إيماناً بإستراتيجية التنمية المستدامة حيث “رؤية مصر 2030” هي محطة أساسية في مسيرة التنمية الشاملة، تأتي أهمية هذه الإستراتيجية خاصةً في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها مصر بأبعادها المحلية والإقليمية والعالمية، والتي تتطلب إعادة النظر في الرؤية التنموية لمواكبة هذه التطورات العالمية. وبناء على تكليفات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتبنى الأفكار التي تساهم في رفع كفاءة الدولة في كافة القطاعات لا سيما قطاع الكهرباء الذي هو محور ومصدر للحياة، وإيماناً منا بدور العلم من خلال جامعتنا الموقرة والمتمثلة في رئيس الجامعة والسادة أعضاء هيئة التدريس في التدخل السريع من خلال أبحاثهم المرموقة لوضع أفضل الحلول بما يمكن المجتمع المصري من النهوض من عثرته والانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة وتحقيق الغايات التنموية المنشودة للبلاد، لذا اقترح مشروعي هذا تحت مسمى: “التكافل الوطني”، الذي سوف يساهم في رفع كفاءة قطاع الكهرباء.

يعتمد هذا المشروع على أن هذا القطاع يعمل على تحسين وتطوير الخدمات للمواطنين بتطوير شبكات توليد وتوزيع الكهرباء لتحسين مستوى الخدمة، إذ لا يخفى على الجميع أن مشكلة الكهرباء تحدث في أوقات محددة وهي إما وقت الصيف في ساعات ذروة الحرارة وأيضاً في وقت الشتاء في ساعات شدة البرودة، ومن ثم فإنه – تقنيناً – نستطيع حساب هذه الأوقات بكل سهولة. يأتي ذلك في وقت أطلقت فيه الدولة المصرية مشروع “العدادات الذكية” إيماناً منها بأهمية التطوير والتحديث المستمرين للإرتقاء بمستوى أعمال قطاع الكهرباء، وذلك بما يليق بالمكانة الرائدة الدولة وضمن سياق توجه الدولة نحو المدن الذكيّة.

يهدف مشروع “التكافل الوطني” إلى استكمال مشروع العدادات الذكية إلى توفير البنية التحتية والأجهزة والبرمجيات المتطورة، مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي الكفيلين بنشر منظومة متكاملة للعدادات الذكية على امتداد الدولة، حيث يقتضي المشروع نشر منصة ذكية، وتثبيت عدادات الكهرباء، ومن ثمّ دمج العدادات في النظام الأساسي للرصد والقراءة عن بعد مع مراعاة كافة فئات المواطنين المشتركين، حيث سيتم تزويد عداد الكهرباء بـ “شريحة ذكية” تعمل على تحديد أوقات ذروة استهلاك الكهرباء المتفق عليها، ومن ثم عند قيمة معينة يتخطها العداد سيتم رفع ثمن الكيلو/وات (مثلاً: إذا كان ثمن الكيلو/وات 5 قروش… سيصبح بـ 10 قروش)؛ وبالتالي، يستطيع قطاع الكهرباء باستخدام هذه الزيادة في رفع كفاءة محركات شبكة الكهرباء.

إقرأ أيضاً: دول النفط ومستقبل الطاقات البديلة

ثم بعد ذلك، سيتم رد فرق هذه القيمة المضافة في شكل خدمة كهربائية (كيلو/وات كهرباء) في الأوقات التي ليس بها ذروة استهلاك كهرباء (نظام النقاط)، مما لا يدع مجال للمشتركين في استغلال موارد الدولة وسرقة التيار الكهربي، حيث سيتيح المشروع تطبيقاً على الهاتف المحمول للمشتركين لمتابعة استهلاكهم على مدار الساعة واليوم والشهر وتسديد الفواتير إلكترونياً.

يهدف المشروع أيضاً إلى تعزيز رؤية الدولة في الاستدامة وتوفير استهلاك الطاقة، حيث يساهم اعتماد هذا النظام المؤتمت بالكامل في توفير استهلاك الطاقة من خلال المعلومات الضخمة المتوفرة لشركات قطاع الكهرباء، والتي ستمكنها من التعرّف على أنماط الاستهلاك في الدولة بدقة، واستخدام هذه المعلومات القيّمة في التخطيط والإدارة بشكل أكثر فعالية من قبل، مما سيؤدي بدوره إلى خفض الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة ورفع كفاءة المحركات؛ فتمثل العدادات الذكية بذلك خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف الاستدامة.

إلى جانب ذلك، سيؤدي خفض التكاليف التشغيلية المتعلقة بقراءة العدادات التقليدية، حيث إنّ بناء شبكة كهربائية أكثر ذكاءً يوفر للدولة الكثير من المعلومات الهامة والدقيقة حول معدلات الاستهلاك وأوقاتها وأنماطها، مما يمكن قطاع الكهرباء من التخطيط بشكل أكثر فعالية لعمليات الإنتاج والتوريد، وبذلك توفير الطاقة والتقليل من الانبعاثات المرتبطة بإنتاجها، والتي تؤدي بدورها إلى تحقيق الاستدامة البيئية والتشغيلية.

أيضاً، إنّ الشبكة الذكية أكثر قدرة على دمج موارد الطاقة النظيفة بفعالية، إذ أنّ مصادر الطاقة البديلة بالعموم ذات أنماط إنتاج متغيرة من فترة إلى أخرى، وتساعد الشبكة الذكية من خلال قدراتها التشغيلية العالية في إدماجها واستغلالها بنجاح. كما يتيح المشروع الاستفادة من التقنيات الحديثة لترشيد الاستهلاك من خلال دمج وتمكين المشتركين من مراقبة استهلاكهم مما لا يدع لهم الفرصة في المشاركة في استغلال موارد الدولة بصورة غير شرعية، وذلك بما يدعم أهداف البرنامج الوطني لترشيد الطاقة ورفع كفاءة المولدات، كما سيساعد النظام الحديث في تحديد المخالفات وأخذ كافة الإجراءات القانونية المناسبة كما أيضا سيساعد في تحديد كافة الأعطال ومعالجتها بالسرعة القصوى.

المصدر: نخيل عراقي

مصدر الصورة: وكالة الصحافة الفلسطينية – صفا

أ.د أحمد النجار

أستاذ بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي / جامعة بني سويف – مصر
أستاذ بكلية الحاسبات / الجامعة الأمريكية – الإمارات
أستاذ زائر / جامعة بارودا – الهند
أستاذ زائر / جامعة واكسيين – الهند