حوار: سمر رضوان
وصلت العلاقات الروسية – الصينية إلى مستوى غير مسبوق، ليس آخرها توقيع إتفاقية تطوير “الجيل الخامس” من الإنترنت في روسيا، إلى جانب بناء الاتحاد الأوراسي الإقتصادي مع المبادرة الصينية “حزام واحد وطريق واحد”، حيث تم التوقيع على حوالي 30 وثيقة، بالإضافة إلى واحدة مهمة تتمحور حول تعزيز الإستقرار الإستراتيجي.
عن زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى موسكو ونتائجها وأبرز أعمال “منتدى سان بطرسبرغ” الاقتصادي الدولي، سأل مركز “سيتا” الأستاذ أندريه أونتيكوف، المتخصص في العلاقات الشرق أوسطية من موسكو، عن هذه المواضيع.
تمتين التعاون
إن التعاون الصيني – الروسي بدأ منذ زمن بعيد، وما يحدث اليوم هو تقوية لهذا التعاون خاصة بعد العام 2014، عندما انضمت شبه جزيرة القرم إلى الإدارة الروسية. فبعدما فرضت الدول الغربية والولايات المتحدة العقوبات على روسيا، بدأنا نشهد الإنعطافة الروسية نحو الشرق، ليس فقط الصين، بل دول نحو منظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة دول البريكس. فهذه الزيارة هي عبارة عن تقوية للتعاون، وبحث النتائج خلال السنوات الخمس الأخيرة.
أما عن الحديث عن امتناع الصين عن تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، فكل ذلك يأتي في إطار الحرب التجارية والإقتصادية ما بين الصين وأمريكا، وبصراحة، هناك علاقة ضعيفة ما بين التصريحات الصينية وما بين زيارة الرئيس الصيني إلى موسكو، لكن في نفس الوقت نشاهد تعميق التعاون بين روسيا والصين، وبذات الوقت نشاهد توتر العلاقات الأمريكية – الصينية. بإعتقادي، إذا لم تجد كل من أمريكا والصين حلا لهذا التوتر، فسنشهد مزيداً من تعميق التعاون بين بكين وموسكو، وهذا أمر طبيعي.
إستراتيجية جديدة
أود أن أشير إلى أن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في إنطلاق أعمال المنتدى، ومعه وزير الخارجية سيرغي لافروف والعديد من كبار الساسة الروس، ليست الأولى من نوعها خصوصاً ما نشهده اليوم من معاقبة الولايات المتحدة للدول من خلال العقوبات الإقتصادية والدولار، وهو ما يدفع بعض الدول إلى إيجاد استراتيجيات جديدة. على سبيل المثال، تجري روسيا حالياً مباحثات ومشاورات مع عديد من الدول، بينها الصين وإيران وغيرهما، للبدء بعلاقات اقتصادية جديدة بعيدة عن هيمنة واشنطن تستخدم فيها العملات الوطنية لكل دولة عند القيام بأية تبادلات تجارية مشتركة.
ولكن بإعتقادي أن هذا الأمر لو تحقق فإنه لن يقضي على المشكلات القائمة في وقت قريب ولكنه سيحد من دور السياسة الأمريكية “التخريبية” في وقت أدركت فيه جميع الدول بأنها يجب أن تجد وسيلة للحد من هذا الخطر، فالتبادل التجاري والتعامل بالعملات المحلية يأتي ضمن الإستراتيجية التي أعلنت عنها روسيا خلال السنوات الأخيرة، أي الإنتقال من عالم أحادية القطب، إلى عالم متعدد الأقطاب.
على ما يبدو أن هناك دولاً عديدة لا يمكن أن تستمر بالموافقة على الهيمنة الأمريكية الكاملة في العالم، وهي تريد إيجاد شركاء آخرين. لكن هذا لا يعني أننا سنشهد بروز قطب جديد مقابل، على غرار الإتحاد السوفياتي، بل على العكس نحن بحاجة إلى أقطاب قوية، منها أوروبا ودول شنغهاي والبريكس كما ذكرت أعلاه، وأمريكا نفسها، فنحن لا نريد تدمير أمريكا بل نحن بحاجة لفلسفة جديدة في العلاقات الدولية.
إهتمام عربي
أستطيع أن اؤكد 100% بأن روسيا في مرحلة تعميق التعاون مع الدول العربية بشكل كبير، فمشاركة الأخيرة القوية في “منتدى سان بطرسبرغ” لم تكن من أجل المشاركة فقط بل التعرف على برامج التعاون المحتملة. وهنا يمكن ذكر العديد من البرامج التي شاهدناها سابقاً، كبناء المنطقة الإقتصادية والسعي إلى بناء محطة كهربائية نووية في مصر، إضافة الى المشاركة العميقة مع سوريا حيث يتم بذل الكثير من الجهود لمساعدتها في مسألة إعادة إعمارها.
كما يمكن القول بأن هناك إهتمام متزايد من قبل دول الخليج للبرامج المختلفة، وهناك الإستثمارات السعودية في الإقتصاد الروسي، فقد تم تشكيل صندوق للإستثمارات المباشرة في روسيا، ويتم استخدامه من قبل كل من السعودية والإمارات. إن الدول العربية تدرك جيداً بأن روسيا قادرة على الإستثمار والتجارة مع الدول العربية إذ أن هناك ضمن تعاون عميق يتطور، يوماً بعد يوم، بعيداً عن الخلافات أو الرؤى المختلفة حول بعض القضايا المختلفة، لا سيما تلك في الشرق الأوسط.
مصدر الصورة: إرم نيوز.