إن لتقلبات سعر صرف الليرة السورية تداعيات كبيرة، وقد تكون خطيرة، لا سيما وأن الحديث يكثر عن بداية “قيامة” سورية جديدة حيث ستشهد دمشق “نضهة” عمرانية كبيرة يتراكض من اجل الاستثمار فيها الكثير من الشركات الكبرى واصحاب رؤوس الاموال.

في هذا الشأن، سأل مركز “سيتا” الباحث السياسي والاقتصادي الدكتور غالب صالح، دكتور في فلسفة الاقتصاد السياسي والادارة والقانون، عن تداعيات هذا الامر لا سيما مع اعتماد المصرف المركزي السوري خطة اقتصادية ثارت حولها الكثير من التساؤلات، بالأخص تلك التي قام بها المصرف بتحديد سحب الحوالات الخارجية مرة واحدة في الشهر وعدم تجاوز الحوالة مبلغاً معيناً، ومدى الارتباط بين تلك الامور، يقول د. صالح “ان الهدف وراء ما قام به المصرف المركزي هو منع الالتفاف على القرار الذي اتخذ بتخفيض سعر الصرف واستغلاله وضبط إيقاع المضاربة التي أدت إلى انخفض مفاجئ وغير متوقع، والكشف عن مصادر وجود الكم الهائل من الدولار في السوق الداخلية الذي دخل من طرق عدة وسحبها. غير ان هذا القرار أثر سلباً، لمرحلة مؤقتة، على عدد كبير من المواطنين الذي ينفقون على معيشتهم من خلال اقاربهم في الخارج. باعتقادي، ان معالجة هذا الموضوع قد بدأت، لا سيما بعد ردات الفعل الشعبية، وسيتم استدراك آثاره السلبية.”

وعن مدى علاقة هذه السياسة مع تقلبات سعر الصرف، يقول د. صالح “بالطبع ان العلاقة موجودة ومباشرة، فهذه التقلبات قد شكلت قلقاً مباشراً لأصحاب القرار نتيجة الهبوط المباشر لسعر الصرف ترافق مع هلع في السوق، كما شكلَّ ايضاً خوفاً على الليرة السورية بسبب الطلب الكبير عليها.”

أما بالنسبة لتأثيرات سعر الصرف على القيمة الشرائية لليرة لا سيما مع بقاء الأسعار على حالها مع استعادة الليرة لبعضِ من عافيتها، يرى د.صالح انه “علينا التمييز بين السياسة النقدية والسياسة الاقتصادية في زمن الحرب. ان اثر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، بتخفيض سعر صرف الدولار وبالتالي تحسين القوة الشرائية لليره السورية على الواقع الاقتصادي وبالتالي المعيشي، لن يظهر بشكل فوري اذ سنحتاج لبضعة أشهر لتظهر النتائج الإيجابية وذلك لسبب اساسي يكمن في ان عقود التوريد الخارجية والمواد المنتجة داخلياً تم توقيعها وحسبت التكاليف والقيمة فيها على اساس سعر الصرف في حينها، وهذا يؤدي لخسائر فادحه لو تم البيع او التسويق بنفس نسبة انخفاض سعر صرف الدولار. من هنا، يحتاج المواطن لبعض الوقت ليرى النتائج الايجابية للقرارات السياسة النقدية التي تم اتخاذها.”

وعن الجهات التي من الممكن ان تكون خلف تقلبات سعر الصرف، يعدد د. صالح تلك اذ يقول”اولاً، قد تكون الجهة حكومية. ولكن من حيث المبدأ، اذا كان من يقف وراء هذه التقلبات جهة حكومية، فبرأيي انها قد تسرعت لان أية إجراءات من هذا النوع يفترض أن تتواكب مع تحسُّن الوضع الاقتصادي من خلال استثمارات نوعية، غير انه من الممكن ان يكون لدى الحكومة مبررات قراءة خاصة. من هذه المبررات، شعور الحكومة ان مبالغ كبيرة من الدولارات تدخل السوق عبر الحدود المفتوحة، اضافة الى وجود محتكرين، يستفيدون بطرق غير شرعية، مستغلين الظرف الذي تعيشه البلاد ويقومون بتوظيف المبالغ على شكل تبييض الأموال الامر الذي قد ولا يساعد او يشجع على توظيفها في استثمارات حقيقية تؤدي إلى تحسين الاقتصاد. ثانياً، قد يكون العامل النفسي والشعور العام ان الوضع الأمني والسياسي المترافق مع انتصارات الجيش احد تلك العوامل التي ادت الى تحسُّن طبيعي لوضع الليرة.”

وعن مدى انعكاس ذلك على حجم الاستثمارات خصوصاً وان مثل هذا الامر قد يخيف المستثمرين من القيام بمشاريع كبيرة وحيوية تحتاجها البلاد، يؤكد د. صالح ذلك بالقول “طبعاً. ان عدم استقرار سعر الصرف سيخلق حاله قلق دائم لدى المستثمرين. ولطمأنة المستثمر وتشجيعه على توطين أمواله بمشاريع اقتصادية يحتاج الامر الى توافر مجموعة من العوامل التي تعزز الثقة لديه. العامل الاول، إيجاد قوانين وآلية عمل واضحة على مستوى الدولة. العامل الثاني، استقرار اسعار صرف العملات الاجنبية. العامل الثالث، تحسن المناخ الأمني والسياسي واستقراره. العامل الرابع، تهيئة المناخات والظروف التي تشجع على الاستثمار وحرية تنقل الرساميل. العامل الخامس والاخير، تأمين مستلزمات العمل لمرحلة إعادة الاعمار من فريق العمل الى الخرائط وغيرها ليكون المناخ سليما ومشجعا ومطمئناً.”

مصدر الصورة: جريدة النهار