزال من الممكن كتابة الكثير حول هذا الموضوع بالإستناد إلى أعمال هذا الفيلسوف الرائع، إلا أنه يبقى المفتاح الذي يمكن أن نفهم ونقبل من خلاله الطابع الحتمي للتغيير الذي يحدث.

وانطلاقاً من نظرية شبينغلر حول التحول الإجتماعي وعند تحليل الموضوع أكثر بالطرق العلمية الممكنة، يمكن وصف الحالة الراهنة للعلاقات الدولية على أنها نوع من التنافس، بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية والإتحاد الروسي، الذي يضيفه الخبراء عليها. فعند النظر إليها، تظهر الولايات المتحدة كقوة عظمى مسيطرة، تدافع عن الوضع الراهن الحالي الذي، ومن الناحية العملية منذ بداية الحرب الباردة، تعتبر هي مهندسته الوحيدة والمستفيد الرئيسي منه.

وبالنظر إلى الصين، يمكن القول بأنها قوة عظمى “تنقيحية”، بسبب أوضاعها السياسية والإقتصادية والإيديولوجية المتنوعة، لديها استياء عميق لكونها ترى بأنها عاشت قرناً من “الذل والعار”، ناهيك عن اقتناعها بأن النظام العالمي الحالي لا يقلل من قوتها فحسب، ولكنه لا يضعها في مكان القوة المناسب لها ضمن التسلسل الهرمي للنظام كونه لا يوفر لها الظروف المناسبة من أجل الإرتقاء الى مزيد من التطور والتنمية.

مثل هذا الوضع يبدو مغرياً بالنسبة لروسيا أيضاً، التي استطاعت حل مشاكلها الداخلية بعد تغير النظام فيها لا سيما منذ عقدين، إذ تسعى جاهدة إلى استعادة الحالة الإمبراطورية التي كان عليها الإتحاد السوفياتي سابقاً. في الواقع، تظهر العلاقات بين هاتين الدولتين متقاربة ضمن مصالح معينة، خصوصاً لجهة معارضتهما لسياسات الولايات المتحدة، على الرغم من أنه لا يمكن الإفتراض بأن الإجماع والتوافق موجود في كل السياسات والتفصيلية بينهما. وهنا، يجب أن التذكير بأن لكل طرف منهما أجندته الخاصة واستراتيجيته المختلفة عن الآخر، فالعلاقة بينهما يمكن وضفها بأنها “زواج مصلحة”، والذي يبرم لهدف محدد ونادراً ما يستمر ومن ثم ينهار بمجرد تحقق ذاك الهدف. من خلال تلك العلاقة، يتبين بأن الصينيين يستفيدون أكثر من الروس، حيث تعمل موسكو، من خلال كونها شريكاً اقتصادياً وسياسياً لبكين، بمثابة “ستارة” لحرف انتباه العالم بعيداً عن انشطتها على الساحة الدولية.

من هنا، يمكن الخروج بالإستنتاج التالي وهو أن التغيير الحالي في العلاقات الدولية يتم من خلال “صدام الإمبراطوريات”. بالطبع، هذا المصطلح أقرب إلى الصحافة منه إلى الأكاديميا. وهذا الإستنتاج لا يجب فهمه من الناحية العسكرية (على الرغم من أن مثل هذا التنافس يمكن أن يتحول تدريجياً إلى “حرب بالوكالة” والتي سنتحدث عنها لاحقًا)، بل كحالة قائمة بموضوعية من الصدام الديناميكي بين المصالح المتعارضة لهؤلاء الأطراف. نحن ندرك أن الوصف الشامل لعامل الصدام يتجاوز إطارهذه الدراسة، وأن أية محاولة لإجراء تحليل أكثر دقة لن يمثل سوى جزءاً غير كامل من الواقع. وبالتالي، يجدر البحث في إجراء تصنيف أولي للعلاقات الموجودة حالياً.

