بعد اتخاذها عدة مواقف مناهضة للصين خلال السنوات الأخيرة، أبدت أستراليا مؤخراً رغبتها في الحوار مع الصين. وفي هذا الصدد، ذكرت قناة “سكاي نيوز” الأسترالية، أن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، قد أرسل خلال خطابه الأخير رسائل ايجابية نحو الصين، حيث قال “رغم أن العلاقات الأسترالية – الصينية قد تغيرت بوضوح، لكن أستراليا ستواصل محاولات الحوار مع الصين.”

قبل ذلك، شهدت العلاقات الصينية – الأسترالية تدهوراً بسبب المواقف السلبية التي اتبعها بعض السياسيين الأستراليين تجاه بكين. فمن جهة، ساندوا الولايات المتحدة في سياساتها المناهضة للصين. ومن جهة ثانية، صوروا استراليا على أنها “ضحية” الصين، وعما أسموه بـ “قمع” الصين للصادرات الأسترالية نحو سوقها.

في هذا السياق، قالت صحيفة “فاينانشال ريفيو” الأسترالية إن “علينا ألا ننسى بأن أستراليا هي من بادرت باستهداف الصين”. وذكرت الصحيفة أنه بعد توقيع البلدين على اتفاقية التجارة الحرة، قامت أستراليا بمنع أكثر من 100 سلعة من الواردات الصينية، بعلّة مكافحة الإغراق، بما يخالف قواعد منظمة التجارة العالمية. كما كانت أستراليا أول دولة تمنع شركة “هواوي” من المشاركة في مشاريع شبكات إنترنت الجيل الخامس –G5، وأعلنت حظراً شبه شامل على الاستثمارات الصينية، إلى جانب منعها للتعاون الثنائي بين حكومات الولايات والجامعات نظرائها في الصين.

ويرى شو لي بينغ، الباحث في معهد آسيا والمحيط الهادئ والاستراتيجيات العالمية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن التغييرات في سياسة أستراليا تجاه الصين، قد عكست إلى حد ما حالة الارباك لدى إدارة موريسون في التعامل مع الصين. فمن ناحية، تعتمد أستراليا اعتماداً كبيراً على الصين في مجال الاقتصاد والتجارة. ومن ناحية أخرى، لا تزال أستراليا تعامل الصين بعقلية الحرب الباردة، الشيء الذي أثر سلباً على الحوارين السياسي والاقتصادي بين البلدين.

تعد الصين أكبر شريك تجاري لأستراليا، وأكبر سوق لصادراتها، وأول مصدر لوارداتها. ووفقاً لمكتب الإحصاء الأسترالي، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين وأستراليا، العام 2019، مستوى 158.97 مليار دولار أمريكي، وبلغت قيمة صادرات أستراليا إلى الصين 103.9 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل 38.2% من إجمالي قيمة صادرات أستراليا. أيضاً، بلغت قيمة واردات أستراليا من الصين 55.07 مليار دولار أمريكي، ما يمثل 25.8% من إجمالي قيمة الواردات الأسترالية.

كل هذا يفسر الضرر الكبير الذي يمكن أن يلحق بالتبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في صورة تدهور العلاقات السياسية. حيث تظهر البيانات أن إجمالي حجم التجارة بين كل من الصين وأستراليا، العام 2020، قد بلغ حوالي 168.32 مليار دولار أمريكي، بانخفاض قدره 0.7% عن العام 2019، كما تراجعت واردات الصين من أستراليا إلى مستوى 114.84 مليار دولار أمريكي، بانخفاض 5.3% على أساس سنوي. وتأتي أستراليا في المرتبة الثامنة بين الشركاء التجاريين للصين.

في هذا الصدد، يرى وانغ شياو بينغ، الباحث في مركز أبحاث الحدود البحرية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن على الساسة الأستراليين أن يدركوا بأن أهمية الصين بالنسبة لأستراليا، تتجاوز أهمية أستراليا بالنسبة للصين، لا سيما في ظل تراجع النمو الإقتصادي وتضرر نظام الرعاية الاجتماعية. لكن مع ذلك، اتخذ الساسة الاستراليين سياسات مناهضة للصين، وقاموا بشن حملات اعلامية معادية ومضللة للرأي العام المحلي حول الصين.

وفي وقت سابق، قال وزير التجارة النيوزيلندي داميان أوكونور، في مقابلة صحفية، إنه إذا تمكنت أستراليا من إظهار الاحترام، واعتماد نهج أكثر دبلوماسية وحذر على الطريقة النيوزيلندية، فمن المتوقع أن تصل العلاقات الأسترالية – الصينية إلى مستوى مماثل لعلاقات بلاده بالصين.

ويعتقد شو لي بينغ أن العلاقات الصينية – الأسترالية تمرّ بأسوأ مراحلها، وأن الجانب الاسترالي يتحمّل المسؤولية الرئيسية في تدهور العلاقات، خاصة أن حكومة موريسون التي أساءت تقدير علاقات بلادها مع الصين، مؤكداً على أن حكومة موريسون مطالبية للنظر للعلاقات الصينية – الأسترالية من زاوية الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، ومن منظور المنفعة المتبادلة، بعيداً عن الأحكام والقراءات الخاطئة.

أما وانغ شياو بينغ، فيرى أن أستراليا يجب أن تحل أولاً مسألة الهوية الذاتية، إذ لطالما اعتبرت نفسها عضواً في الأسرة الغربية الكبيرة، وتتقاسم نفس القيم مع الدول الغربية، ومن ثم تقف إلى جانب الولايات المتحدة في بعض القضايا المتعلقة بالصين. في حين أن أستراليا هي إحدى دول آسيا والمحيط الهادئ، وهذا يمثل أهم ميزة جيو – سياسية بالنسبة لها في الوقت الحالي. واعتبر أن إندماج أستراليا الفعّال في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخاصة المحافظة على علاقات جيدة مع الدول الكبرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قضية مهمة تتعلق بالتنمية الاقتصادية في أستراليا، والاستقرار الاجتماعي ورفاهية المواطنين.

المصدر: صحيفة الشعب اليومية أونلاين

مصدر الصورة: عربي بوست.

موضوع ذا صلة: أربعة توجهات أمريكية ضد الصين