شبنام فون هاين*
على خلاف منافسه الديمقراطي جو بايدن، يراهن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فرض العقوبات وممارسة أقصى الضغط على إيران للحصول على تنازلات منها. ومراقبون لا يستبعدون حصول “صفقة” أو محادثات ثنائية في حال فوزه بولاية ثانية.
شارك وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في تظاهرة افتراضية “لمجلس العلاقات الخارجية”. والدعوة من جانب هذه المؤسسة الأمريكية تمثل فرصة هامة لظريف ليشرح هنا مباشرة للجمهور الأمريكي موقف بلاده من الاتفاق النووي وإبراز فشل السياسة المنتهجة من قبل الرئيس ترامب في الملف الإيراني.
وسبق لظريف ان وصف إعادة إدراج العقوبات الأممية من طرف واشنطن ضد بلاده في مقابلة مع التلفزة الايرانية بـ “حيلة دعائية” قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. والرئيس ترامب كان قد وعد قبل أربع سنوات ناخبيه بإلغاء الاتفاقية المبرمة مع إيران من جانب سلفه باراك أوباما والتفاوض على صفقة أفضل. والجزء الأول من هذا الوعد الانتخابي وفى به ترامب بالتخلي الأحادي عن الاتفاقية في 2018. لكن الصفقة الأفضل ماتزال غير متوفرة.
الولايات المتحدة معزولة بالعقوبات
ولا يستنتج من ذلك أن هذه الاستراتيجية ربما بها عيب. بل العكس، فإدارة ترامب تعتبر العقوبات الأممية الملغاة حسب الاتفاق النووي ضد إيران بأنها سارية المفعول مجددا وتهدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعقوبات في حال ارتكاب خروقات.
وبعد انتهاء مهلة بثلاثين يوما لفض الخلاف تكون جميع العقوبات الأممية ضد إيران سارية المفعول بصفة تلقائية، كما أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. ووزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في المفاوضات حول الاتفاق النووي المانيا وفرنسا وبريطانيا أعلنت في المقابل أن إعادة اعتماد الإجراءات العقابية المتبعة من طرف حكومة ترامب لا يمكن “أن يكون له مفعول”.
وحتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعلن أنه بسبب الوضع غير الواضح لا يمكن له للوهلة الأولى التحرك، لأن 13 من 15 عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يشكون في أن الولايات المتحدة ليس لها أصلا الحق في تفعيل ميكانيزم العقوبات. وبسبب إلغائها الأحادي الجانب للاتفاقية قبل عامين لم تعد الولايات المتحدة حسب باقي الدول الأخرى عضوا في الاتفاقية.
بايدن يريد العودة إلى الدبلوماسية الدولية
جو بايدن، مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية يؤيد عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي مع إيران. وفي مقال لقناة “سي إن إن” أعلن بايدن أن حكومته (في حال فوزه بالطبع) ستلتحق بالاتفاق النووي إذا التزمت طهران بشروط الاتفاقية. والحكومة في طهران لا يتبقى لها إلا بعض الشهور من الوقت للاستفادة من نصر ممكن لبايدن.
وفي يونيو/ حزيران من عام 2021 ستنتخب إيران رئيسا جديدا، فالرئيس الحالي حسن روحاني لا يمكن له بعد ولايتي حكم الترشح. وربما سيستفيد المتشددون كما كان عليه الحال في الانتخابات البرلمانية بداية هذا العام من مشاركة انتخابية ضعيفة وبإمكانهم دفع مرشحهم إلى منصب الرئاسة.
ترامب يأمل بمحادثات مع إيران
ليس فقط بادين بمقدوره الانتظار حتى يتم انتخاب الرئيس المقبل في إيران وجس نبض إمكانيات التفاوض. فالمرشح المنافس له ترامب يعبر عن قناعته من أن الضغط له مفعوله على إيران وأن طهران ستتفاوض معه إذا ظل في البيت الأبيض. ويفترض خبراء أن ترامب قد يتعامل كما عمل تجاه كوريا الشمالية ـ من جانب واحد وبدون إشراك الأوروبيين. ويتوقع هؤلاء الخبراء قبل إبرام صفقة بين الولايات المتحدة وإيران حصول توترات في الشرق الأوسط.
خلف روحاني “المتشدد” سيحصل على دعم أكبر
في المقابل استبعد الزعيم الروحي الإيراني آية الله خامنئي في نهاية يوليو/ حزيران الماضي أي مفاوضات مع الولايات المتحدة قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، لأن دونالد ترامب قد يستفيد من هذه المحادثات في معركته من أجل البقاء في البيت الأبيض لولاية ثانية.
وقد يسمح خامنئي للرئيس الإيراني المقبل الذي يرجح أن يكون من المتشددين، بالدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة لتهدئة الخواطر الغاضبة والحفاظ في الوقت نفسه على النظام السياسي من الانهيار. سياسي إيراني بارز قال في نهاية شهر آب/ أغسطس في مقابلة مع وكالة الانباء الايرانية:” تحت الظروف الصعبة الحالية سيكون ربما من الأفضل أن يمسك المتشددون بزمام جميع السلطات من البرلمان حتى الرئاسة. هم يريدون تسجيل نجاحات وسيدخلون في مفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
*كاتب ألماني.
المصدر: دي دبليو.
مصدر الصور: أرشيف سيتا.
موضوع ذا صلة: أبعاد السياسات الأمريكية في المشرق