حوار: سمر رضوان

في توقيت وإجراء لافت، صنفت الولايات المتحدة الأمريكية الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، قابله رد مجلس الأمن القومي الإيراني بتصنيف القوات الأميركية في المنطقة، القيادة الوسطى، على لوائح الإرهاب. تكمن حجة واشنطن في أن الحرس الثوري يشارك بفاعلية في تمويل ودعم الإرهاب؛ أما حجة طهران، فهي أن الولايات المتحدة هي دولة إرهابية لأنها تحمي تنظيم “داعش” وتساعده، إضافة إلى أنها تحمي أكبر كيان إرهابي ألا وهو إسرائيل.

عن تداعيات هذين القرارين على إيران والمنطقة، سأل مركز “سيتا”، د. هادي دلول، الدكتور في الفيزياء النووية والخبير في الشؤون الإيرانية، عن هذا الموضوع.

أهداف القرار

تقع النقطة الأولى في إرضاء وطمأنة بعض الدول الخليجية وإقناعهم بأن واشنطن لا تزال تحارب إلى جانبهم، وأن نهاية إيران ستكون من خلال ضرب العمود الفقري للجمهورية الإسلامية، أي الحرس الثوري الذي يحمل البرنامج النووي والباليستي الذي يهدد به الخليج بحسب زعم الأمريكي. أما في حال أرادت واشنطن بيع أسلحة لضرب إيران بإيادٍ خليجية فالآن سيشترونها مباشرةً.

أما النقطة الثانية فهي تطمين المستوطنات ورفع أسهم رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عشية الإنتخابات، وبالتالي أعطيت الفرصة له مستقبلاً بإستهداف قوات الحرس الثوري، كونه صنِّف إرهابياً، في سوريا تحديداً.

هنا يجب ذكر مسألة مهمة جداً. هناك تخوف من استجلاب مرتزقة بزي الحرس الثوري تقوم بعمل تخريبي ما، تفجير أو ما شابه، ويتم تصوريهم، وهو أمر متوقع في كل من العراق وسوريا، من أجل إيجاد أرضية شرعية لضربهم. هذا الأمر حدث في عهد الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، عندما حاولوا تثبيت تهمة الكيماوي عليه على الرغم من أن مفتشي الأمم المتحدة، وعلى رأسهم دايفيد كيلي، نفوا امتلاك العراق لمثل تلك الأسلحة. ومع ذلك، تم ضربه في العام 2003، وتم اغتيال كيلي بعد فترة بسبب وقوفه بوجه المشروع الأمريكي – البريطاني.

رد بعدة رسائل

إن قدرات الحرس التي ظهرت في الفترة الماضية لا سيما بما يتعلق بالصواريخ التي أطلقت من الأهواز على شرق الفرات هي صناعة إيرانية قطعت مسافة 700 كلم، إذ بينت هذه الواقعة مدى الدقة في إصابة الهدف. هذا الموضوع كان مدار اهتمام في الكنسيت الإسرائيلي الذي اتهم الحكومة بالكذب، فلو أن هذه الصواريخ قد انحنت بمقدار 3 درجات عن مسارها لأصابت إحدى المستوطنات.

في هذا الخصوص، إن هذا السلاح أصبح ذا فعالية كبيرة ولن يستطيع أحد إيقافه، لا القبة الحديدة ولا غيرها، فهذه المنظومات باتت متأخرة عن التكنولوجيا العسكرية الإيرانية بأشواط كبيرة.

إستبعاد العمل العسكري

بالنسبة للموضوع العسكري، هناك مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية- البنتاغون تضع كل المعطيات التي شرحناها على الطاولة مما يعطي المعارضة الأمريكية فرصة للضغط على الرئيس دونالد ترامب بأنهم غير مستعدين للدخول في حرب خاسرة ذات وجهين؛ الوجه الأول، خسارة الجنود والقطع عسكري حيث لا يزال “كابوس” أفغانستان والعراق ماثل للعيان. الوجه الثاني، أن المدخرات البيتروكيميائية التي صارت مقابل الديون، التي دخلت ترامب، كانت تشكل قرابة 13 ترليون دولار، أما اليوم فوصلت إلى حدود الـ 22 ترليون دولار. بالتالي، ماذا سيكون وضع التأمين الإستثماري داخل واشنطن في حال هددت أو ضربت هذه الإستثمارات نتيجة استفزاز إيران؟ على مدى السنوات الماضية، أثبتت التجربة بأن عدم استفزاز إيران لما استفزتنا، عسكرياً بالتحديد. من هنا، يبدو  من المستحيل السماح للرئيس ترامب القيام بأي خطوة عسكرية.

الرد الإيراني

بالنسبة لإيران، لن يكون هناك تصعيد من جانبها نهائياً فيما يتعلق بالعمل العسكري، بل سيكون خطوة مقابل خطوة على غرار ما حدث من ردة فعل مضادة على القرار الأمريكي، وإن أرادت واشنطن زيادة العقوبات فسيكون لزاماً على طهران القيام بضغط إقتصادي ما مقابل. للعلم ومنذ 15 يوماً، تم إعلان حالة التعبئة العامة سياسياً واقتصادياً تحسباً لأي عمل عسكري محتمل، حيث تم وضع الأهداف التي سيتم استهدافها دفاعياً لا هجومياً.

