إعداد: مركز سيتا

في ليبيا، تم الإعلان عن إتفاق يسمح بإنتاج النفط مجدداً بعد توقف دام أشهرا طويلة. يأتي هذا التطور وسط مؤشرات على إمكانية التوصل لتسوية سياسية للأزمة الليبية قريباً، تشمل تشكيل سلطة تنفيذية جديدة. فلقد أعلن المشير خليفة حفتر، ثائد الجيش الوطني الليبي، عن إعادة فتح الموانئ النفطية اعتباراً من 18 سبتمبر/أيلول (2020)، في خطوة جديدة إلى دفع المسار السياسي، وتعزيز التفاهمات المبدئية، التي أحرزها طرفا النزاع، بإتجاه الحل النهائي لأزمة البلاد، التي دخلت عامها العاشر.

إعلان متأخر

تم الإعلان عن استئناف إنتاج وتصدير النفط والغاز، وذلك بعد حصار ومعارك كانت على مقربة من حقولهما، حيث قال المشير حفتر بإن مهمة إعادة تدفق النفط من الحقول الواقعة تحت سيطرة القيادة الشرقية ثم تصديره للخارج ستكون “مع كامل الشروط والتدابير الإجرائية اللازمة لتوزيع عادل لعائداته على الليبيين”، مشدداً على وجوب عدم إستخدام العائدات المالية لدعم الإرهاب، بل لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

أيضاً، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الليبية، اللواء أحمد المسماري، إن الاتفاق تم مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أحمد معيتيق، مشيراً إلى أنه يشمل تشكيل لجنة فنية مشتركة برئاسة الأخير تتولى إدارة عمليات الإنتاج والبيع وتوزيع العائدات على الأقاليم الثلاثة، أي طرابلس وبرقة وفزان.

على المقلب الآخر، أكد عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أحمد معيتيق، على الإتفاق، في حين لم يتضح بعد ما إذا كانت حكومة الوفاق قد قبلت به أم لا، مشيراً إلى أن اللجنة المشكلة ستتولى ضمان التوزيع العادل للموارد، وتنفيذ بنود الإتفاق خلال الأشهر الثلاثة القادمة، على أن يتم تقييم عملها نهاية العام. بالإضافة إلى ذلك، شمل الإتفاق “توحيد سعر صرف النقد الأجنبي، وفتح التحويلات المصرفية في البلاد، ودعم المؤسسة الوطنية للنفط لممارسة أعمالها.”

مغامرة غير مدروسة

أثار إتفاق استئناف ضخ وتصدير النفط، الذي تم توقيعه في موسكو بين ممثلي الجيش الوطني برئاسة قائد الجيش خليفة حفتر ونائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، حفيظة معسكر “الإخوان المسلمين” وحلفائهم في ليبيا، فبدؤوا عملية تجييش ضده، كونه ينهي سيطرتهم على موارد النفط، حتى لا يرى طريقه إلى التنفيذ، الأمر الذي يضع البلاد أمام مأزق جديد.

في هذا الشأن، أعلن حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في ليبيا، معارضته لهذا الاتفاق النفطي الذي وصفه بـ “المغامرة غير المدروسة التي تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات النجاح”، وأطلق هجوماً ضده عبر منصاته وقنواته الإعلامية، إذ قال رئيس الحزب، محمد صوان، بإن ما “جرى اليومين الماضيين من ترتيبات للإعلان عن تسوية وتمرير اتفاقيات مشبوهة، تحمل في طياتها طموحات فردية وتجاوزاً للشرعية وللجهات المسؤولة.”

من جانبه، نأى المصرف المركزي، الذي تسيطر على إدارته قيادات إخوانية، بنفسه عن الإتفاق، نافياً بشكل قاطع صلته بتفاهمات تتعلق بتوزيع عائدات النفط، ورفض الزج به وبمحافظه “الصديق الكبير” في هذا الشأن، ولم يصدر حتى الآن أي رد فعل رسمي من جانب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أعلنت غرفة “تأمين سرت – الجفرة”، التابعة لوزارة دفاع الوفاق، عدم تبنيها لهذا الاتفاق، رافضة الزج بها في “مماحكات سياسية ومنافع شخصية سواء أكانت جهات سياسية أو حكومية أو مناطقية”، مضيفة أنها “لا تكترث بخطوط أو تقسیمات ترسم من قبل الواهمين في الداخل أو من الخارج.”

حملة مشبوهة

يرى المحلل السياسي، محمد الرعيش، أن الحملة التي شنها حزب الإخوان في ليبيا وحلفائه على الاتفاق كشف عن انقسام كبير داخل حكومة الوفاق بين من يدعمه، ويمثله جناح معيتيق، ومن يرفضه، مضيفاً أنه يدخل في إطار الصراع على المال والسلطة.

وأوضح الرعيش أن مضامين الإتفاق، لا سيما تلك التي تسند مهمة رقابة أموال النفط إلى لجنة مشتركة بين الشرق والغرب، تزيح سيطرة واستحواذ الإخوان على ملف النفط وإيراداته وتوظيفها لتحقيق مصالحهم ومآربهم وشراء الولاءات في الداخل والخارج، وتدويرها لتسليح الميليشيات وتمويل المرتزقة، مشيراً إلى أن هذه الجماعة ستعمل ما بوسعها لعرقلة تنفيذه وإسقاطه عبر أذرعتها الموجودة داخل كل من المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي وميليشياتها المتمركزة على الأرض.

فلقد عرقلت ميليشيات مسلحة بمدينة مصراتة أول اجتماع عمل للجنة المشتركة الخاصة، حيث منعت معيتيق من التوجه إلى مدينة سرت.

أخيراً، إن هذه الخطوة من شأنها تخليص ليبيا وشعبها من تردي الأوضاع المعيشية والخدمية شرط أن يكون التوزيع عادل بما يخص العائدات؛ فغلى الرغم من محاولات بعض ممن يطلق عليهم “رموز الفساد” في ليبيا من إفشال الأمر، إلا أن الاتفاق واضح وصريح لجهة نقل البلاد إلى مرحلة نهضوية تخلصها من تحكم فئات محددة بمقدراتها وحرمان شعبها من خيرات بلده ليبقى السؤال المهم: هل من تأثير لهذا الإتفاق على مسار أي تفاوض سياسي مستقبلي؟ هذا ما قد تجيب عنه الأحداث والقادم من الأيام.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: الميادين.

موضوع ذا صلة: مأزق سرت: الدور التركي في ليبيا ومواقف المعارضين