إعداد: يارا انبيعة

أنهى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جولة شملت 3 دول أوروبية، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، من أجل مناقشة التدخل الإيراني في المنطقة وبرنامج طهران النووي، وهما ملفان ترى إسرائيل أنهما يشكلان تهديداً خطيراً، حيث حذر نتنياهو من أن إيران تسعى إلى حيازة أسلحة نووية لتنفيذ مخططاتها لارتكاب عمليات إبادة جماعية، مشيراً إلى أنه من المهم منع إيران من الحصول على سلاح نووي، ونعلن “التزامنا والتزامي أنا مجدداً عدم السماح بحدوث ذلك”.

جولة فاشلة

بينما سعى لإقناعهنم باتخاذ وجهة النظر الأمريكية كموقف ضد طهران، من الواضح أن جولة نتنياهو الأوروبية باءت بالفشل بعد أن عبّر زعماء الدول التي زارها، عن قلقهم من المجازر التي ارتكبها الجيش في غزة، وعن تمسكهم بالاتفاق النووي مع إيران ورفضهم المطالب بإلغائه.  وخلال تصريحات قادة الدول الـ 3 بريطانيا وألمانيا وفرنسا، تطرقوا إلى التواجد الإيراني في سوريا، وأكدوا ضرورة أن يظل الاتفاق النووي الإيراني قائماً، إلا أنهم حذروا من الخطوات التي بدأت تقدم عليها طهران بشأن زيادة قدرها في تخصيب اليورانيوم، وإبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذه الخطوة.

يفتح فشل جولة بنيامين نتنياهو الخارجية، الباب على مصراعيه بشأن تصعيد إسرائيلي جديد ضد إيران ومواقعها في سوريا، خاصة أن رئيس وزراء إسرائيل كان يُمْني نفسه بأن يقتنع زعماء الدول الأوروبية الثلاثة بوجهة نظره، لكنه وبعد الجولة مباشرة، وجه رسالة تحذير إلى النظام السوري مفادها أنه لم يعد هناك مأمن من أي رد إسرائيلي.

تهديد مباشر!

بالرغم من فشله في إقناع دول أوروبا بالانسحاب من الاتفاق، إلا أنه تمكن من أن يصل إلى اتفاق مع برلين ولندن وباريس بضرورة أن تنحسب القوات الإيرانية من سوريا.

الصحافة الإسرائيلية سلطت الضوء على جولة بنيامين نتنياهو إلى أوروبا، حيث نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية، عن الموقع الإلكتروني العبري “واللا”، تأكيده أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، اتفقت مع إسرائيل على حتمية خروج القوات الإيرانية من سوريا، وهو ما اتفق عليه نتنياهو، مع كل من ميركل، ماكرون، وتيريزا ماي، خلال زيارته لكل منها. وكشفت الصحف العبرية، تفاصيل هذا اللقاء، موضحة أن الاتفاق الإسرائيلي مع الدول الأوروبية ألمانيا وبريطانيا وفرنسا تضمن خروج القوات الإيرانية من كامل الأراضي السورية، وليس إبعادها عن الحدود المشتركة مع إسرائيل فقط.

في ألمانيا، حذر نتنياهو، المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، من أن أنشطة إيران في منطقة الشرق الأوسط، تنذر بتدفق موجة جديدة من اللاجئين إلى أوروبا، وأضاف خلال مؤتمر صحفي، أن نشاط إيران يهدف إلى توسيع نطاق وجود الفصائل الشيعية، التي تعمل تحت إمرتها لنشر المذهب الشيعي بين المسلمين السنة، مشيراً إلى أن ذلك سيشعل حرباً دينية وتبعات ذلك ستكون مزيداً من اللاجئين الذين تعلمون تماما أين ستكون وجهتهم.

الرد الإيراني

وفي أول تعليق من الجمهورية الإسلامية الإيرانية على جولة نتنياهو، قال النائب السياسي لقائد الحرس الثوري الإيراني، يد الله جواني، إن أمريكا وإسرائيل عاجزتان عن شن حرب ضد إيران.

