حليم بوعمري**

بعد ثلاث سنوات ونصف من الحصار الرباعي على قطر، أصبحت المصالحة الخليجية قد أمراً شبه واقع من خلال قمة العلا، في المملكة العربية السعودية التي عقدت في 5 يناير/كانون الثاني 2021.

بعد الإعلان عن إتفاق السعودية وقطر على إعادة فتح الحدود والأجواء بينهما، عشية القمة الخليجية الـ 41 التي إنعقدت في محافظة العلا السعودية، ووصول أمير قطر الشيخ، تميم بن حمد، إلى الأراضي السعودية وإستقباله من جانب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، سار الإعلان الرسمي عن إتمام المصالحة الخليجية في طريقه المتوقع.

وجاء الإعلان الأول عن المصالحة من جانب وزير خارجية الكويت، الشيخ أحمد ناصر الصباح، تتويجاً لجهود الوساطة التي إستمرت على مدى أكثر من 3 سنوات، وتمهيداً لمصالحة خليجية شاملة، بإعلانها إتفاق السعودية وقطر على إعادة فتح الحدود والأجواء بينهما، وهي الخطوة التي إتبعتها باقي الإمارات والبحرين ومصر.

باتت تأثيرات الأزمة الخليجية بالغة الخطورة على الواقعين الخليجي والإقليمي، حتى نجحت الوساطة الدبلوماسية الكويتية والضغوط الأمريكية بإنهاء الأزمة بين دول الخليج والخروج من الأزمة، نظراً لزيادة حجم كلفتها باعتبارها أزمة صفرية لا يوجد فيها رابح بل الجميع خاسر، فجاء إنهاء الحصار رغم عدم التزام قطر بالمطالب الـ 13 التي قدمتها دول الخليج، العام 2017، والتي تضمنت إغلاق قناة “الجزيرة” وتقليص تعاون قطر مع إيران وكذا إغلاق قاعدة عسكرية تركية.

لماذا الآن؟

إرتفاع حدة التوتر بين إيران وبين الولايات المتحدة في أعقاب إغتيال العالم النووي، محسن فخري زادة، من مخاوف إقدام طهران على توجيه ضربات عسكرية تزعزع إستقرار منطقة الخليج، خصوصاً أن رفض التهديدات الأمنية الإيرانية هو مسألة مشتركة بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، جاء تراجع السعودية كجزء من رغبتها في تقديم جبهة خليجية موحدة عندما يتعلق الأمر بإيران والحديث عن العودة للإتفاق النووي الإيراني، بحيث يصبح مجلس التعاون الخليجي الموحد والمتصالح بكامل أعضائه في موقف أكثر قوة وأيضاً وضع نفسها كشريك رئيسي لإدارة جو بايدن القادمة التي تحرص على إعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة بالسعودية.

تغيير في خريطة التحالفات ومسار الأزمات

يمكن أن تؤدي المصالحة الخليجية إلى مراجعة في التحالفات الحالية في إطار المحور القطري – التركي في مواجهة المحور السعودي – الإماراتي – المصري وهو ما قد يمثل تغييراً ملموساً في المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط، لكن غياب ولي عهد أبوظبي الشيخ، محمد بن زايد، عن حضور القمة الخليجية يوحي بأن الإتفاق الذي تم التوصل إليه بالأساس بين الدوحة والرياض ليس مُرضياً للقاهرة وأبوظبي، فكلتاهما كانت تضع قطع قطر علاقاتها مع جماعات الإسلام السياسي وخصوصاً جماعة “الإخوان المسلمين” شرطاً أساسياً رفضته قطر.

كما من المتوقع أن تؤثر المصالحة الخليجية على سلوك دول الخليج المتورطة في أزمات مصر واليمن وليبيا، ما يحدث تغييرات في مسار الأزمات المذكورة.

*العنوان الأساسي: “تحول كبير في التحالفات والأزمات.. كيف ستتغير الخريطة السياسية في الشرق الأوسط بعد المصالحة الخليجية؟”

**كاتب وباحث متخصص في العلاقات الدولية

المصدر: عربي بوست.

مصدر الصورة: الحرة.

موضوع ذا صلة: أمن الملاحة في الخليج: مطلب أمريكي بتنفيذ أوروبي