في المجال الإقتصادي

يبقى الكثير من تلك الأحداث في الظل، بعيداً عن متناول الرجل العادي ومن دون أية تأثيرات مرئية في الحياة اليومية، إلا أن مجموعها يظل وثيق الصلة مع أحداث أخرى مشابهة. من أبرز هذه الأحداث، صراع الإمبراطوريات على إلغاء ظاهرة “الدولرة”. هنا، يمكن الإشارة إلى أن سعي العديد من الدول للتقليل قيمة الدولار الأمريكي في التعاملات الدولية، إذ تتخذ كل من الصين وروسيا، على سبيل المثال، خطوات ثنائية فعالة لإستخدام اليوان في تسديد المدفوعات الدولية، حيث أنه بدأ استخدامه بالفعل بين الصين والدول الإفريقية النامية، وفي شراء النفط القادم من روسيا، ومؤخراً مع إيران بسبب تجديد العقوبات الأمريكية بعد انسحاب واشنطن من الإتفاق النووي. فالهدف من ذلك يكمن في تقويض مكانة الولايات المتحدة ضمن النظام النقدي الدولي، والذي سينعكس مباشرة على حالتها الإقتصادية، وقدرتها التنافسية للصادرات في الأسواق الخارجية.

في المجال التكنولوجي

هناك أمران يجب التطرق إليهما بشكل خاص وهما الخلافات التي تطرحها شركة هوواي، بالإضافة إلى برنامج تطوير الأسلحة الفائقة لسرعة الصوت، الذي لا يمكن اكتشافه بواسطة أنظمة الرادار.

فيما يتعلق بالمسألة الأولى؛ أثار الأمريكيون تحفظات على المعايير الداخلية للشركة (في الصين لا يوجد قانون تنظيمي لحماية خصوصية البيانات التي تم جمعها التي، في حالة تطبيق نظام الـ 5G، يمكن أن تكون ذات طابع استراتيجي)، واستطاعت بنجاح استبعادها من المحلية الأسواق (على سبيل المثال كندا واليابان وأستراليا). وفي بولندا، تم إلقاء القبض على عامل صيني من الشركة بتهمة التجسس.

أما بالنسبة إلى المسألة الثانية؛ أن الأسلحة الفائقة لسرعة الصوت (وهو مشروع متتطور في الصين، وحتى روسيا التي تعتبر أكثر تطوراً من الولايات المتحدة في هذا المجال)، ستسمح لدولة معينة بإكتساب ميزة استراتيجية في ساحة المعركة في المستقبل، حيث سيكمن محدد النجاح الرئيسي في إمكانية تدمير الأهداف المحدد بسرعة فائقة.

في المجال السياسي

إن الصدام في هذا المجال من شأنه أن يتمحور وبوضوح حول “طريق الحرير” الجديد. أن اعتماد هذا المشروع الضخم، لا سيما في مجال البنى التحتية، ليس الهدف منه تحقيق مكاسب اقتصادية ملموسة وحسب، ولكن تقوية لـ “المملكة الوسطى” وتعزيز تأثيراتها في العالم في تحدٍ واضح للنموذج الأمريكي المجتمعي على مختلف المستويات.

من خلال هذا التحليل، يمكن الإشارة إلى مسألة “الحروب بالوكالة” (التي تعتبر المرحلة اللاحقة من الحروب الأهلية التي تحدث في أماكن غير مستقرة سياسياً وتوجد فيها مصالح للدول الكبرى)، وأبرز مثال على ذلك هو الحرب الأهلية الدائرة في سوريا بين الرئيس السوري، بشار الأسد، و”المعارضة”، إذ تحولت إلى حرب بالوكالة بتداعيات عالمية، بينما هي في الواقع حرب بين روسيا (مدعومة من إيران وحزب الله) والولايات المتحدة (بدعم من فرنسا والعديد من دول الغرب) على نطاق واسع.

مثل هذا التصنيف يسمح بالتطرق إلى أمرين مهمين. الأول؛ حتى وقت ليس ببعيد، نفذت الولايات المتحدة، التي ما زالت تسترشد عملياً بمذهب الحرب الباردة، أنشطة تهدف إلى قمع نفوذ روسيا خاصة داخل أوروبا الشرقية والشرق الأوسط. حالياً وعلى الرغم من تكثيف الخطاب الرسمي العام، يبدو أنها تعيد توجيه اهتمامتها نحو شرق آسيا. لا يأتي ذلك فقط بسبب الأهمية المتزايدة لهذا الجزء من العالم، ولكن بسبب الخطوات الأكثر جرأة التي اتخذتها الصين في تلك المنطقة (أي فيما يتعلق بالنزاعات على بحر الصين الجنوبي). وهنا يمكن الإشارة إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعيد توجيه السياسة الخارجية الأمريكية نحو شرق آسيا بشكل “أحمق”. وفي الشرق الأوسط، استفادت روسيا من هذه السياسة حيث استطاع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استخدم الوضع السوري لكسر عزلته الدولية بعد ضم شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني.

