د. عبدالملك المالكي*

كم كنت أرجو وما زلت أن يقوم كل إعلامي بدوره التنويري المنوط به تحليلًا ونقدًا لكثير من الظواهر المجتمعية من حوله، فيُسهم بفكره وقلمه أو بما أوتي من وسيلة تواصل مع من حوله من أي نافذة أضحت تمت للإعلام بصفة!

فيُسهم ولو بجزء يسير مما يكتنزه، من علم وهبه الله إياه، أو معرفة وثقافة وخبرة وتمرس وسعة اطلاع أو بهم جميعاً، فيُكرّس كل ذلك تثقيفاً للمجتمع من حوله..!

فذاك غاية ما يكون حقاً؛ بل وواجباً مُكتسباً للمجتمع على من حمل صفة إعلامي حقيقي، هذا إن تجاوزنا حقيقة أن هناك “إعلامياً حقيقياً ” وآخر “مُصطنعاً”..!!

ولن ندخل في جدلية الإعلامي الحقيقي والإعلامي المُصطنع إلا من بوابة “السوشال ميديا” أو المنصات الإعلامية الاجتماعية التي باتت بكل أسف مخرجاتها مُهددة للأمن الفكري المجتمعي، إذ إن من هب ودب أضحى يحمل “كاميرة هاتفه” لينقل فكرهُ، ولنقلها “بصريح العبارة” جهله للمجتمع من حوله وربما نزيد.. أجندته وسوء عمله!

هناك العديد من الفنون والعلوم والمهارات التي ينقلها إلينا رواد “التواصل الاجتماعي” في العالم ولدينا في المملكة وتكون محمودة الخراج، إن مهنة من يُتقنها مهما صغرت في أعين الكثير من المتلقين ولكنها ذو أثر إيجابي على المتلقي.

ولن أخوض – أيضاً – في ماهية تلك المِهن “لاحترامي الشديد” لصغيرها قبل كبيرها ولدقيقها المتخصص قبل جُلها العام، طالما أبدع المهني في “نقل” ما وهبه الله من مهنة أو فن أو مهارة عبر وسيلة تُخاطب في نهاية الأمر متلقياً!

ولكن تظل الأداة التي يُطل بها علينا ذلك الناقل.. تظل هي مكمن الخطر.. نعم؛ خطر داهم إن لم نحمل على يد من بيده تلك “الأداة الإعلامية” وحاملها فاقد لصفة الإعلامي من الأساس، ويزيد في خطورته على مجتمعه “ثلمة” حسه البليد في نقل الضار مجتمعياً قبل المفيد.. فلا يفرق بكل صفاقة بين ما هو ضار وما هو نافع لمجتمعه.

فكثير ممن يملكون نافذة تواصل اجتماعي “حساسة” كالسناب “مثلاً وليس اقتصاراً” وليس لديه حس يردعه قبل رادع إداري بحكم أن خراجه الفكري يُصدر عبر “نافذة مُشاعة” وجب إيقاف هزله قبل جِده وعبثه قبل تماديه.

فبأي حق مثلًا يُسيء “مشهور” أو لنقل “مؤثراً، بحسب أداته الإعلامية” التي يستخدمها، لمجتمع كامل. فيصور ما هو في الحقيقة كنقطة سوداء في ثوب ناصع البياض، يصوره بغباء لا يُحسد عليه على أنها هي.. الصفة السائدة لمجتمعنا!

موضوعات البطالة وحد الفقر وغيرهما مثلاً ليست من الأسرار التي لا يجوز التطرق لها في كل دول العالم.. بل إن عواصم كلندن ونيويورك “نخبة دول العالم اقتصادياً” تعج بالمتسولين والمشردين وأصحاب الظروف الخاصة وعديمي الدخل.

ولكن لم يوجد “يتوبر أو سنابي أو غيرهما” غبي أو متغابٍ.. ينتحل صفة إعلامي ويصدر للمجتمع رسائل مُبطنة أن هذا هو حال المجتمع الإنجليزي أو الأميركي أو الياباني أو حتى مجتمعي الكونغو وزمبابوي.. باعتبارهما واقعياً أفقر دول العالم اليوم.

الخطر المجتمعي “داهم” من نشر وتضخيم وتأليب “مشاهير الفلس” لحوادث وأحداث موجودة بالعالم كله غنية ومتوسطة وفقيرة.. بل إن الحكومة في المملكة مثلًا تُعلن وبكل شفافية أرقامها في ذلك، وتعمل جاهدة على الحد من البطالة برؤية وروية.. لنتاج سنين خلت من هكذا ازدياد أرقام فقر وبطالة.

وطالما الحلول موجودة بفضل الله ومتاحة ومتعددة.. بقي أن نحمل على أيدي “سفهاء أو مشاهير الفلس” ممن لا يفرقون بين ضار ونافع.. وبين صدق وكذب.. وبين حق يراد به باطل، حتى أضحى الواحد منهم “بغبائه وبكاميرة جواله أشبه بـ”مُفخخات مُحتمعية” لا تقل خطورة عن عدو متربص يحاربنا علناً.. جهاراً نهاراً.

ضربة حرة!!

“لكل داء دواء يستطبّ به إلا الحماقة أعيت من يداويها”!

*كاتب وناقد سعودي.

المصدر: جريدة الرياض.

مصدر الصور: أرشيف سيتا.

موضوع ذا صلة: دور الإعلام وأهميته في تأسيس الآراء والرؤى