حسن الشاغل*

“البريكست” هو قانون ينظم عملية خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، وقد عقد بين الحكومة البريطانية وممثلين عن الإتحاد عدة مفاوضات من أجل عملية الخروج، وما يترتب عليها من صفقات اقتصادية وإعادة صياغة لقوانين عدة.

أبرز الدوافع

من أكثر الأسباب التي دفعت بريطانيا للخروج من بوتقة الإتحاد الأوروبي هو استنزاف مواردها المالية في دعم الدول الإتحاد الفقيرة على غرار ما حصل في أزمة اليونان الإقتصادية، حيث اضطرت دول الإتحاد إلى دعم أثينا، إضافة إلى إرتفاع معدلات الهجرة لدرجة كبيرة من دول الإتحاد إلى بريطانيا وخاصة من دول شرق أوروبا، كبولندا، حيث تقدر بنحو 3 مليون مهاجر، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة وتدني مستوى المعيشة في لندن.

ففي حال تم الإنفصال عن الإتحاد الأوروبي، سوف يؤدي ذلك إلى إعادة صياغة مئات الإتفاقيات القانونية التي تخص المواطنين البريطانيين والأوروبيين الذي يقيمون خارج حدود دولهم الأم. حيث يوجد أكثر من 1.3 مليون بريطاني مقيمين في دول الإتحاد الذين سيضطرون، إذا ما حصل الانفصال، للتسجيل على إقامات في الدول المتواجدين فيها، وسوف يعاملون معاملة الأجانب. أيضاً، إن الأوروبيين المتواجدين في بريطانيا سوف يطبق عليهم القانون ذاته، في حالة الإنفصال، أي سوف يكون هناك معاملات رسمية، كالحصول على تأشيرة الدخول – فيزا، وتكاليف إضافية، ومعاملات قانونية أخرى.

تفكك المملكة المتحدة؟!

هذا الإنفصال، إذا ما حدث، من الممكن أن يؤثر على وحدة الأراضي البريطانية، فإقليم اسكتلندا، على سبيل المثال، يرفض الإنفصال عن الإتحاد الأوروبي، الذي يشكل أهمية كبيرة لكونه يحتضن على أراضيه قواعد أمريكية نووية. هنا، يمكننا طرح السؤال الآتي: كيف ستنسق الولايات المتحدة مع اسكتلندا إذا انفصلت عن بريطانيا؟  

أما بالنسبة إلى الاقتصاد البريطاني، فسوف تعيش بريطانيا تداعيات سلبية إذ أن خروجها يعني إضطرارها لدفع مستلزمات مترتبة عليها تقدر بنحو 60 مليار يورو، مقابل هذا الخروج، كما أنها ستحرم من الوحدة الجمركية الأوروبية ومن السوق الأوروبية المشتركة. فوفقاً لقوانين الوحدة الجمركية والسوق المشتركة، يحق لكافة الدول تبادل السلع والخدمات من دون دفع رسوم وتأمين على نقل هذه البضائع، أي أنه لا توجد حدود لجهة عملية النقل ضمن دول الإتحاد.

لكن الآن وبالنظر إلى قوانين الوحدة الجمركية، سوف تتعامل كل دول الإتحاد الأوروبي مع لندن بشكل موحد لجهة فرض الرسوم والضرائب على دخول البضائع البريطانية إليها.

ركود إقتصادي

من المهم ذكره هنا بأن أكثر من 45% من الصادرات البريطانية تذهب إلى دول الإتحاد نفسه، ما يعني بأن خروجها منه سيؤدي إلى فرض ضرائب ورسوم على هذه المنتجات، كما ستتعرض هذه البضائع إلى التفتيش في الموانئ مما سيخلق ازدحاماً كبيراً، وهو ما سوف ينعكس بدوره على إرتفاع أسعار تلك السلع بحيث سترتفع قيمتها بشكل كبير ما يعني قيام دول الإتحاد بالبحث عن مصدر خر بديل لهذه السلع بقيمة وتكلفة أقل.

من خلال تلك المؤشرات، يبدو من المتوقع إنخفاض قيمة سعر صرف الجنيه الإسترليني إلى أكثر من 25% من قيمته الحقيقية، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم، ما سيؤدي إلى انخفاض في قيمة سوق العقارات، ونسبة المستثمرين بين الجانبين. ونتيجة لذلك، سوف تتعقد قوانين الإستثمار بين الطرفين، مما سيؤدي إلى ركود كبير في الإقتصاد البريطاني.

*باحث في العلاقات الإقتصادية الدولية

مصدر الصورة: سي.أن.أن عربية

موضوع ذو صلةغريفين: جونسون يفتح حقبة جديدة من تاريخ بريطانيا