شارك الخبر

صدر كتاب “تأثير الصعود الروسي على هيكل النظام العالمي” للباحث، في العلوم السياسية والمتخصص في الشؤون الروسيه والاسيوية، حسني عماد حسني العوضي الذي يعرض فيه لمسار الصعود الروسي منذ مرحلة تفكك الاتحاد السوفياتي السابق وصولا الى مرحلة النهوض الروسي الحالي.

فبعد سقوط الإتحاد السوفيتي، استقلّت روسيا التي كانت تعاني من أزمات إقتصادية وضعفاً كبيراً في جبهتها الداخلية، مما اضطرتها أثناء حكم يلتسين إلى التخلي عن مكانتها كدولة كبرى، حيث أصبحت روسيا في موقف الضعف والمسايرة للغرب، ولذلك إستغل الغرب الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها لمحاولة تطويقها، ومنع صعودها كدولة كبرى. لذلك، لم تستقر السياسة الروسية إلا بعد فترة من الزمن حين تولى فلاديمير بوتين السلطة وتمكن من تحسين وضعها الإقتصادي، مما مكّنه من تثبيت السياسة الخارجية بقوة، والذي اعطى لروسيا فرصة جدية كي تصبح قادرة على استعادة مكانتها الدولية مره أخرى.

ويأخذ هذا الكتاب بنظرية “تحول القوة” التي قدمها أورغانسكي والتي لا تزال صالحة للاختبار، فقـد قسّم أورغانسكي من خلال نظريته الـدول، حسب درجـة القوة ودرجة الرضا، إلى أربعة فئات هي:

– الدول القوية والراضية.

– الدول القوية وغيرالراضية.

– الدول الضعيفة وغيرالراضية.

– الدول الضعيفة والراضية.

الى ذلك، توجد العديد من المؤشرات سواء التقليدية أو غير التقليدية التي أشار إليها، وبعد تطبيقها على روسيا تبين أنها استطاعت العودة والنهوض من جديد التنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية على قيادة العالم.

ان كل دولة ذات موقع استراتيجي وتراث تاريخي وحضارة متميزة، وذات قوة اقتصادية وعسكرية، تشعر بواجبها بل وبحقها في المشاركة في تحديد مصير العالم حتى وإن كانت وسائلها في مرحلة معينة محدودة. هذا الأمر ينطبق على روسيا تماماً، فالتحولات الكبرى التي مسّت بنيان النظام الدولي والتغيرات الداخلية فيها، أدت إلى تغيير شكل صناعة القرارالروسي، فأصبح للمتغيرات الاقتصادية والمجتمعية والخارجية دور كبير، حيث كانت روسيا ولا تزال تعتبر نفسها قوة على الساحة الدولية وعليها العودة الى الساحة العالمية مرة أخرى.

لقد حاول الرئيس فلاديمير بوتين إعادة بناء الإمبراطورية الروسية من جديد من خلال عدة إستراتيجيات جديدة منها عدم الدخول في مواجهات مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والسعي إلى عالم متعدد الأقطاب، وتكوين تحالفات إقليمية ودولية جديدة، فلم تعد تتخذ القرارات لإثبات الوجود فقط بل لخدمة مصالحها ومن خلال الأحداث الإقليمية والعالمية التي إستأثرت بإهتمام السياسة الروسية حيث كانت الأزمة السورية والملف النووي الإيراني وأزمة القرم من الشواهد الملموسة، لذلك عادت روسيا من جديد إلى النظام الدولي لتكون واحدة من الفاعلين الدوليين فيه.

وعلي حد تعبير يفغيني بريماكوف حول مكانة روسيا في المستقبل يؤكد: “أنا واثق بأن روسيا ستكون دائماً دولة عظمى ولا يكمن الأمر هنا في الحنين إلى الماضي وإنما استند إلى مرحلة التفكير الواعي أن هذه العظمة لا تستند الآن إلى قدراتنا الإستراتيجية مقارنة بالولايات المتحدة فقط، بيد أن هذا ليس هو الكارت الوحيد الذي بحوزة بلادنا خذوا مثلاً مساحة الأراضي والقدرة العلمية وثقافة الشعب وذلك الدور البارز الذي إحتلته روسيا دائماً في المجال الروحي.”

اليوم وعند النظر إلى روسيا، نجد انها قد عادت من جديد إلى الساحة الدولية، وأصبحت فاعلاً قوياً ولها تأثير قوي في القضايا الدولية، ولعل حالات الدراسة التي ذُكرت من قبل كانت دليل، وذلك لأنه من ناحية النظام السياسي الداخلي، فقد إستقر النظام السياسي الروسي بدرجة كبيرة، ومن ناحية الإقتصاد إستقر أيضاً الإقتصاد الروسي بدرجة كبيرة، ومن ناحية القوة العسكرية نجدها القوة الثانية في العالم. كل هذا انعكس بصورة كبيرة على السياسة الخارجية الروسية، لذلك ظهرت تأثير هذه السياسة في معظم القضايا الدولية، وبدأت العلاقات الروسية مع دول العالم تزداد وتعود من جديد، لذلك نجد أن السياسة الخارحية الروسية والتحرك البلوماسي الروسي سعى إلى تحقيق أهداف روسيا.

هذا الكتاب صادر عن مركز الإعلام والدراسات العربيه – الروسية بالرياض، المملكة العربية السعودية 2017.


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •