سمر رضوان

في مشهدٍ حاز على اهتمام جميع وسائل الإعلام العالمية، أدلى الناخبون الإسرائيليون بأصواتهم بالإنتخابات التشريعية، لإنتخاب ممثليهم الـ 120 للكنيست (البرلمان) بدورته الـ 21، ويأتي ذلك في ظل انقسام فلسطينيي 48 بين داعين للمشاركة ومطالبين بمقاطعتها.

عن الإنتخابات التشريعية الإسرائيلية وماذا بعد فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتداعيات ذلك على الوضع الفلسطيني، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ إيهاب زكي، الكاتب والصحافي الفلسطيني، عن هذا الموضوع.

نتنياهو خيار “إجباري”

كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هو الناخب الأول والأكبر الذي صوت لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، موضوع القدس والجولان السوري وتصنيف الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب؛ ثم تلاه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتسليمه رفاة الجندي الصهيوني، زخاريا باومل، فيما لم تثبت قضايا الفساد التي تلاحق نتنياهو قدرتها في التأثير على الناخبين، بل على العكس فقد ازداد عدد مقاعد “الليكود” في هذه الإنتخابات.

وهذا الوضع يضعنا أمام الحقيقة، التي يحاول البعض تجاهلها، وهي أن المستوطن الصهيوني لا يهمه إلا الأمن والأحتفاظ بما سرق آمناً، وهو “مجتمع” ذو طبيعة عدوانية توسعية، وقد كنت متيقناً من فوز نتنياهو وتكليفه بتشكيل الحكومة مجدداً، حتى بغض النظر عن “هدايا” كل من ترامب وبوتين الإنتخابية، حيث يعاني الكيان من أزمة بنيوية تحبط أية محاولة لإنتاج كاريزما قيادية قادرة على إعادة موازين الردع لصالحه، وبالتالي يصبح نتنياهو خياراً إجبارياً.

تبريد وإشعال جبهات

لقد نفذ الرئيس ترامب وعوده الإنتخابية، اذ انه يمارس السياسة الأمريكية بلا أقنعة تجميلية كسابقيه من الرؤساء بإستثناء جورج بوش الإبن. فبعد شبه التأكد من نجاح تكتل اليمين بقيادة نتنياهو، صرح الرئيس ترامب بأن فوز الأول يسهل الوصول للسلام، ما يعني أن ما تسمى بـ “صفقة القرن” قد ضمنت وجود أحد أضلاعها، خصوصاً وان الولايات المتحدة ترى في اسرائيل “حاملة طائرات” أمريكية ثابتة.

أما بالنسبة لروسيا، أعتقد أن الرئيس بوتين كان يتوقع فوز نتنياهو بفرصة تشكيل الحكومة الجديدة، وهي مرحلة استحقاقات كبيرة في المنطقة، بخصوص العديد من الملفات كـ “صفقة القرن” والملفات السورية والإيرانية واللبنانية. فالسياسة الروسية تسعى إلى تبريد الجبهات وإطفاء الحرائق وذلك من خلال الإحتفاظ بعلاقات جيدة مع الجميع بما يمكنها من لعب هذا الدور. ولكن يبقى التساؤل مطروحاً عن: مدى الثقة الروسية بالنوايا الإسرائيلية أولاً؟ وهل ان إسرائيل قادرة على تقديم وعود ناجزة لروسيا بعيداً عن الرغبة الأمريكية ثانياً؟

غياب فلسطيني

التصعيد الأخير في غزة كان آخر شيء يريده نتنياهو في ظل سعيه الى تنظيم حملة انتخابية نظيفة ومؤثرة إيجاباً على الناخب. لذلك، حاولت الفصائل الفلسطينية استغلال هذه الحاجة لإحداث بعض الإنفراجات في الوضع الإنساني حيث كانت تجري مفاوضات عبر الوسيط المصري على عنوان التهدئة. لكن يبدو أن الفصائل فشلت في استثمار الإنتصار المعنوي جراء التردد والتخوف الإسرائيلي من اندلاع مواجهة تؤدي الى جولة قاسية تؤثر سلباً على حظوظ نتنياهو الإنتخابية. وفعلاً، كان من اللافت غياب الملف الفلسطيني عن السباق الإنتخابي وهذا يؤشر إلى عدم فعالية الهيئة الرسمية الفلسطينية، الممثلة بالسلطة التي ربطت نفسها بسياسة التنازلات، اضافة الى عدم فعالية المقاومة الفلسطينية التي ربطت سلاحها بملف غزة الإنساني، في وقت لا يفهم فيه العدو سوى لغة القوة ولن يردعه شيء بدونها عن ابتلاع الضفة الغربية وضمها، اذ لا يوجد مقترحات سلام تلبي الحدود الدنيا من الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية والعربية لا التاريخية ولا حتى القانونية.

فعلى الرغم من ان الجميع بات يدرك ماهية “صفقة القرن”، التي تكريس الإحتلال وتضييع الحقوق، إلا أنه لا يوجد حتى الآن خطوة عملية بإتجاه الرفض سوى بعض الشعارات. لذلك، اعتقد أن الرئيس ترامب ونتنياهو سيعملان على اتجاهيين لتنفيذ الصفقة؛ الإتجاه الأول، يقع في الضغط الإقتصادي والمالي على محور المقاومة لإشغاله بنفسه واستنزافه وتحجيم فعاليته. والإتجاه الثاني، هو التطبيع الحثيث مع العالم العربي وبعض الأنظمة ذات الأجندات الصهيونية. وعليه، يبدو أن حالة الدفاع التي يعتمدها محور المقاومة أصبح وقتها محدوداً وقد تستنفذ فعاليتها قريباً.

مصدر الصورة: قناة العالم.