إعداد: مركز سيتا

ترى إيران أن إنتهاء حظر السلاح المفروض عليها، طبقاً لنص القرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231/2015 الذي أقر الإتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة “5+1″، يعد إنتصاراً سياسياً على واشنطن، فيما ترى الأخيرة أن إيران لن تصمد أمام عقوباتها لشهر أو شهرين بعد إنتخابات الرئاسة الأميركية.

فشل أمريكي

بعد إنتهاء المدة، ستبدأ الأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، أكتوبر/تشرين الأول 2020، تخفيفاً تدريجياً للحظر الذي يمنع طهران من شراء الطائرات والأسلحة الحديثة وستتمكن أيضاً من بيع أسلحتها. يأتي ذلك بعد أن فشلت الولايات المتحدة الشهر الماضي بتمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يمدد حظر السلاح المفروض على إيران، حيث رفضت المشروع كل من روسيا والصين، وإمتنعت الأغلبية الساحقة في المجلس عن التصويت عليه.

في هذا السياق، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، روبرت أوبراين، إن إيران “قد تصمد في وجه العقوبات الإقتصادية لشهر أو شهرين عقب الإنتخابات الأميركية المقررة بعد أقل من أسبوعين، غير أنها لن تتحمل تلك الضغوط لـ 4 سنوات إضافية”، مضيفاً أنها “تفضل التعامل مع إدارة أميركية غير إدارة الرئيس دونالد ترامب”، كما رأى أنه “في حال فوز الرئيس ترامب، فإن إيران لن تتحمل الألم الإقتصادي الناتج عن العقوبات الأميركية لـ 4 سنوات إضافية، ولذلك سيأتي الإيرانيون إلى طاولة الحوار.”

في هذا المجال، إتهمت إدارة الرئيس ترامب إيران بعدم الإمتثال لواجباتها المنصوص عليها في الإتفاق النووي إذ طالبت واشنطن، بناءً على ذلك مجلس الأمن، بإعادة فرض كل العقوبات الدولية مجدداً.

قدرة محدودة

تقول مجلة “الإيكونومست” البريطانية إن الترسانة الإيرانية تشمل دبابات بريطانية ومروحيات أميركية قديمة، أدخلها الغرب إلى متاحف السلاح، حيث خسرت إيران أكثر من ثلث معداتها العسكرية في خلال الحرب الطاحنة مع العراق، التي إستمرت 8 سنوات خلال ثمانينيات القرن الماضي، ومع رفع حظر السلاح، سيكون في وسعها الحصول على أسلحة حديثة.

في حين يرى موقع “راديو فرادا” المتخصص في الشأن الإيراني إنه من الناحية النظرية، فيسكون بوسع طهران شراء الأسلحة التقليدية مثل الدبابات والطائرات المقاتلة وأنظمة صاروخية، لكنه رأى أن شراء الأسلحة لن يحدث فوراً، إذ إن هناك العديد من القيود التي تمنع إيران من التحرك في هذا المجال، مثل العقوبات الأميركية الصارمة التي جعلت البلاد تعاني من نقص حاد في السيولة.

هذا الأمر عللته الحكومة الإيرانية بالقول أنها “تعتمد على نفسها في الدفاع، ولا ترى ضرورة للتهافت على شراء الأسلحة مع إنتهاء حظر الأمم المتحدة على الأسلحة التقليدية”، حيث أعلنت الخارجية الإيرانية أن “عقيدة إيران الدفاعية تقوم على الإعتماد القوي على شعبها وقدراتها المحلية.. لا مكان للأسلحة غير التقليدية وأسلحة الدمار الشامل والإندفاع لشراء الأسلحة التقليدية في عقيدة الدفاع الإيرانية.”

هذا البيان، فُسِّر على أنه تأكيد للتحليلات التي رأت أن طهران لن تذهب بعيداً في مجال شراء الأسلحة لأسباب عدة، منها الأزمة المالية الطاحنة والعقوبات التي لوحت بها واشنطن ضد أي بائع سلاح لها.

