السفير د. عبدالله الأشعل*

يقوم الكتاب على فكرة أساسية وهي أن هناك أدلة على أن أثيوبيا تتعمد التهديد الوجودي لمصر، فهي تدرك أن حجب المياه عنها سيؤدي إلى ذلك بدليل أن مكاسبها من السدود مادية، بينما تتكلف مصر وجودها ذاته. أيضاً، إختارت أثيوبيا النيل الأزرق، المورد الرئيسي لمياه مصر، لتبني عليه أربعة سدود حصيلة انتاج الكهرباء من مجموع سدودها ما يرجو على 50 ألف ميغاوات وهو رقم يكفي أفريقيا كلها.

صحيح أن الموارد المائية لأثيوبيا هائلة ولديها العديد من الأنهار الدولية والداخلية والبحيرات ومناطق مناخية متعددة، ولكن إدارة الموارد المائية فيها فقيرة للغاية، هذه هي النقطة الأولى.

أما النقطة الثانية التي يقوم عليها الكتاب، فهي الإستخفاف بمصر وبمصالحها في أفريقيا، لكونها لم تهتم بتأمين مواردها المائية الأساسية لوجودها، إذ يجب عليها أن تؤمن مسار نهر النيل، من منبعه إلى مصبه، وأن تولي هذه المسألة أولوية قصوى في سياساتها الخارجية. وعند رصدنا لسياسات الحكومات المصرية تجاه المسألة، وجدنا أن أثيوبيا تتلاعب بمصر، في “سد النهضة” بالتحديد، فهي تفعل ما تشاء وتسير في خططتها لـ “إبادة” مصر دون أن تكترث لها. من هنا، يمكن القول بأن سلوك الحكومة المصرية لا يتناسب مطلقاً مع خطورة الموقف الإثيوبي، بل أن مصر، وهي التي تدرك أن الولايات المتحدة منحازة لإسرائيل وأثيوبيا، طلبت وساطة واشنطن مما رسم علامة استهام كبيرة حول الموقف المصري هذا.

أما النقطة الثالثة التي عالجها الكتاب فهي الأسس القانونية التي تسند إليها حقوق مصر المائية في نهر النيل، وقد فصلناها في فصل خاص.

لقد قدمنا خطة كاملة للحكومة المصرية بضرورة الإنتقال من “الموقف الساذج” إلى موقف جاد تسمي فيه الأشياء بأسمائها الحقيقية وتكون أهلاً للدفاع عن حقوقها في مواجهة هذا التحدي الذي لن يختصر على “سد النهضة” بالإضافة إلى أن موقف السودان، الذي يبدو بوضوح بأنه يميل إلى أثيوبيا.

ومن أهم تلك التوصيات، مبادرة الحكومة إلى وقف عمليات التلويث الصناعي الحكومي لنهر النيل، ومكافحة “ورد لنيل”، والإستفادة منه لأنه يستهلك نسبة عالية من المياه، ثم ترشيد استخدام المتاح والبحث عن بدائل أخرى، والإستفادة الجادة من الأمطار الموسمية، إذ تردد بأن منطقة الساحل الشمالي تكفي أمطاره للوفاء بإحتياجات مصر كلها من القمح حيث تمت التجربة إبان حقبة الثورة. إن المطلوب هو إستقلال مصر بقرارها، وإيلاء هذه الملفات الحيوية إلى المتخصصون من أبنائها.

ما تجدر الإشارة إليه هنا أننا، وفي الفصل الأول، قدمنا معلومات كافية عن موارد مصر المائية القاصرة على نهر النيل وموارد أثيوبيا والدول الأخرى، ورددنا على كل الحجج الأثيوبية التي اتخذتها كذريعة لتنفيذ برنامجها “الإجرامي”. لذلك، كان يتعين على مصر أن تدرك أنها تدافع عن حقوق قانونية تستند إلى مختلف مصادر القانون الدولي لكي ترد أثيوبيا إلى جادة الصواب، فالقضية تتلخص في أن أثيوبيا تنتهك القانون الدولي لغرض محدد، تعمل له منذ مدة طويلة، وهو القضاء على مصر والمجتمع المصري، وهذا ما أكدته التقارير الفنية من مختلف اللجان التي أكدت على أنه يستحيل أن تحصل أثيوبيا على كل المياه وتحرم مصر من كل المياه.

يقع الكتاب في 120 صفحة، وهو صادر عن مطبعة “جزيرة الورد” – القاهرة، التي تقوم أيضاً بتوزيعه وتكفلت بتوزيعه.

*سفير سابق ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق.