حوار: سمر رضوان

يرى العديد من الخبراء الإقتصاديين بأنه لا توجد حلول إسعافية حقيقية تنفع الواقع السوري اليوم، فالأزمة ليست في بدايتها حتى نعالجها بحبوب إلتهاب أو مسكنات، بل هي تتأزم بطريقة باتت تحتاج فيها إلى عمليات جراحية دقيقة، وأهم عملية جراحية لأزمة الإقتصاد تكمن في الدعم الحقيقي للإنتاج؛ فبدون إنتاج حقيقي، لا خلاص من الأزمات.

عن الواقع الزراعي في ظل الأزمة السورية وإرتداداتها على الواقع الإقتصادي، سأل مركز “سيتا” الدكتور أحمد أديب أحمد، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين، عن الحلول الممكنة للنهوض بهذا القطاع.

توجيه الإستثمارات

يكفي اتخاذ قرارات خدماتية لا تغني ولا تسمن من جوع، فماذا ينفع الإهتمام بخدمات السياحة الداخلية ونحن نعاني من توفر المنتجات اللازمة لحياة المواطن؟ يبدو من الضروري اليوم العمل على توجيه الإستثمارات الزراعية والصناعية لإنتاج ما هو مطلوب في هذه المرحلة من أجل تحقيق اكتفاء ذاتي قدر الإمكان والإستغناء عن استيراد المواد التي يمكن إنتاجها محلياً.

هذا الأمر لا يتعلق فقط بالإكتفاء الذاتي، إنما يساهم بدعم العملة الوطنية واستقرار سعر الصرف من خلال عدم تسرب العملة الأجنبية للخارج بفعل الإستيراد، وهذا أمر مهم جداً في هذه المرحلة. ماذا عن معامل النسيج والورق مثلاً؟ ولماذا نستورد الأقلام التي نكتب بها؟ ماذا عن معامل الكونسروة؟

توزيع عادل

نحن بحاجة إلى دعم لا متناهي للإنتاج الزراعي والصناعي فيما يخص الصناعات الغذائية والأساسية، وأركز هنا على دعم الإنتاج الزراعي من خلال توزيع البذور والأسمدة والأعلاف بأسعار الكلفة، وشراء المنتجات من المزارعين لتوزيعها على باقي أفراد الشعب بشرط عدم استغلال المزارعين كما حصل في موضوع الحمضيات.

إن الأراضي الزراعية مهملة بسبب عدم القدرة على الإعتناء بها مادياً، أو عدم توفر اليد العاملة لأن معظم شبابنا في الجيش والقوات المسلحة. فلماذا، مثلاً، لا تُتخذ قرارات بضمان الحكومة للأراضي من المزارعين الذي لا يعملون لها وتشغيل يد عاملة بعقود مياومة مما يحل جزئياً مشكلة البطالة ويزيد الإنتاج ويحرك العجلة الإقتصادية الميتة في البلد؟

يضاف إلى ذلك المساحات غير المستغلة والتي يمكن زراعتها. فإن لم تكن مملوكة لمزارعين، فلتقم الدولة بالتعاقد مع عمال مياومين لزراعة كل شبر يمكن زراعته، وبهذا تضمن أمرين مهمين وهما: المساعدة في تخفيف مشكلة البطالة، وزيادة حجم الإنتاج؛ علماً أن هناك الكثير ممن أدوا الخدمة الإلزامية والإحتياطية وسرحوا وهم ينتظرون فرصتهم في التوظف لدى الدولة، إذ يشكل هذا التوجه فرصة سانحة وقليلة التكاليف، بحيث أنها تضمن الإنتاج والعمالة الحقيقية وتقضي على البطالة الظاهرة والمقنعة.

إن الإنتاج الزراعي هو الحامي للأمن الغذائي، لكننا لا نرى دعماً للمزارع، بل هناك عملية تدمير لهذا القطاع.

صياغة منهج مناسب

بإختصار، نحن بحاجة إلى عقول مفكرة ومبادرة في مواقع المسؤولية، لا جثث هامدة تنتظر أوامرها من السيد الرئيس للتحرك، وإذا تحركت تتحرك بتثاقل وبدون تفكير، فلا تنجز المهام الموكلة إليها كما يجب. إضافة إلى ذلك، يجب أن توجه الحكومة المشاريع الإنتاجية للحاجات الأساسية التي يعنى بها المواطن لتستغني عن استيرادها من الخارج، فالمسؤولين موجودون لخدمة الشعب، وليس العكس، وليتعلموا من السيد الرئيس، بشار الأسد، محبة الشعب وهو الذي قال يوماً “الله سوريا شعبي وبس”.

من هنا، لا يمكن استيراد منهج اقتصادي جاهز لسوريا بل يجب أن يصاغ هذا المنهج بما يتناسب مع الخصوصية السورية ذاتها.

مصدر الصور: العربي الجديد.