مخاطر عديدة

برغم العلاقات الوثيقة التي تدمع إيران مع روسيا والصين، ورغم رفع الحظر عن الأسلحة، لكن موسكو وبكين سيحجمان عن بيع أسلحة لها، مع أنهم يقفون في صف الطرف المؤيد لإنهاء حظر السلاح، وذلك على الرغم من التسريبات الكثيرة مؤخراً عن الإتفاقية الإيرانية – الصينية والتي يبدو أن موضوع شراء أو بيع الأسلحة يقع خارج إطارها.

هنا، يقول الباحث في معهد أبحاث السلاح وسياسة الأمن، أوليفر ماير، من مفارقات إنتهاء حظر السلاح “أن تأثيره سيكون محدوداً على عمليات شراء الأسلحة التقليدية بالنسبة إلى الإيرانيين”، مضيفاً أن موردي الأسلحة التقليدية “لن يغيروا من سياستهم”. أما أحد المحللين بمجموعة أورسيا البحثية – واشنطن، فيقول إن كلاً من روسيا والصين قد تدخلان في مفاوضات مع إيران، لكنهما لن يذهبا بعيداً وسينتظرون نتائج الإنتخابات الأميركية، مضيفاً “إن لدى هاتين الدولتين مصالح كبيرة مع دول المنطقة، التي ستنزعج كثيراً في حال كانت هناك مبيعات أسلحة، كما أن تمويل صفقات السلاح أمر صعب بالنسبة إيران، مما يجعلها أمراً محفوفاً بالمخاطر بالنسبة إلى الموردين.”

هذا الرأي لاقى دعماً من المجلس الأوروبي حيث أعلن في بيان عن “أن الطريقة البراغماتية لمعالجة هذه المخاوف تتمثل في التوصل إلى إتفاقيات جانبية مع روسيا والصين بشأن توقيت ونطاق مبيعات الأسلحة إلى إيران، بطرق تمنع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط”، مضيفاً “أنه وبالنظر إلى الدعم العسكري الغربي المستمر للشركاء الإقليميين، والتوافق المتزايد بين إسرائيل والعالم العربي، من غير المرجح أن يغير إنتهاء الحظر ميزان القوى في الشرق الأوسط على المدى القصير.”

خيارات طهران

رغم ضبابية المشهد وتعقيداته في الفترة الحالية لا سيما على صعيد الوضع الإقتصادي، قد تذهب طهران لاحقاً نحو تحديث جزئي للجيش، لا كلي، مثل شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس -400”. يتماهى ذلك مع تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية، صدر في العام 2019، حيث قدّر أن طهران ستعمد إلى شراء طائرات حربية متقدمة، معتبراً أن ذلك قد يشكل خطراً حتى حدود أوروبا؛ بالتالي، ستمتلك ترسانة أكبر وأقوى مما لديها.

ورغم ضغوط الولايات المتحدة لتمديد الحظر بالكامل، إلا أن ذلك قد إنتهى تقنياً. فلقد هنأ الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الشعب بإنهاء حظر الأسلحة، وأشاد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بهذا التطور معتبراً هذا اليوم بأنه مهم للمجتمع الدولي.

أخيراً وعلى الرغم من إيجابية المسألة، إلا أنه لا تزال هناك عقبات جدية تعيق شراء إيران للأسلحة، لا سيما بعدما أصدر الرئيس الأميركي أمراً تنفيذيا ينص على معاقبة الأفراد والشركات التي تتورط في إنتاج وبيع الأسلحة والمعدات إلى إيران، ناهيك عن الحظر المالي الأميركي على البنوك والمؤسسات المالية الإيرانية والذي يعيق عمليات البيع والشراء وحتى الأنشطة التجارية الروتينية؛ بالتالي، يشككل رفع الحظر إنتصاراً سياسياً نظرياً لإيران، على أن شيئاً لن يتغير في المدى المنظور.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: صوت أمريكا – أرشيف سيتا.

موضوع ذا صلة: إيران والرهانات المرة