فيما استبقت إيران الجولة، حيث أطلق المرشد الأعلى، السيد علي الخامنئي، ما يمكن أن يوصف بـ “بالون اختبار” ووسيلة من وسائل الضغط على أوروبا، في خطاب بمناسبة الذكرى الـ 29 لوفاة مؤسس الجمهورية الإيرانية، آية الله الخميني، من خلال إصدار تعليمات لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بشأن تجهيز المنشآت النووية لإعادة التخصيب عبر الوصول إلى 190 ألف وحدة فصل (إس.في.يو) وفق إطار الاتفاق النووي وذلك تحسباً لإنهيار الاتفاق النووي المبرم مع الدول الكبرى، العام 2015، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

كما أعلنت طهران على لسان بهروز كمالوندي، المتحدث بإسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن طهران ستبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية ببدء عملية لزيادة قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم.

رسالة إلى سوريا

قال نتنياهو، خلال كلمته أمام مؤتمر في معهد “بوليسي إكستشينج” للبحوث الاستراتيجية في لندن، إنه “أثناء قتال الأسد (الرئيس السوري) في حربه الأهلية وضد داعش لم نتدخل، إلا في تقديم مساعدات إنسانية، لكن، الآن وبعد انتهاء الحرب والقضاء على داعش، فإنه يستقدم قوات إيرانية إليه، ويمكنها من التموضع في سوريا لمهاجمة إسرائيل، بيد أنه يجب التوضيح بأنه توجد معادلة جديدة على الأسد أن يفهمها، هي أن إسرائيل لن تحتمل تموضعاً إيرانياً في سوريا، إن هاجمنا الأسد فسنهاجمه، عليه التفكير بذلك ملياً.”

تعاطف أوروبي مع غزة

فيما يخص العنف الذي يمارسه جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين على حدود غزة، حاول نتنياهو أن يرتدي قناع البراءة ويظهر مدافعاً عن الأزمة الإنسانية في غزة، إذ ظل يردد مزاعمه خلال لقائه بالرؤساء الثلاث، أن تل أبيب تسعى لحل الأزمة الإنسانية في القطاع، وأن حركة حماس الفلسطيني هى التي تريد للفلسطينيين أن يموتوا على الحدود، بدفعهم إلى ما أسماه “العنف ضد الجنود على حدود الأراضي المحتلة”.

غير أن نتنياهو لم يستطع كسب التعاطف الأوروبي في هذا الأمر، إذ أعربت الخارجية الألمانية بالتزامن مع لقاء نتنياهو بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عن أدانتها الشديدة للهجمات الإسرائيلية ضد غزة، خلال المظاهرات التي اندلعت بسبب نقل السفارة الأمريكية للقدس، قائلة إن الهجمات الموسعة ضد غزة “أمر غير مقبول”.

من جانبه، أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون خلال لقائه نتنياهو، أنه يجب إيجاد حل للأزمة الإنسانية داخل القطاع، مؤكداً أن الخطوة الأحادية التي اتخذتها أمريكا بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس هي التي تسببت في مقتل المدنيين في غزة، وأنه قرار خاطئ من جانب الإدارة الأمريكية.

أما رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، فأعربت عن قلقها الشديد تجاه مقتل الفلسطينيين العزل على حدود غزة، كما طالب وزير الخارجية، بوريس جونسون، الاحتلال الإسرائيلي بإجراء تحقيق بشأن مقتل 120 فلسطينياً وإصابة أكثر من 10 آلاف أخرين في المظاهرات بغزة، مؤكداً أن بلاده ملتزمة بحل الدولتين فيما يخص قضية القدس.

على الرغم من الموقف الدول الأوروبية بشأن المجزرة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، إلا أن موقفها لا يزال خجولاً بالمقارنة مع حجم المجزرة، إذ لم يتخذ القادة الأوروبيون موقفاً أخلاقيّاً حاسماً تجاه الضحايا الفلسطينيين.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: شبكة باريس نيوز.