إعداد: يارا انبيعة

في عملية بدت أشبه بسباق اللحظة الأخيرة مع العمليات العسكرية الجارية في محافظتي القنيطرة ودرعا السورية، وبعد التوصل إلى اتفاقيات مع مسلحي المعارضة بوساطة روسية، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفاصيل صفقة إخراج مئات السوريين ممن يسمون بـ “الخوذ البيضاء”، خارج الحدود السورية بطريقة خفية لم تكشفها حتى الرادرات الروسية.

عملية سرية ليلية

المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي، أفيخاي أدرعي، قال إن عملية الإجلاء تمت بناء على طلب من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مشيراً إلى أنه تم نقلهم إلى الأردن ومن هناك سيتم استيعابهم في بريطانيا وألمانيا وكندا. بدورها أعلنت الحكومة الأردنية أنها سمحت بتنظيم مرور نحو 800 من عناصر الخوذ البيضاء القادمين من سوريا عبر الأردن لتوطينهم بدول غربية، مشيرة أن دخول هؤلاء العناصر جاء بعد أن قدمت ثلاث دول غربية هي بريطانيا وألمانيا وكندا تعهدا خطيا ملزما قانونيا بإعادة توطينهم خلال فترة زمنية محددة بسبب وجود خطر على حياتهم، مضيفة إن هؤلاء العناصر سيبقون في منطقة محددة مغلقة خلال فترة مرورهم عبر الأردن والتي التزمت بها الدول الغربية الثلاث على أن يكون سقفها ثلاثة أشهر.

منطلق “إنساني”

وبعد أن تمت الصفقة المبهمة، خرج نتنياهو ليصرح قائلاً “توجه إلي قبل عدة أيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو وآخرون، وطلبوا منا أن نساعد في إخراج المئات من أفراد الخوذ البيضاء من سوريا”، وأضاف “هؤلاء الناس أنقذوا حياة غيرهم، والآن يوجد خطر على حياتهم، لهذا السبب صادقت على نقلهم عبر الأراضي الإسرائيلية إلى دول أخرى”، معتبراً أن القرار اتخذه من منطلق إنساني.

وفي وقت سابق، صرحت وزارة الخارجية الأمريكية، أن واشنطن ستخصص 6.6 مليون دولار لمنظمة “الخوذ البيضاء” وآلية الأمم المتحدة في سوريا، وأشارت الوزارة إلى أن واشنطن تدعم بقوة منظمة الخوذ البيضاء، التي ترى بأنها أنقذت أكثر من 100 ألف شخص منذ بداية الصراع في سوريا.

“تورط” روسي؟!

ذكرت صحيفة “هآرتس” أن الجيش الإسرائيلي كان لديه قوائم بأسماء الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم، حيث صدرت تعليمات للنشطاء بالإقتراب من نقطتين عند السياج الأمني في مرتفعات الجولان، تحت الحماية، تم وضعهم في حافلات، وتزويدهم بالغذاء وإرسالهم إلى الأردن.

هذا وقد رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية، إيمانويل نحشون، الإجابة عن سؤال طرحته الصحافية ماريانا بيلينكايا، عما إذا كان الجيش الروسي على علم بإخلاء أفراد منظمة “الخوذ البيضاء” وعن تنسيق أعلى قام به، يوم 20 يوليو/تموز 2018، وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان مع نظيره الروسي، سيرغي شويغو عبر اتصال هاتفي، جرت محادثة بين فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو في اليوم نفسه، إذ كتب نحشون “نحن لا نعلق على هذه المسألة خارج إطار البيانات الرسمية.

إلى ذلك، قال، رئيس منظمة “الخوذ البيضاء”، رائد صالح “لم تعط روسيا الإذن لإجلاء ناشطي التنظيم إلى إدلب”، ووفقاً له لم يتمكن أعضاء التنظيم أيضاً من الوصول إلى الأردن مباشرة، لأن الحدود السورية – الأردنية  “خاضعة لسيطرة الروس وقوات النظام ولا تسمح لهم بالعبور”، كاشفاً عن أنه لم يتصل أبداً بإسرائيل وقد تم تنظيم العملية برمتها من قبل وسطاء.

عملية إجرامية

نددت دمشق بإجلاء إسرائيل المئات من افراد المنظمة من مناطق القتال مع الفصائل المسلحة في جنوب سوريا، استجابة لطلب عدد من الدول الغربية، ووصف مصدر في الخارجية السورية نقل العناصر بأنه “عملية إجرامية”، وقال “إنها تكشف الطبيعة الحقيقية لما يسمى بالخوذ البيض الذي قامت سوريا بالتحذير من مخاطره على الأمن والاستقرار فيها وفي المنطقة بسبب طبيعته الإرهابية.” كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن أفراد المنظمة الذين خرجوا من سوريا كشفوا عن جوهرهم وأظهروا نفاقهم للعالم كله، وجاء في بيان الوزارة “تفضيل الخوذ البيضاء الهروب من سوريا بمساعدة أجنبية يرمز لجوهرهم ويظهر نفاقهم للعالم كله، هؤلاء الأشخاص أظهروا لمن كانوا يعملون ومن كان يمولهم.”

ليسوا فقط نشطاء

كشفت مصادر مطلعة أن من تم تهريبهم من جماعة “الخوذ البيضاء” ليسوا جميعهم من ضمن عناصرها، بل بينهم ضباط وعناصر وعملاء لمخابرات خليجية. وأضافت المصادر أن عدد الذين تم تهريبهم من جنوب سوريا عبر فلسطين المحتلة إلى الأردن ودول وأطلسية تجاوز الـ 3000، مشيرة إلى أن عناصر الاستخبارات والقوات الخاصة تحت راية “الخوذ البيضاء” هم 800 من جنسيات مختلفة، أما الباقون فهم دول خليجية وعددهم حوالي 2200.

ارتباط وثيق

يرى الكثير من المراقبين بأن حدوث تلك الصفقة يؤكد ارتباط هذه الجماعة الوثيق بالكيان الإسرائيلي والغرب، وتلقيها دعماً إعلامياً منهما. فمنذ الكشف عنها، إبان إندلاع الأزمة السورية العام 2013، كانت الشكوك تحوم حول عملها خصوصاً من خلال تواصلها مع الجماعات الإرهابية التي دخلت سوريا ومشغليها. وعلى الرغم من محاولة تلك المنظمة الظهور بمظهر انساني يدافع عن الشعب في وجه حكومته، إلا أنها ومن خلال اتباعها سياسات أعداء الشعب السوري “فضحت نفسها بنفسها”، فهناك الكثير من الوثائق التي تؤكد أن أفرادها كانوا يقفون إلى جانب الجماعات الإرهابية بل كانت مهمتها الأولى تكريس “الحرب الناعمة” في سوريا من خلال توظيف الإعلام وتزوير وثائقيات إعلامية تدعي انها من ممارسات النظام ضد الشعب، وفبركة أفلام دعائية تظهر خلالها وهي تعمل على إخراج جثث القتلى والجرحى المدنيين الذين يتعرضون للقصف.

مصدر الأخبار: وكالات

مصدر الصورة: موقع وطن.