هنا، يمكن ملاحظة اختلاف كبير في نموذج التعامل بين كل من روسيا والصين. في حيت تسعى كلتا الدولتين الى التغلب على التأثيرات الأمريكية في مجالات مختلفة عبر استخدام طرق مختلفة، تفضل الصين إدارة الأزمة من خلال إجراءات سياسية “ناعمة” خلف الكواليس، في حين أن روسيا لا تتوانى عن اللجوء إلى الإجراءات العسكرية الهجينة. هذا التناقض يكشف لنا جوهر العلاقة التي تربط بين البلدين. وهذه الأنشطة الروسية والصينية، لا سيما عند الحديث عن التعارض مع الولايات المتحدة، تكمل بعضها بعضاً بالفعل؛ فالصين تستفيد كثيراً من سياسات روسيا، حيث يبدو أنها “تشتري” وقتاً اضافياً إلى حيث مجيء اللحظة التي ستضطر فيها إلى التعامل مع الأزمات الدولية بشكل مباشر أكثر.

أما على الجانب الروسي، يمكن القول بأنه ومن المؤكد أن موسكو تدرك هذا الخلل في علاقتها مع بكين، إذ لا ينبغي الإفتراض بشكل أعمى بوجود توافق دائم بينهما. وبالتالي، تبقى هناك غرف للتفاوض تستطيع واشنطن الإستفادة منها لجذب روسيا إلى جانبها.

بالتالي، يمكن القول بأن للإمبراطوريات حلفاء بالطبع (القوى الإقليمية – الدول الثانوية) تستخدمهم لتحقيق أهدافها، لكن علاقتها بهم لا تفسر أبداً على أنها استراتيجية أو أنها تفوق ميزان القوى بينهم وبين منافسيهم مباشرة. هذا الأمر يقودنا إلى الإستنتاج بأن الإمبراطوريات لها هدفان رئيسيان على الساحة الدولية: التفوق على المنافسين الأساسيين، وعدم السماح لهم بتعزيز قوتهم لدى اللاعبين الإقليميين. لمزيد من الشرح، قد يكون التأثير المتزايد في كل من إيران وسوريا مثالأً لتوضيح الفكرة. فمع تقدم الجيش السوري وحلفائه الإيرانيين في الميدان، تظهر إمكانية إنشاء جسر بري يربط طهران، عن طريق العراق وسوريا ولبنان، بالبحر الأبيض المتوسط ​مما يعزز قوتها ونفوذها الإقتصادي والسياسي. هذا الأمر، جعل الولايات المتحدة تتصرف على الفور، فأنشأت قاعدة “التنف” العسكرية، في منطقة استراتيجية على الحدود بين العراق وسوريا. كذلك، عدلت روسيا من قواعد اشتباكها في بعض المناطق السورية، الأمر الذي حرم إيران من الدعم الجوي والمظلة السياسية الواقية.

أين أوروبا؟

لا توجد في العناوين الرئيسية لصورة جديدة للعالم، التي قدمناها أعلاه، أية مشاركة أوروبية (إذ لم نحسب الخلاف حول نشاطات شركة هوواي). في غالبية التشابكات التي تحدث في العلاقات الدولية حالياً، من المهم اعتبار الإتحاد الأوروبي هو الأساس، لا أن يكون موضعاً لتفيذ سياسات القوى العظمى. فبلدانه، تتأثر بـ “إمبراطورية معارضة” بشكل متبادل ما يؤدي إلى تعميق الفوضى المؤسساتية ويضاعف من ركودها التدريجي. من هنا، يتم تحريك مشروع “مبادرة البحار الثلاثة” البولندي (مع العلم أن لا فرصة حقيقية لتنفيذه) مدعوماً من الرئيس ترامب بهدف واحد وهو إنشاء سوق للغاز الطبيعي المسال؛ وبالتالي ممارسة الضغط على روسيا سواء لجهة التلاعب بأسعار الغاز، أو عن طريق مشاريع مثل “السيل الشمالي – 2″، والتي ستقسم أوروبا إلى شرق وغرب مما يجعل تنفيذ السياسات التجريبية في هذا المجال أسهل بكثير.

خلال الحرب الباردة، كان هناك “حركة عدم الإنحياز”، الموازِنة ما بين أنشطة الكتل السياسية المتخاصمة، التي إعتبرت العامل الوحيد في منع نشوب صراعات مسلحة واسعة النطاق. ولكن لا يمكن مقارنة ما يحدث اليوم من “صراع الإمبراطوريات” مع ما حدث في تلك الحقبة، على الرغم من التشابه الكبير ما بين الحقبتين، الحالية والسابقة.

