إعداد: يارا انبيعة

 

تلاسن وتبادل للإتهامات، ومحاولات لكي يكسب كل فصيل متناحر طرفاً جديداً بجانبه. هذا ما شهدته الدورة 73 الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي محاولة من الولايات المتحدة لجذب المزيد من الحلفاء لفرض عزلة على ايران، شهدت المناقشات مؤتمراً تحت عنوان “متحدون ضد ايران النووية”، بينما وقف الإتحاد الأوروبي بكتلته طرفاً داعما لإيران والإتفاق النووي.

“طهران تنشر الفوضى”

خلال خطاب بعنوان “أميركا أولاً” قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “ان القادة الإيرانيين يبذرون الفوضى والموت والدمار، وينشرون الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما وراءها”، ولفت ترامب الى ان بلاده “ستواصل فرض عقوبات على ايران وستكون اقسى من اي وقت سابق”، موضحاً “ان اي دولة لا تنصاع لقرار العقوبات على ايران ستتحمل نتائج وخيمة”.

كما حذر مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، من أنه “سيدفع ثمن كبير اذا عارضت طهران الولايات المتحدة او حلفائها او شركائه”، مضيفاً “ان النظام الإيراني هو الذي يرعى الإرهاب في المنطقة والمسؤول عن أزمة النفط فيها”، مشيراً الى “ان المجازر التي يرتكبها النظام السوري هي بدعم روسيا وايران”.

أميركا “وحيدة”

رد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، كان حاضراً حيث أعرب عن قناعته بأن الولايات المتحدة ستعود الى الإتفاق النووي عاجلاً ام آجلاً، معتبراً ان اهم قضية منذ عام حتى اليوم هي خروج الولايات المتحدة غير القانوني من الإتفاق، مشيراً الى ان الخطوة التي قامت بها واشنطن لم تكن لصالح احد، لا إيران ولا اميركا ولا اوروبا.

روحاني، وفي مؤتمر صحافي، قال “ان الأوروبيين دعموا الإتفاق النووي، واميركا باتت وحيدة”، لافتاً الى ان كل المتحدثين في مجلس الأمن دعموا الاتفاق، واضاف ان الدول الخمس الأخرى تدعم البقاء في الإتفاق وتلتزم بتعهداتها، مؤكداً ان احدى القضايا التي ناقشها خلال اللقاء مع زعماء العالم كانت التركيز على اهمية الاتفاق النووي، وشدد على أن بلاده ستبقى في الاتفاق طالما أن مصالحها مضمونة.

وبخصوص حزمة العقوبات الأميركية الجديدة، قال روحاني ان واشنطن فرضت كل انواع العقوبات على بلاده، والحزمة الجديدة ليست أمراً جديداً، معتبراً أن الحديث عن عقوبات نوفمبر/تشرين الثاني 2018، له سمة دعائية فقط، مطالباً بتقديم الدعم اللازم من الشركات التي تتعامل حالياً مع إيران.

“تأييد” حذر

دافعت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عن الإتفاق معتبرة اياه اداة فعالة لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي، وقالت “ان خطة الأعمال المشتركة الشاملة لا تزال افضل اداة تمنع إيران من تطوير السلاح النووي، ونحن ملتزمون بالحفاظ على خطة الأعمال طالما تلتزم إيران بتعهداتها بالكامل.”

أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فقال “منذ (العام) 2015 الدول الموقعة على الإتفاق النووي تباعدت لكننا نعمل على منع حصول ايران على سلاح نووي”، وفي كلمته شدد ماكرون على انه رغم الخطوات الأميركية “لا زالت ايران ملتزمة بالاتفاق النووي”، مؤكداً ان هناك معطيات ايجابية في المنطقة يمكن البناء عليها لتعزيز الإستقرار.

غطرسة وأنانية

اتهمت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، بـ “الأنانية والغطرسة” لسعيها الى الحفاظ على الاتفاق النووي، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، وليس الحرص على حماية مصالح دول الإتحاد الأوروبي، اضافة الى انها موغريني كانت شريكة في اعداد وتوقيع الإتفاق.

انتقادات هايلي هذه اتت غداة صدور بيان مشترك اكدت فيه دول الخمس (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) تمسكها بتنفيذ أحكام خطة العمل الشاملة المشتركة، حيث أشار البيان الى ان الجانب الإيراني ينفذ التزاماته بالكامل، كما اكد المشاركون على ضرورة مواصلة تطوير الإتصالات الإقتصادية مع ايران بما فيها المتعلقة بتصدير النفط والغاز، مع ضرورة انشاء كيان قانوني لإجراء المعاملات المالية معها.

بين المفهومين الوطني والدولي

سعيد عريقات، الكاتب والمحلل السياسي، رأى أن كلمة الرئيس ترامب جاءت لترسخ “المفهوم الوطني الأمريكي” وليس “المفهوم العالمي”، مشيراً الى ان اعمال هذه الدورة تختلف عن سابقاتها ما يجعل المجال اكبر للإستقطاب في ظل الحروب الدائرة في اليمن وليبيا وسوريا مما يشكل حالات من التناقل بين الدول المنخرطة في هذه الأزمات، كما أن الخروج من الإتفاق النووي الإيراني، واتفاقية المناخ، والأزمة بين الولايات المتحدة والصين، كلها تعكر صفو التعاون الدولي.

كما اعتبر محمد رجائي بركات، المتخصص في العلاقات الدولية، ان المواقف المتباينة بين رؤساء الدول على منصة الأمم المتحدة أمر طبيعي، مشيراً الى انه ومنذ تبوء ترامب سدة الرئاسة الأولى “وجدنا ان هناك تغيرات طرأت على العلاقات الدولية، وأصبحت الولايات المتحدة تحاول السيطرة على الكثير من جوانب العلاقات الدولية ما احدث نوعاً من الفوضى في هذا الجانب.”

 

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: قناة العربية.