خاص سيتا

 

دينيس كاركادينوف*

يبدو أن رغبة الرياض القوية في مقاومة طهران في الشرق الأوسط قد اتخذت الكثير من المنحنيات السلبية، ما أدى إلى تفاقم التناقضات، وخلق أسس جذرية لتصعيد الصراعات فى الشرق الأوسط، الأمر الذى قد يهدد السعودية نفسها. في نفس الوقت، تحاول المملكة العربية السعودية أن تنأى بنفسها عن المشاركة في أي نزاع دولي، بما في ذلك لبنان واليمن.

ففي 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أعلنت السعودية رسمياً أن التحالف الدولي الذي تقوده يخطط لاعادة فتح المطارات والموانئ في اليمن قريباً. غير أن هذا التصريح قد ترافق مع شن الرياض لسلسلة من الغارات العنيفة على مواقع الحوثيين في صنعاء. وفي ملاحظة مهمة، تزامن هذا البيان، المتعلق بـ “استعادة” اليمن، ايضاً مع اعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من الرياض، في اليوم نفسه.

برأينا، يتطور الوضع بطريقة تجعل السعودية تتخلى تدريجياً عن مواقفها من الصراعات العسكرية الدولية، اذ تغلق الرياض على نفسها من اجل حل المشاكل الداخلية التى تمر بها. يقابل ذلك ضغط خارجي قوي من البيت الأبيض، حيث تسعى واشنطن من خلاله إلى إشراك النظام الملكي السعودي في دور أجنبي – عربي. اعتقد أن هذا الضغط يعتبر جزءاً من تسديد ثمن “الادارة” غير الناجحة للأزمة القطرية؛ فالسعوديين لم يرقوا إلى آمال واشنطن التي كانت تهدف إلى عزل الدوحة.

ان مسار الإصلاح، الذي إختاره الامير محمد بن سلمان، بعيداً عن سلوك الصراعات العسكرية الإقليمية، يعتمد على شقين؛ الشق الاول، “الانفتاح”والذي لا يزال ضعيفاً جداً. اما الشق الثاني، “الديمقراطية” من اجل عدم اخافة المستثمرين الدوليين. إن هذا التطور يعني أن ولي العهد الشاب يحاول استعادة توازن القوى في المنطقة، وأن ينأى بنفسه عن الصراعات الكبرى والتي تتطلب مدفوعات مالية سعودية ضخمة.

وفي الوقت نفسه، لا يمكن التوقع بأن القبض على أحد أفراد العائلة المالكة، سيحل المشاكل الداخلية للرياض. بل على العكس من ذلك، ان موجة الاعتقالات قد كشفت عن قسم كبير من المعارضين لتلك الاجراءات، مما يعني أن تطهير وقتل ممثلي المعارضة السعودية سيستمر، طالما لا يريد، او لا ينوي، الامير محمد بن سلمان “الاستسلام”.

 

*محلل سياسي روسي

 

مصدر الصورة: موقع المنار