من خلال ما سبق، تبدو الحاجة ملحة لإيجاد حالة ثالثة ليس فقط للوقوف في وجه أطماع القوى الكبرى، بل أيضاً تكون قادرة على مواجهة أنشطتها بفعالية من خلال تأمين سيادة أعضائها، والقتال من أجل مصالحها على نطاق عالمي. لذلك، يجب الإشارة بوضوح إلى أنه لا توجد دولة في أوروبا قادرة بشكل فردي على حماية استقلالها، كما لا يمكن الركون إلى أي برنامج سياسي خارجي لأي من “الإمبراطوريات” على الإطلاق بسبب الخلل في ميزان القوى الذي سيؤدي حتماً إلى عدم المساواة في التعاطي المتبادل، بين الإمبراطوية والدولة.

أخيراً، لن نستطيع تأمين مستقبلنا ذاتياً، في ضوء الواقع الحالي، بل سنعمل لمصالح أخرى وهي بالطبع مصالح الولايات المتحدة، إذ أن أوروبا غير قادرة على التصرف بشكل مستقل بسبب العديد من الأزمات، كأوكرانيا ودول البلطيق.

ومن أجل مواجهة الإفلاس السياسي الواضح لجميع المنظمات في عصر “صراع الإمبراطوريات”، يمكن الكشف عن الحاجة التاريخية لكتلة نشطة موحدة في السياسة العالمية. بالطبع، لا يستطيع الإتحاد الأوروبي تحمل هذه المسؤولية بمفرده لكونه يتعرض للعديد من التأثيرات، أهمها على الصعيد الإيديولوجي الليبرالي في ظل العديد من “الهزائم” الخطيرة التي تعرض لها كخروج بريطانيا منه عبر “البريكسيت”، ومسألة الهجرة واللجوء، وعدم القدرة على تبديد الفجوة بين بلدان الإتحاد القديمة والجديدة، والبيروقراطية التي يجب أن يوقف العمل بها من أجل إفساح المجال أمام نموذج جديد للتكامل الأوروبي. لذلك، من الضروري وضع نظام يأخذ في الإعتبار هوية أعضائه، وإدراكها على النحو الواجب من أجل ضمان بقائه في ظل ظروف العولمة.

*باحث في العلاقات الدولية – بولندا.

المراجع:

  1. Adinolfi, Podbić Brukselę!, EurHope, retrieved from:

https://www.eurhopethinktank.eu/pl/articles/podbic-bruksele (26.03.2018).

  1. Adinolfi, Imperium, EurHope, retrieved from:

https://www.eurhopethinktank.eu/pl/articles/imperium (26.03.2018).

  1. Oliver, Myśl Oswalda Spenglera; krytyka i hołd, Portal 3droga.pl, retrieved from:

http://3droga.pl/idea/revilo-oliver-mysl-oswalda-spenglera-krytyka-i-hold/  (26.03.2018).

  1. Bartyzel, Oswald Spengler, Myśl Konserwatywna, retrieved from:

https://myslkonserwatywna.pl/oswald-spengler/ (26.03.2018).

  1. Repetowicz, Al-Kaim; klucz do granicy z Syrią i szlaku z Iranu nad Morze Śródziemne, Defence24, retrieved from:

 https://www.defence24.pl/irackie-al-kaim-klucz-do-granicy-z-syria-i-szlaku-z-iranu-nad-morze-srodziemne (26.03.2018).

  1. Dębiec, J. Groszkowski, M. Bogusz, J. Jakóbowski, Czesko-chiński spór o Huawei i ZTE, retrieved from:

 https://www.osw.waw.pl/pl/publikacje/analizy/2019-01-17/czesko-chinski-spor-o-huawei-i-zte (26.03.2018).

  1. Pieraccini, How Russia and China gained a strategic advantage in hypersonic technology, Strategic Culture Foundation, retrieved from:

https://www.strategic-culture.org/news/2018/05/21/how-russia-china-gained-strategic-advantage-in-hypersonic-technology.html (26.03.2018).

Europę uratuje tylko Imperium – rozmowa z Tomaszem Gabisiem, Nowa Konfederacja, retrieved from:

https://nowakonfederacja.pl/europe-uratuje-tylko-imperium/ (26.03.2018).

مصدر الصور: يورو نيوز – الحرة – دي دبليو.


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •