أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، عن استضافة دولة قطر اجتماعاً تشاورياً لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب، 8 يونيو/حزيران المقبل (2021)، بناء على طلب من الدوحة.
وقال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، في بيان، إن الاجتماع يأتي في إطار حرص مجلس الجامعة، على مستوى وزراء الخارجية، على رفع وتيرة وكثافة التشاور حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك للدول الأعضاء وفي مقدمتها الموضوعات ذات الطبيعة السياسية.
تصحيح للمسار؟
إن طلب الدوحة لاستضافة اجتماع تشاوري يأتي في ضوء التطورات الأخيرة التي حدثت وتحدث في الشرق الأوسط، لعل أبرزها، الحرب الإسرائيلية – الفلسطينية، وفوز الرئيس السوري، بشار الأسد، بولاية جديدة بنسبة كبيرة جداً، وبدء ظهور وعي شعبي كبير في العالم العربي، الرافض لتصرفات حكوماته، خاصة إزاء مواقفها الأخيرة من الحرب الإسرائيلية.
هي عوامل كثيرة لا بد للدوحة أن تبدأ بتعديل مسارها، إن لم نقل تغيير سلوكها – بحسب بعض المراقبين – خاصة وأن دورها كان مليئاً بعلامات الاستفهام من الحرب السورية إلى الليبية، إلى علاقتها مع حركتي “طالبان” و”حماس”، وغير ذلك.
إلا أن الضربة الأقسى التي شهدتها قطر تمثلت في القطيعة الخليجية، التي قد لا تكون أضرت بها على المستوى الاقتصادي إذ فتحت لها أبواب تحالفات جديدة مع تركيا وإيران، لكنها وبنفس الوقت أيقظت “المارد” الخليجي ضدها، الذي يعتبر طهران عدواً اساسياً له، كذلك الأوضاع مع أنقرة ليست في أفضل حالاتها؛ وأما رعايتها لمحادثات الدوحة بين واشنطن و”طالبان” على سبيل المثال، فلقد أزعجت الرياض – ذات الثقل الخليجي في المنطقة – إذا ما تم ربطه بالفتور الأخير بينها وبين الولايات المتحدة في عهد الرئيس الحالي، جو بايدن.
لماذا الآن؟
كما ترأست قطر بداية العام 2011 رئاسة الجامعة العربية لاستصدار قرارات ضد سوريا ومقاطعة الدول العربية لدمشق وإغلاق السفارات، ها هي الدوحة – وبعد 10 أعوام تقريباً – تكرر طلبها القديم؛ لكن بما يتعلق بالتطبيع مع سوريا، تلمس الكثيرون من تصريحات وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مرونة إلى حدٍّ ما مع الحفاظ على موقف بلاده من دمشق واتهاما للدولة السورية بارتكاب جرائم ضد الشعب.
لكن اليوم يبدو أن الأوضاع باتت مختلفة؛ فلقد عادت الإمارات العربية إلى سوريا، فيما كان موقف سلطنة عمان معها منذ البداية، والآن هناك نوع من “الليونة” السعودية الواضحة في أن عودة العلاقات باتت قاب قوسين أو أدنى؛ وبالتالي، جرّبت الدوحة معنى القطيعة خاصة من أشقائها الخليجيين، لكن قد لا تكون سوريا بطبيعة الحال هي محور المخطط القطري، وقد لا تكون الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة، لكن هناك أزمات كثيرة في المنطقة سواء الشرق الأوسط أو إفريقيا لم يعد سراً أن دولة الإمارات تلعب دوراً مهماً في تشاد بعد مقتل الرئيس، إدريس ديبي على يد المتمردين مؤخراً، إلى جانب الأزمة اليمنية.
من هنا، قد لا تستطيع قطر إعادة الزمن إلى الوراء وتصحيح مسارها وعلاقاتها دفعةً واحدة، لكنها ستبدأ ببناء استراتيجية جديدة، من عشرات المشاكل إلى صفر مشاكل، خاصة وأن الاقتصاد العالمي يمر اليوم بأسوأ حالاته، وهي بحاجة إلى بناء اقتصاد قوي يعتمد بالدرجة الأولى على تجفيف مناطق الصراع التي تؤثر بطريقة أو أخرى على عصب الاقتصادات العالمية الجديدة. لكن يبقى كل ما سبق في إطار التكهنات، ولربما للدوحة دوافع غير معلنة ستظهر في حينها.
مصدر الصورة: سبوتنيك.
موضوع ذا صلة: بعد التقارب بين مصر وقطر.. هل تتخلى الدوحة عن الإخوان؟