إحلال أقوال المشايخ محل الدين
الذريعة الثانية هي أن أقوال المشايخ حلّت محل أحكام الدين. والحق أن المصدر الأول للأحكام هو القرآن الكريم، ثم جاءت السنّة مكمّلة ومفسرة ومفصلة وعلاقتها به كعلاقة عضوية لا ينفصلان؛ ولذلك، أمَرَنَا ألا نفرق ليس فقط بين الرُسل وإنما بين الله ورسله، فنحن المستفيدون من هدايته ونعمة رُسله الذين لهم كل التوقير جميعاً واجباً. ولذلك، عندما طلب من رسولنا الكريم أن ينزل على المشككين آية، أوضح القرآن أن الله هو منزِّل الآيات، وقال رسولنا الكريم بتواضع ظاهر: “إنما أنا بشر مثلكم والفرق بيني وبينكم أنه يوحى إليّ”، وشكر الله أن اصطفاه من بينهم وقال رسولنا الكريم: “لو كنت أعلم الغيب، لاستكثرت من الخير”.
أما الفقه فهو إعمال العقل البشري على القرآن والسنّة واجتهاد الفقهاء على تبصير الناس بأحكام دينهم؛ فمن شذ منهم عن القاعدة، ضل. ومثال ذلك أن دار الافتاء أوضحت أن الأضحية لا تفل عن 350 كليو لحم، وهذا قول يحتاج إلى مراجعة لأن الأضحية رمز؛ وبالتالى، يختلف الرمز عبر العصور. وتزيد البعض بأن الأضحية لا يجب أن يقل عمرها عن عامين، كما أنه لا يجوز أن يزيد عدد المشاركين فيها عن سبعة. أما عن ضرورة الأضحية من الناحية الدينية، فقد أكدوا أنها سنّة مؤكدة. لكن هذه السنّة من أسقطها لا يأثم ومن أقامها أجر عليها.
إقرأ أيضاً: ذرائع الملحدين في التجرؤ على الدين: الذريعة الأولى(2/1)
وقد أصبح الفقه مصدراً للتشريع مع القرآن الكريم والسنّة، ولكني أرى أنه متغيّر، والفتوى في المعاملات متغيرة ولا يمكن توحيدها في الزمان والمكان. أيضاً، يصعب اعتبار الفقه مصدراً أصيلاً للتشريع، ولكن اقصى ما نقبله أن يلقي الفقه اضواءً على تطبيقات الأحكام، كما أنه يهدي المشرع الزمني إلى ضبط التشريع وفق الشريعة.
هن، تجدر ملاحظة مهمة وهي أن الفقه يختلف عن أقوال المشايخ، فأقوالهم اجتهاد محدود قد لا يستند إلى الفقه، وقد يدعي استناده إلى شق منه، ويجب الحذر في قبول هذه الأقوال؛ فهم – مثلاً – يختلفون حول صلاة الضحى ورخص الصيام وغيرها. ومن المشايخ من هم منحرفين لأغراض سياسية، ومنهم ما يُرف بـ “فقهاء السلطان”، ويكفيهم أن يطلق عليهم فقهاء، ثم أنهم فخورون برضاه عنهم، ولكن ويل لهم مما يكسبون.
مصدر الصورة: سبوتنيك.
د عبد الله الأشعل
سفير سابق ومساعد وزير الخارجية الأسبق – مصر