حوار: سمر رضوان

كانت إستراتيجية الولايات المتحدة، خلال الولاية الثانية للرئيس السابق باراك أوباما، تتمثل في تشجيع السعودية على تكرار دورها، الذي قامت به خلال الثمانينيات، بإستخدام قدرتها لخفض أسعار النفط والسيطرة على السوق من أجل إعاقة المنتجين الروس. هذا المشهد يبدو أنه سيتكرر في عهد الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، الأمر الذي يدفع بروسيا تقديم تنازلات جدية لتقليل حجم الخسائر.

عن أهداف الدول المنخرطة في حرب أسعار النفط ومآلات ذلك على الاقتصاد العالمي وسط تراجع معدلات النمو وهشاشة منظمة أوبك، سأل مركز “سيتا“، الدكتور ألفرد الرياشي، أمين عام المؤتمر الدائم للفيدرالية والأستاذ الجامعي، حول هذا الموضوع.

تأثيرات سلبية

إن المستهدف من حرب الأسعار، بالدرجة الأولى، هو روسيا؛ فالجميع يعلم بأنها دولة منتجة وتمتلك إحتياطياً نفطياً ضخماً جعلها، خلال العشر سنوات الأخيرة، قوة مصدرة للنفط. بالتأكيد، هذا الأمر لم يرق للإدارة الأمريكية الحالية، التي بدأت بإنتاج النفط الصخري، وبالتالي جاء هذا التعاون مع السعودية لجهة قرار رفع الإنتاج من أجل التأثير على روسيا وحصتها السوقية.

في هذا الشأن، أود أن أشير إلى مسألة مهمة تخص النفط الصخري. إن إنتاجه بالدرجة الحادة التي وصل إليها لا سيما لجهة هبوط الأسعار، يتبين بأن كلفة الإنتاج النفط الخام العادي أصبحت توازي، إذا لم نقل أقل، كلفة إستخراج النفط الصخري. لكن كما أشرت سلفاً، إن الهدف الرئيس يكمن في التأثير على روسيا وأسواقها، بالإضافة إلى توسع دائرة التأثير تلك لتشمل عدداً من الدول الأخرى، كإيران وفنزويلا.

ومن أجل تعويض خسارتها من خلال مبادرة زيادة الإنتاج، قامت السعودية بزيادته مجدداً الأمر الذي تسبب في هلع بين المنتجين ما إنعكس على روسيا التي أبدت، وبشكل جدي أكثر، إستعدادها لتقديم تنازلات للطرف السعودي بداية، ومن يقف خلفه، أي الولايات المتحدة.

بالعموم، يمكن القول بأن عملية زيادة الإنتاج ستؤثر سلباً على الدول النفطية لجهة الناتج المحلي لديها، ما سيؤدي إلى تراجع في القدرة الشرائية ومعدلات النمو.

القوى البديلة

فيما يتعلق بالصين، فإنها تلعب دور المتفرج، أحياناً، كما تحاول، في ذات الوقت، خلق حالة من التوازن كونه لا تهتم إلى مسألة أن تكون روسيا قوة وتأخذ دوراً محورياً عالمياً لأسباب متعددة أبرزها وجود حدود مشتركة بين الدولتين؛ وبالتالي، إذا أصبحت موسكو قوة كبيرة أكثر مما هي عليه اليوم، هذا الأمر سيكون له إرتدادات سلبية على بكين بحيث سيشكل نوعاً من التهديد على نمو النفوذ الصيني. فهي “مطوقة” بعدد من الدول القوية كالهند، تمتلك إقتصاداً قوياً ناهيك عن الديموغرافية الضخمة، واليابان، التي تملك قوة إقتصادية أيضاً ولديها القدرة على صناعة أسلحة نووية – كفكر إستراتيجي طبعاً، وصولاً إلى الإتحاد الروسي.

وبذات السياق، لا يهم الولايات المتحدة بأن تكون مستحوذة على السيطرة المطلقة لأن ذلك سيحد من قدرة الصين على الإستمرارية بإتجاه تحقيق نوع من طموحاتها لكي تستطيع أن تكون القوة بديلة لواشنطن، هذا من جهة. من جهة أخرى، إذا كانت أمريكا لوحدها تملك “التحكم الكامل” سيسبب نوعاً من “عدم الراحة”، وشكلاً من أشكال التهديد للإقتصاد والسياسة الصينية معاً.

فشل أوبك

بالنسبة إلى منظمة “أوبك”، دائماً ما تعاني من تدهور إذ لا توجد حالة من الثبات، فأسعار النفط تتغير مع الوقت، لا سيما خلال الخمس سنوات الأخيرة، إضافة إلى الخلافات الكبيرة، بحيث يمكن القول بأننا نشهد “أيامها الأخيرة”.

في ذات الوقت، اليوم يوجد عدد من البدائل عن الغاز والنفط، بالأخص، مثل النفط الصخري والطاقة البديلة والطاقات الأخرى، لا سيما تلك التي تعتمد على الكهرباء وعلى المزيج بين الكهرباء والفيول خاصة بالصناعات الرئيسية كقطاع صناعة وإنتاج السيارات. بالتالي، إن الحاجة إلى النفط ستتضاءل بحيث أن بعض الدول بدأت تدرس عمل نقلة من إنتاج النفط إلى القيام بصناعات وخدمات أخرى، إلى حين أن تنهي ما لديها من مخزون نفطي، وغازي إلى حد ما لكون ما زال يتمتع بأهمية أكثر من النفط فهو يستعمل في عدة نواحي طاقوية، كتشغيل بعض المفاعلات، إضافة إلى الإستعمال المنزلي خصوصاً وأن البديل الفعلي عنه غير متوفر إلى حد الآن.

إن التهديد الأساسي يقع على الدول والمنتوجات النفطية، وهذا ما يبين السبب وراء عدم الثبات والإستقرار لهذا السوق، الذي يشهد اليوم نوعاً من الهبوط في مستوى الإستهلاك وسيزيد مع الوقت؛ فخلال عشرين سنة، سنجده تقريباً أصبح في خواتيمه.

مصدر الصورة: الحرة.

موضوع ذا صلة: الديب: تركيا وآسيا الوسطى.. وجهة واشنطن للحد من النفوذ الروسي