“المحافظة على حقوق لبنان”، تحت هذا العنوان، وفي خطوة تعدّ الأولى من نوعها منذ 11 عاماً، اعلن لبنان نقل التفاوض في ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع العدو الإسرائيلي من الخط 23 إلى الخط 29 برسالة سلمتها السفيرة اللبنانية لدى الأمم المتحدة، أمال مدللي، إلى رئيسة مجلس الأمن، نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2022.
هذه الالتفاتة النوعية في ملف الحدود البحرية والتي شكلت مفاجأة للجميع، جاءت رداً على كتاب ارسله العدو الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة، ديسمبر/كانون الأول 2020، مبدياً فيه اعتراضه على فتح لبنان دورة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية، مشدداً على تمسكه بمساحة 860 كلم2 بين الخطين 1 – 23، ومحذراً الشركات من القيام بأية اعمال تنقيب لصالح الجانب اللبناني في المنطقة المذكورة.
هي نقاط ثلاث اساسية تضمنتها الرسالة اللبنانية تتلخص في ما يلي:
أولاً: التذكير بالحجج القانونية التي سبق وعرضها الجانب اللبناني على طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة والتي تسمح له بتوسيع نشاطاته الإقتصادية جنوباً، في إشارةٍ واضحة إلى الخطّ 29 الذي اعتمدته قيادة الجيش كخطٍ حدودي شرعي للبنان.
ثانياً: إعلان لبنان رسمياً أن حقل “كاريش” متنازعٌ عليه، وهذا ينقل المنطقة المتنازع عليها من النقاط الواقعة ما بين الخطين 1 – 23 إلى المنطقة الواقعة ما بين الخطين 23 – 29 بزيادة تُقدّر بـ 1430 كلم2 بالإضافة إلى الـ 860 كلم السابقة.
ثالثاً: تحذير لبنان الشركات المنقّبة عن النفط في المنطقة المتنازع عليها ومن ضمنها حقل “كاريش” من مغبّة العمل والنشاط فيها، ممّا يعني أن تلك الشركات باتت مُلزمة بإعادة حساباتها في ضوء الإعلان اللبناني؛ وبحسب الرسالة، فإن متابعة العمل في تلك المنطقة يعرّض السلم والأمن الدوليين إلى الخطر.
إلى ذلك، تعتبر مصادر لبنانية متابعة لملف التفاوض أن انجازاً كبيراً تمثل بنقل النزاع من الخط 23 إلى الخط 29، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى حماية حق لبنان في حقل “قانا” بدل أن يكون مشتركاً مع العدو الإسرائيلي، لافتة إلى إمكانية التوصل للتفاوض على اعتبار حقل “كاريش” مشتركاً؛ وبالتالي، انتزاع أكبر مساحة ممكنة لصالح لبنان.
اذاً، هي خطوة لافتة للجانب اللبناني، أولى انعكاساتها مجيء آموس هولشتاين، رئيس الوفد الأميركي للمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي، “هرولة” إلى لبنان الأسبوع المقبل وفق المعلومات المتداولة. فالرجل الذي عادة ما يزور الأراضي المحتلة ثم لبنان غيّر في بروتوكوله المعتمد هذه المرة وعاد إلى بلاده بعد تبلغه بمضمون الرسالة اللبنانية.
وبانتظار الطروحات التي سيحملها الوسيط الأميركي في جعبته، تبقى الورقة الرابحة بيد لبنان لا سيما أنه وفي حال فشل المفاوضات هذه المرة، سيتجه إلى تعديل المرسوم 6433.
المصدر: سفير الشمال.
مصدر الصورة: سبوتنيك.
موضوع ذا صلة: “خطوط في البحر”: النزاع على الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان
كاتبة وصحفية – لبنان