إعداد: يارا انبيعة
في محاولة منه لإصلاح الوضع الاقتصادي وإنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي من الانهيار الكامل، اختتم الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 5 يوليو/تموز2018، جولة أوروبية دامت 3 أيام، شملت كل من سويسرا والنمسا، أطلق خلالها عدداً من التصريحات “النووية”، وقام بتوقيع 3 بروتوكولات تعاون مشترك مع سويسرا و4 مع النمسا.
إحترام المواثيق
أكد الرئيس حسن روحاني على ضرورة إعلان الدول الأوروبية وبصورة واضحة عن إستيائها حيال المواقف الأحادية للإدارة الأميركية، لافتاً إلى ضرورة المضي قدماً في مسار احترام التعهدات والإتفاقيات الدولية. وخلال الإجتماع المشترك بين كبار المسؤولين الإيرانيين والسويسريين، أكد روحاني ونظيره السويسري، آلان بيرسيت، على استمرارهما في تطوير العلاقات الثنائية والتعاون متعدد الأطراف، واحترام الإتفاقيات الدولية، ورفض الأساليب الأحادية.
كما أعلن الرئيس روحاني أن الإتفاق النووي شكل انفراجة مميزة في مجال تطوير العلاقات بين إيران والدول الصديقة إذ يعتبر إتفاقاً هاماً في سياق تعزيز الثقة والأمن والتنمية على صعيد المنطقة والعالم، مردفاً أن إيران التزمت بكافة تعهداتها في إطار هذا الإتفاق. وأضاف روحاني “المطلوب من سويسرا وسائر البلدان الأوروبية أن تعلن بوضوح عن استيائها حيال السياسة الحالية للحكومة الأميركية المتمثلة في الأحادية وأن تؤكد على ضرورة المضي قدما في مسار احترام الإلتزامات والإتفاقيات الدولية”، وأشار إلى أن أميركا هي أكبر منتهك لحقوق الإنسان في العالم.
بدوره، قال رئيس الجمهورية السويسري أنه ومن وجهة نظر بلاده، فإن التوافقات التي يتم إبرامها اليوم بين البلدين في المجالات العلمية والصحية والنقل تؤكد إعتزام الجانبين على تطوير العلاقات الثنائية. وأعلن الرئيس بيرسيت أن سويسرا، ومنذ البداية، كانت وما تزال تدعم الإتفاق النووي وتعتبره كما في السابق نجاحاً غير مسبوق للدبلوماسية على الصعيد العالمي، وأكد أن بلاده تعلن على الدوام التزامها بالاستمرار في تنفيذ الإتفاق النووي، وعدم تغيير مواقفها في دعم هذا الإتفاق، فيما أكد ضرورة الالتزام بتنفيذ كافة التعهدات المترتبة على الإتفاق النووي والقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بحذافيره من قبل كافة الأطراف، وأن انسحاب أميركا من الاتفاق النووي لا يعني نهاية هذا الإتفاق وعلى الأطراف الأخرى أن تقرر اليوم بشأن دعم الإتفاق.
“لا تصدير للنفط”
وفي موقف لافت، أعلن الرئيس روحاني أنه لا أحد في منطقة الخليج سيصدّر نفطه إن مُنعت إيران من ذلك، معلقاً على تصريحات المسؤولين الأميركيين عن وقف صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، وإعلان السعودية والإمارات استعداداهما لضخ ملايين البراميل من النفط لمواجهة أي خلل بالأسواق. وحين سُئل، خلال المؤتمر الصحفي في برن، إذا كانت تعليقاته تمثل تهديدا بالتدخل في شحنات الدول المجاورة، أجاب روحاني “افتراض أن إيران ستصبح المنتج الوحيد غير القادر على تصدير نفطه خاطئ.. الولايات المتحدة لن تستطيع أبدا قطع إيرادات إيران من النفط”.
نفور أم خوف اقتصادي؟!
في الوقت الذي كانت فيه الشركات السويسرية حريصة على التجارة مع إيران بعد توقيع الاتفاق النووي العام 2015، إلا أن السوق السويسرية بدأت بالتراجع إلى حد كبير، وعزفت العديد من الشركات عن مقابلة الرئيس الإيراني خلال زيارته الرسمية إلى بلادها ويعود السبب، بحسب بعض المطلعين، إلى تجنب “غضب” الولايات المتحدة التي حذرت من معاقبة أي شخص أو جهة تتعامل مع إيران.
