صدر كتاب “صراعات على حافة الهاوية: الإرهاب – الجماعات – الطاقة – الممرات المائية” للدكتور علوان نعيم أمين الدين عن “مركز سيتا”، حيث يثير الكاتب مروحة من القضايا الإستراتيجية في مقاربة حراك الأُمم في التفتيش عن مصالحها ودورها على مسرحِ الأحداثِ العالمية، ولا يتورع عن التدقيق في مزاج قادتها وكوادرها وعقول قادتها ومفكريها في محاولة منه لسبر أغوار عقول قادت ونهضت بمجتمعاتها ودولها.
جاء هذا الكتاب ليلقي الضوء على عدد من القضايا المهمة والأساسية في عصرنا الحالي، من البلقان الزاخر بتاريخ يفوق قدرته على الإحتمال وربما يقارب الإنفجار، إلى ما يعرف بـ “حوافي الأوراسية” الرابضة على “برميل” من تاريخ وإثنيات وثروات ونهضة محتملة، لا بل قادمة بحتمية التاريخ والتحفيز والتجهيز.
ولا ينسى في بحثه بلاد سوريةَ المترامية على “نار ونور” بفعل خطر وقيمة شرايين العصر الحديث النفطية، والدور الألماني القادم، وصراع الأمم والمصالح وآخرها الصراع البوذي – الإسلامي المفتعل لقطع “طريق الحرير”، وحتمية أن تتعرض باكستان لحرب من قبل الأميركيين بسبب مستقبلها المعبأ بالقوة التي لا تتناسب مع “الراعي” الأميركي، ويقارب ملف الشركات الأمنية الخاصّ الروسية الناشئة أو النشطة على خطوط الأمن العالمي، ولن ينسى بالطبع فكرة الجيش الأوروبي الموحد وإمكانية قيامه من عدمه.
كما يؤكد الكتاب أن محرك كل مصائبنا اليوم ما يسمى بـ “جيوبوليتيك الطاقة” والسيطرة على ضفاف المتوسط، ولا يغيب عن بحثه هنا أن يعرج على “موضة” العصر، وهي فتح القنوات المائية الإستراتيجية، وكيف ستغير وجه تاريخ العلاقات الإنسانية. ويفرد في دراسته هذه حيزاً كبيراً لملف مهم في عصرِنا الحالي، وهو “كيفية إدارة المدن الضخمة” من لجهة الأمن بما أن العديد من تلك المدن أصبح على حافة الإنفجار.
كتاب جدير بالقراءة والتمعن، يعمل به الدكتور علوان أمين الدين بعين الباحث وقلم المرجع وعقل مدرك لأهمية ما يحدث، وهو بذلك يتطاول، أو يملأ فراغ، مؤسسات الدولة ومفكري الأحزاب التغييرية و”ثوار الحرية.”
في جهده المضني بإرادة صلبة، وبإمكانات متواضعة، يبحث الكاتب عن حقيقة ومكان ما لشعبه تحت شمس الأُمم الراقية، فهو يقرأُ في عقول الأقوام التي تخطط لعزة بلدانها بدلاً من التلهي في “جنسِ الملائكة” وتبديد الثروات.
“صراعات على حافة الهاوية” هو كتاب جديد يضاف إلى رفوف المكتبة العربية، فهو قيمة لهواة القراءات المعمقة في فهمِ استراتيجيات بعيدة المدى، والتي لها اليوم روادها في العالمِ وغياب أي منها للأسف في عالمنا العربي.
(بتصرف)
المصدر: عامر ملاعب – عربي برس.