محمد نبيل الغريب البنداري*
أعلنت لجنة الإنتخابات المركزية للكنيست الـ 21 عن فوز بنيامين نتنياهو، وحزبه الليكود اليميني، بولاية خامسة حيث سيشكل الحكومة في الفترة القادمة مع باقي الأحزاب الإئتلافية داخل الكنيست.
عكست نتائج الإنتخابات إيديلوجية وفكر المجتمع الإسرائيلي المتمسك بقومية الدولة والذي ما يزال يتطلع إلى المد اليميني داخلها، وهذا بفضل الخطوات السياسية التي اتخذها نتنياهو في الفترة الأخيرة من إعتراف أمريكي بالقدس كعاصمة للإحتلال، إلى نقل بعض السفارات والقنصليات الأجنبية سواء من إفريقيا أو من أمريكا اللاتينية إليها، ومن ثم مؤخراً نال إعتراف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسيادتها على الجولان السوري المحتل.
إنعكاس الإنتخابات على الأوضاع في الضفة الغربية وغزة
من المعروف عن سياسة الأحزاب اليمينية الإسرائيلية، وخصوصاً حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو، أنها ما تزال تتطلع إلى بسط السيطرة الإسرائيلية على كل بقعة جغرافية من الأرض الفلسطينية.
الضفة الغربية
يتطلع نتنياهو إلى بسط سيطرة إسرائيل على كامل أراضي الضفة الغربية والتي قد قسمت في مؤتمري “أوسلو” و”مدريد” العام 1995 إلى:
- “مناطق أ”: هي المناطق التي تخضع للسيطرة الفلسطينية الكاملة (أمنياً وإدارياً) وتبلغ مساحتها 1,005 أي ما نسبته 18% من مساحة الإجمالية للضفة الغربية.
- “مناطق ب”: هي المناطق التي تقع فيها مسؤولية النظام العام على عاتق السلطة الفلسطينية، وتبقى لإسرائيل السلطة الكاملة على الأمور الأمنية، وتبلغ مساحتها 1,035، أي ما نسبته 18.3% من مساحة الإجمالية للضفة الغربية.
- “مناطق ج”: هي المناطق التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية، وتشكل 61% من المساحة الكلية للضفة الغربية.
يبدو أنه ومن المتوقع، كما وعد نتنياهو، ضم تلك المناطق لتكون تابعة عسكرياً وإستيطانياً لدولة الإحتلال، وسيترك الملفات الخاصة بالنظام العام للسلطة الفلسطينية في رام الله، مع العلم أن تلك المناطق الخاضعة للحكومة الفلسطينية، كمناطق “أ”، تم إختراقها بالفعل من قبل المستوطنين اليهود وتم تهجير بعض الفلسطينيين منها. وبالتالي، أتوقع أن تكون هناك سياسة إستيطان وتهجير من قبل نتنياهو في الفترة القادمة في مناطق الضفة الغربية.
قطاع غزة
يعتبر قطاع غزة بمثابة “فزاعة” أمنية للمستوطنات الإسرائيلية، فمنه تنطلق الصواريخ التي تتساقط على المستوطنات الجنوبية حتى تل أبيب. لذلك، من المحتمل القيام بحملة عسكرية مبكرة من قبل جيش الإحتلال، خصوصاً في عهد نتنياهو، لدخوله والسيطرة عليه في حال إستمرار عملية إطلاق الصواريخ وفشل الوفد المصري في إيجاد حل نهائي لها، والتي تهدد الأمن الإسرائيلي من المنظور الإستراتيجي. وفي حال تمت هذه العملية العسكرية في القطاع، سيكون من بين أسبابها ضغط الرأي العام الإسرائيلي على نتنياهو والحكومة الإسرائيلية للقيام بها.
الأوضاع الإقليمية
قبل الإنتخابات الإسرائيلية، كانت العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية تمر بفترات ليست بالسيئة، فقد حضر نتنياهو “مؤتمر وارسو” بجانب بعض المسؤولين العرب في العاصمة البولندية في فبراير/شباط 2019. كذلك زار نتنياهو سلطنة عمان، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، حيث تعبر كل تلك الخطوات عن المدى الذي وصل إليه التطبيع العربي السري والعلني مع الكيان الصهيوني، وهذا يرجع لسبب واحد لا ثاني له أن الكيان الصهيوني نجح في جعل إيران بالنسبة للدول العربية العدو الأولي لا ثانوي، كما نجح عبر أدوات عدة في جعل بعض الدول العربية تتجه بكل ثقلها نحو مجابهة إيران والإبتعاد عن القضية الفلسطينية والحقوق التاريخية فيها. وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول بأن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يعملان على إضعاف الحكومة الإيرانية لا إسقاطها، لأن سقوطها سيجعل بعض الدول العربية تتفرغ للملف الفلسطيني، إذ يعملان على إدارة الصراع مع إيران لا أكثر. بجانب ذلك، تعمل إسرائيل على سلب الحقوق العربية.
وبناء على ما سبق، إن الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا ستستمر، كما يحدث الآن، بل من الممكن أن تتعداها وتطال عدة أماكن تتواجد فيها قوات إيرانية، كالعراق على سبيل المثال.
إضافة إلى ذلك، ستنال “صفقة القرن” إهتماماً كبيراً من حكومة نتنياهو فور تشكيلها وسيعلن عنها في الفترة القادمة من قبل واشنطن.
المستقبل السياسي
أما بخصوص مستقبل نتنياهو في الحكومة، فهناك توقعات جدية بأن يلاحق جنائياً داخلياً مرة أخرى من قبل الشرطة الإسرائيلية بتهم فساد، كالقضايا ״1000״ و”2000″ و”3000″ و”4000″، ومن المتوقع أيضاً أن يتم إستجوابه مرة أخرى، هو وزوجته سارة، في الفترات المقبلة على خلفية هذه التهم، وربما يتعرض للسجن. وإن لم يلاحق في هذه الحالة، فسيتم تنفيذ ما تم ذكره خلال الأربع سنوات القادمة.
باحث سياسي مصري*
مصدر الصورة: يورو نيوز.