فعلى الرغم من أن سويسرا تفخر عادة بإظهار خبراتها لضيوفها، إلا أن هذه المرة لم يتم التخطيط لأي زيارة رسمية للرئيس الإيراني في إحدى الشركات السويسرية أو حتى الجامعات والمدارس كما هو المعتاد، بل مجرد اجتماعات على موائد مستديرة نظمتها الغرف التجارية السويسرية – الإيرانية.
فيينا.. جولة جديدة
في محطته الثانية، قال الرئيس روحاني، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره النمساوي ألكسندر فان دير بيلين، أن مواقف الدول صلبة إزاء الحفاظ على الاتفاق، مشيراً إلى أن إيران ستحافظ عليه ما دامت تحصل على مصالحها.
في المقابل، عبر الرئيس فان دير بيلين عن أسفه لخروج واشنطن من الاتفاق، وإعادة اجراءات الحظر على إيران، مؤكداً أن فرض عقوبات على طهران سيضر الدول الأخرى بما فيها النمسا، وأن الإتفاق لم يكن حلاً لكافة المشاكل وإنما كان نافذة.
وخلال مؤتمر صحفي آخر مع المستشار النمساوي، سيباستيان كورتس، قال الرئيس روحاني إن موقف إيران والنمسا حول الاتفاق النووي متطابق، فيما وصف المستشار النمساوي العلاقات بين البلدين في القطاعات المختلفة، بأنها جيدة ومتنامية قائلاً “إن النمسا وإيران ومنذ أكثر من 160 عاماً، تتمتعان بعلاقات سياسية واقتصادية وثقافية راسخة ولديهما اليوم وجهات نظر مشتركة تجاه تطوير هذه العلاقات.”
وأشار كورتس، إلى أن النمسا دولة محايدة ومشجعة للحوارات الدولية، وعبر عن سروره حيال استضافة النمسا للحوارات النووية مع إيران إلى أن أثمرت في العام 2016، وتابع “أن النمسا والإتحاد الأوروبي لا يزالان ملتزمان بالإتفاق النووي”، معبراً عن أمله في أن تتمخض الحوارات التي ستجري في فيينا قريباً، حول انسحاب أميركا من الإتفاق النووي بين وزراء خارجية الأطراف الأخرى للإتفاق، عن نتائج إيجابية.
“مستوى التعامل قد يتغير”
خلال زيارته النمسا، التقى الرئيس الإيراني بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، وبحث معه التطورات المتعلقة بالاتفاق النووي بعد انسحاب أميركا منه، وقال إن مستوى التعاون مع الوكالة “قد يتغير”، وبأن هذا الأمر تتحمل مسؤوليته الأطراف التي تسببت بالوضع الجديد، في إشارة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي اختار الخروج من الاتفاق النووي.
إلى ذلك، نقلت بعض الوكالات الإيرانية عن الرئيس روحاني قوله بأن الاتفاق النووي هو إنجاز دبلوماسي بالغ الأهمية، واستمرار العمل به يعتمد على التوازن في تطبيق التعهدات من قبل جميع الأطراف الباقية في الاتفاق النووي، مذكراً أنه ما من مبرر لتبقى إيران في الاتفاق في حال عدم تأمين حقوقها فيه، مؤكداً أن بلاده ستجتاز هذه الجولة من العقوبات الأمريكية مثلما اجتازتها من قبل، فهذه الحكومة الأمريكية لن تظل في موقعها للأبد، لكن التاريخ سيحكم على الدول الأخرى استناداً إلى ما تفعله اليوم.
تظاهرات للمعارضة
على المقلب الآخر، نظمت المعارضة الإيرانية وقفة احتجاجية في النمسا اعتراضاً على زيارة روحاني، وطالبت بإدانته وملاحقته على إثر تورط دبلوماسي إيراني في مخطط إرهابي لاستهداف مقر مؤتمر المعارضة الإيرانية السنوي الذي عقد بالعاصمة الفرنسية، باريس.
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصور: الشرق الأوسط – وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.