شارك الخبر

حوار: سمر رضوان

لا يزال الجدل قائماً حول موضوع سد النهضة لا سيما مع قرب اكتمال البناء فيه، والتأثيرات المحتملة على مصر منه خصوصاً وان احد الخبراء المائيين المصريين قد اثار في احد مقابلاته بأن الرئيس المصري الراحل انور السادات قد ضرب انشاءات السد الاثيوبي بالصواريخ سابقاً.

من هنا، اجرى مركز “سيتا” حواراً مع الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وسلوكيات الاتصال، لاستشراف الموقف المصري من المفاوضات الجارية والآثار المستقبلية التي قد تتعرض لها مصر من جراء هذا الانشاء الضخم.

العلاقات الثلاثية على المحك

يرى الدكتور الزنط بأن “العلاقات المصرية الأثيوبية والعلاقات المصرية السودانية، والعلاقة الثلاثية جميعها على المحك الآن. ويعد سد النهضة هو الملف الأهم والقاسم المشترك بينهم جميعاً لكنه ليس السبب الوحيد لعلاقة ظلت طيبة لعقود طويلة من خلال الاتفاقات والمعاهدات تارة، ومن خلال الإلتزامات التى تفرضها الطبيعة والجوار والتاريخ الممتد بينهم، طوراً.”

ويشير الخبير المصري بأن “هناك أزمة عميقة بالفعل بين كل من مصر واثيوبيا بسبب الطموح الأثيوبي فيما يخص بنا هذا السد الذي يعد تاسع تاسع اكبر سد في العالم من حيث سعته حيث تفوق طاقته التخزينية الـ 75 مليار متر مكعب وهى سعة ضخمة وخطرة. هنا توجد عقبتان اساسيتان؛ العقبة الاولى، حول أمان السد. اما العقبة الثانية، حول فترة ملئة بالمياه. وما يزيد الامر تعقيداً أن اثيوبيا لم تحترم، بل خرقت، قواعد واتفاقات دولية، مخالفة بذلك نصوص القانون الدولي المنظمة للعلاقات بين دول المنبع ودول المصب وما بينهما.”

 

خرق الاتفاقيات المنظمة

وعن الاتفاقيات المنظمة لحوض النيل، يشير الدكتور الزنط بأن “هناك اتفاقيتان مهمتان، اتفاقية 1929 مع اثيوبيا و1959 مع السودان، وبموجبهما حُددت حصة مصر الثابتة والمستقرة المتفق عليها من المياه بـ 55 مليار متر مكعب سنوياً. كما نصت الاتفاقيتان على عدم الجواز لأي من دول الحوض في اقامة سدود أو منشآت على المجرى إلا بموافقة دول المصب أي مصر. لكن وبكل أسف، أستغلت اثيوبيا فترة الاضطرابات فى مصر وقامت خلسة بمحاولة انشاء سد النهضة. غير ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تمكن بحكمته من توعية وتنبيه الجميع إلى ان الماء بالنسبة لاثيوبيا تنمية تدعمها، اما بالنسبة الى مصر فهو حياة ووجود. وبالأمس حيث وصلت المفاوصات إلى طريق خاطىء أعلن الرئيس السيسي بأنه لن يستطيع أحد التأثير على حصة مصر من الماء؛ وهو تصريح يحمل رسالة للاشقاء فى اثيوبيا وأخرى لطمأنة الشارع المصري.”

وعن الاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه بين مصر والسودان واثيوبيا في العام 2010، يقول الدكتور الزنط بأن “خلاصة بنود الاتفاقية العشر تشير الى ضرورة الحفاظ على حقوق الجميع، وتدفع نحو ايجاد حلول الايجابية، والاتفاق على تعيين مكاتب استشارية لبحث الجانب الفني فى أمان السد الانشائى والبيئىي. ولكن مصر لاحظت ان هناك تلكؤ اثيوبي وتدليس سوداني فى التعامل مع ملف السد، وقد جاءت رسالة الرئيس لتذكر الجميع بخطورة اللعب فى هذا الملف الحيوي.”

مشاكل في التمويل

عن هذا الموضوع، يرى الخبير المصري بأن “اثيوبيا تعاني من أزمة تمويل حقيقية بعد ان تضاعفت التكلفة الحقيقية للسد عن التكلفة التقديرية التي تضمنتها دراسة شركة سابيني الايطالية المنفذة، اضافة الى الدور المصري في الضغط المباشر على العديد الحكومات العربية الممولة لبناء السد، مثل قطر، أو على رجال الاعمال، كالسعودية والكويت، وغيرهما.”

في المحصلة، يقول الدكتور الزنط “لقد تحول السد من فرصة نادرة للاستثمار المشترك إلى بؤرة خلاف قد تصل حد الصراع بين دول الحوض، ولن يتوقف عند حد مصر واثيوبيا، والمدهش ان هناك اصدقاء أفارقة يدعمون الموقف التاريخي المصري بينما يقف السودان الشقيق كحجر عثرة فى طريق هذا الحق. وبالتالي، ان ما يحدث مع مصر، بشأن هذا السد، قد يكوِّن سابقة خطرة تؤثر بشكل مباشر على أوضاع مشابهة في دول أخرى تتشارك في الأنهر منبعاً أو مصباً.”

الدور الاسرائيلي

وعن احتمال وجود دور لإسرائيل في الضغط على مصر في المستقبل من خلال هذا الموضوع، اشار الدكتور الزنط بأن “العلاقات الاسرائيلية – الأثيوبية علاقة مميزة وقديمة وقد حدثت هناك طفرة فيها بعد وفاة الرئيس المصري الأسبق انور السادات حيث توقف مشروع ترعة السلام الذي كان يعد شريان يوصل المياه إلى الأردن وفلسطين، وهو حلم راود الجميع آنذاك، لينتهي بإسرائيل. وقد كان من المتوقع ان تقوم، بالمقابل، اسرائيل بتطوير منابع النيل خاصة تلك الواقعة في هضبة الحبشة التي تعطي مياه سنوية يبلغ متوسطها 960 مليار متر مكعب، يذهب معظمها هدراً. المهم، ان حلم اسرائيل من مياه النيل تلاشى، ومنذ ذلك الحين بدأت بالتلاعب في ملف المياه عبر توطيد العلاقات مع اثيوبيا، خصوصاً اذا ما اخذنا موضوع موافقة اثيوبيا، بدور كبير قام به الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري، على نقل آلاف اليهود الفلاشا إلى اسرائيل، ومن بعدها والزيارات والاتفاقات والترتيبات لا تنتهي بين الدولتين. هذا النوع من الضغط، يمثل عامل تقوية لأثيوبيا تجاه مصر يصب لا شك في مصلحة اسرائيل.”

مصدر الصور: سبوتنيك


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •