حوار: سمر رضوان

إن الحقب الوزارية التي مرت على العراق بأجمعها تحكمها قواسم مشتركة مهمة وأساسية تشكل منطلقات العملية السياسية فيه، وفي مقدمتها القاسم المشترك الأهم، كونه يأطِّر عمل وأداء جميع هذه الحقب الوزارية ومراحلها ويحكمها، أي المحاصصات الطائفية وصراع الفرقاء السياسيين على سلطات الدولة بشدة وهي صراعات وتوافقات غير دستورية أحياناً.

عن إتمام تشكيل الحقائب الوزارية والخلاف على بعض الأسماء المقترحة من قبل البعض في البرلمان العراقي، وتأثير ذلك على حكومة العراق وأداء مهامها بما في الخير للشعب العراقي، سأل مركز “سيتا” الأستاذ طالب قاسم الشمري، الكاتب السياسي والإعلامي العراقي حول هذا الموضوع.

ظروف إستثنائية

إن الملف الأمني المضطرب، بسبب الحروب المذهبية الطائفية العنصرية، انعكس على جميع الملفات الوطنية، الإرهاب بشكل عام وتنظيم “داعش” الإرهابي الذي هدد العراق وسوريا بشكل خاص، والمنطقة والعالم عموماً. بالمختصر الشديد، إن جميع الظروف الاستثنائية وتحدياتها ما زالت قائمة لأن أداء الحكومات برمتها ضعيف، وهذا الضعف للحكومات المتعاقبة هو نتيجة لضعف أداء البرلمان بدوريه التشريعي والرقابي.

إن تراجع دور البرلمان هذا أنتج حكومات متعاقبة ضعيفة التصريف لمهامها ومسؤولياتها، متلكئة في أدائها، وهناك ترابط جدلي طردي بين دور البرلمان والحكومة، لأن نجاح السلطة التنفيذية يأتي من خلال نجاح البرلمان لأدائه دوره الرقابي بنجاح، وهو الأكثر فاعلية في التأثير على نجاح مهام الحكومة.

أيضاً، ليس الدور الحكومي، أي دور السلطة التنفيذية، هو المؤثر في تفعيل دور البرلمان ودعمه في تجاوز الخلافات ومواجهة التحديات، فلابد من التناغم الإيجابي لأن هذا التناغم بين أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية له انعكاساته وإفرازاته المهمة في تصريف الملفات الوطنية التي ما زالت عالقة.

توزع الولاءات

إن تعزيز دور البرلمان وقدرته وفاعليته يأتي من التمسك بالدستور وتفعيل دوره وتطبيقه بشكل حقيقي  وعدم تجاوزه أو خرقه من قبل الكتل السياسية. اليوم، إن التوافقات السياسية والمحاصصات غير الدستورية بين قادة الكتل هي التي تضعف دور البرلمان وتحجم قدراته وليس الحكومة. نعم، للحكومة دور كبير مهم وأساسي، فعندما تتشكل من كابينة وزارية علمية مهنية، أعضائها أصحاب خبرة وتجربة وثقافة مهنية خاصة وقادرة على القيادة واتخاذ القرارات، سوف يعزز دور البرلمان حتماً، لكن الأخير غير قادر على الفعل بسبب توزع ولاءاته  بين الكتل  السياسية من خلال التزام أعضائه بتعليمات كتلهم السياسية، ومتأثراً بصراعات هذه الكتل وانسجامها وتوافقاتها وتناغم مصالحها.

بالمختصر، لا توازن للوضع العراقي الداخلي ما لم يتم التوازن الحقيقي بين البرلمان والحكومة من خلال التفاهمات الدستورية بين الكتل السياسية الوطنية وأحزابها وبعيداً عن كل الضغوطات والتدخلات الخارجية.

نصاب ناقص

ما زالت كابينة رئيس الوزراء العراق، عادل عبد المهدي، الحكومية غير مكتملة تنقصها حقيبة وزارة التربية، فعبد المهدي لم يتمكن من تعيين وزير واحد. كما أعلن عن حريته في اختيار كابيتنه الوزارية وهو يخضع بالمطلق لمحاصصة الكتل السياسية، وخير دليل على ذلك ما صرح به عبد المهدي، لمجموعة من وسائل الإعلام عشية التصويت على إكمال كابينته الوزارية قبيل الذهاب بها إلى البرلمان، بوجود تحديات داخلية كبيرة لا تقل أهميتها عن التحديات الخارجية.

هذا يعني أن هناك حاجة إلى أكثر من توافق سياسي، لأن مرشحيه للدفاع والداخلية كانا من أبناء هاتين الوزارتين الذين عايشوا أحداثها منذ الإحتلال حتى اليوم، ولم يأخذ بها البرلمان، أي الكتل السياسية، لأن للمحاصصة أحكام فاعلة وما زالت سارية، وهذا ما يؤكد خضوع حكومة عبد المهدي للضغوطات.

ملفات عالقة

هناك العديد من الملفات الكثيرة العالقة والمعطلة منذ تشكيل أول حكومة حتى حكومة عبد المهدي. ملفات ترحَّل من حكومة إلى أخرى بدون حلول، يعني الهروب إلى الأمام وهو ما لا يصب إستراتيجياً في صالح العراق.

هذا الأمر، جعل آفة الفساد تكبر وتتضخم، وهو ملف يتصدر جميع الملفات التي بحاجة إلى معالجة جذرية من قِبل جميع الكتل السياسية بشكل فاعل وحقيقي، فلرئيس الوزراء دور أساسي كبير في ذلك، دور يقترن بإتخاذ قرارات شجاعة وحاسمة في إعلان الحرب على الفساد وتجفيف منابعه من مصادره الأساسية من أجل تحقيق الإصلاح  في العراق.

  ترشيح أسماء ولكن!

في الحقيقة، لا يوجد ما يسمى بـ “الإجماع السياسي” على تمرير حقيبتي الدفاع والداخلية، ولا توجد هكذا ممارسة برلمانية بالكامل أو بالمطلق وفي كل الخيارات، بل هناك تمرير بزيادة نسبية في الأصوات لمرشحي التوافقات المحاصصاتية، ولم يأخذ بأسماء المرشحين التي طرحت من قبل عبد المهدي.

أما القبول والرضى، فيأتي من منطلقات مصالح الكتل والأحزاب السياسية وهو الآخر متفاوت على الرغم من تمرير الأسماء.

مصدر الصور: middle-east-online.