في هذا الشأن، برز رأي داخلي في إيران يتمثل في أنه لا يجب الركود إلى وقوع العدوان والدفاع بل المبادرة إلى الهجوم لكونه العامل الوحيد القادر على ردع واشنطن. هذا الرأي قوبل بالرفض لكون السلاح الباليستي لا يمكن استخدامه هجومياً بأي شكل من الأشكال ولا حتى على أمريكا نفسها فهو يبقى فقط ضمن حق الرد.

تعطيل الملاحة

هنا عدة أمور مهمة يجب الإشارة اليها. الأمر الأول، هل ستستطيع القوات الأمريكية وقف حركة خروج ودخول ناقلات النفط الروسية أو الصينية او الكورية ضمن مضيق هرمز المحملة بالنفط من ضمن العقوبات التي يفرضها على إيران؟ هل سيجرؤ على القيام بذلك؟

الأمر الثاني، هل ستسمح شركات التأمين لأي ناقلة بالتوجه الى تلك المنطقة في حال قامت إيران بنصب صورايخ مستهدفة نحو المضيق أو ميناء بوشهر كإجراء احترازي من أي إنزال لقوات المارينز الأمريكية فيه؟ هذا السؤال جوابه عند شركات التأمين لأن أي اضطراب عسكري قد يحصل سيرفع من كلفة التأمين إلى مبالغ خيالية وهذا كله إن سمحت تلك الشركات للناقلات والسفن بعبور المضيق أصلاً ما لم يكن هناك حالات استثنائية وبإذن خطي من البحرية الإيرانية للعبور.

إبتزاز الخليج

بعد العام 2015، كان يأتي المندوب الأمريكي إلى بعض دول الخليج لبيعهم أسلحة جديدة بحجة تطوير إيران لأسلحة متقدمة. لكن بعد توقيع الإتفاق النووي وبدء رفع العقوبات تدريجياً عن إيران، أيقنت العديد من دول الخليج بأن الولايات المتحدة لن تحارب إيران، فلماذا سيشترون منها السلاح؟ من هنا، كان على الرئيس ترامب تأجيج الصراع في مناطق معينة، كإيران وحزب الله، من أجل توقيع عقود تسليح جديدة وتسيير عجلة المصانع الأمريكية.

أما بالنسبة إلى ما يعرف بـ “صفقة القرن”، إن الرئيس ترامب يعلم جيداً بأنها لن تتم لكون مهمته الأساسية هي تكمن في تحويل المدخرات البيتروكيميائية لبعض دول مجلس التعاون الخليجي إلى دين ممتاز يسلم للبنتاغون بحيث أنه إذا خرج من البيت الأبيض يكون قد ضمن أنه قدم شيئاً إذ سبق وقال، في العام 2016، في أول بيان له “نحن مدينون بـ 19 ترليون دولار وعلى دول الخليج أن تدفع. نحن غير مستعدين لدفع دولار واحد على الحرب.” بالتالي، سيكون قد كسب عدة أمور مرة واحدة، أهمها عدم ابتزازه من قبل اللوبي اليهودي بما يخص الإستثمارات، وسيكون قد تفوق على الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه، وكذلك استطاع استثمار البترول الخليجي ما يضمن الإستثمارات بعد خروجه من سدة الرئاسة.

إتفاق خفي

قبل بدءالتطبيع مع بعض دول الخليج، كان هناك إتفاق إسرائيلي – أمريكي خفي يتمثل في الإستيلاء على أموال الخليج بشكل مباشر لصالح إسرائيل. من هنا، كانت أميركا تدخل في عقود بيتروكيميائية وتسحب هذه الأموال، من خلال صفقات الأسلحة بحيث تدخل في حساب البنتاغون ليقوم الأخير بصرفها على شكل مساعدات لتل أبيب. أما اليوم، فإن إسرائيل لن تقبل مثل هذه العمليات وستقف في وجه الولايات المتحدة بإعتبار أن هذا المال من حقها، والبترول موجود في أرضها من المحيط الى الخليج، والحرب على إيران، وبالتالي تم إيجاد “صفقة القرن” كذريعة لتغطية عملية الإبتزاز هذه.

في المقابل، هناك ضربة قاسية سيتلقاها الجانب الإسرائيلي بمجرد أن تدخل هذه الأموال إلى البنتاغون إذ سيخرج اليهودي الأمريكي ويقول للإسرائيلي “أنت لديك دولة واستثمارات واقتصاد قوي، أما نحن نعيش أزمة في أمريكا وهذه أموالنا لسداد الدين الذي علينا بسبب دعمنا لبناء وتقوية الدولة العبرية.”

مصدر الصور: سي.أن.بي.سي عربية.