سمر رضوان*
تأتي القمة الثلاثية بين روسيا وتركيا وإيران يوم السابع من سبتمبر/ أيلول العام 2018، لبحث تطورات الملف السوري، خاصة والأنظار متجهة نحو إدلب ومصيرها، في ظل خلافات روسية تركية حولها بين رفض تركي لعمل عسكري، وحسم روسي لمعركة إدلب.
توقيت حاسم
إن هذه القمة من حيث الشكل لا تختلف عن مثيلاتها، خاصة القمة الأخيرة في أنقرة حول سوريا، لكن من حيث المضمون، يبدو أنها ستكون بالغة الأهمية لجهة حسم ملف محافظة إدلب، خاصة وأنّ تركيا أذعنت وأخيراً لإدراج هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا”، على لوائح الإرهاب، بعد رفض الأخيرة الاندماج والانخراط نحو فصيل أقل خطورة عما هو عليه كما تريد تركيا، لذلك كانت قد طلبت من روسيا تأجيل معركة إدلب لعشرة أيام على الأقل، ظنّاً منها أنها قد تحقق مكسبا ما عبر الدخول من هذه البوابة.
تغير في الخطاب الدولي
في تغريدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موجهة للرئيس السوري بشار الأسد، ومما جاء فيها حول معركة إدلب، أن تكون غير شديدة كيلا تحدث مأساة بحق المدنيين فيها، الأمر الذي يعني أن هذه التغريدة فيها اعتراف أمريكي صريح بانتصار سوريا وأن هذه المعركة قد تحوّل مسار الأحداث من شقها العسكري إلى السياسي، وفي سياق متصل لا يخلو ما كتبه الرئيس ترامب من توجيه خطاب غير معلن إلى التركي وليّ ذراعه قبيل القمة الثلاثية المقبلة في السابع من الشهر الجاري، وهذا كله يصب في مصلحة الدولة السورية بطريقة غير مباشرة، وينبّئ بتطور الأحداث إيجابيا لنهاية حقبة دموية اشترك فيها الكثير من اللاعبين الدوليين والإقليميين.
ويرى مراقبون أن آخر الآمال المعلقة التي يناور عليها الغرب ستنسف ما إن تعلن معركة إدلب، إلى جانب تغيّر في الخطاب الأممي، واعتراف المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان ديميستورا بأن من في إدلب هم من الإرهابيين المدرجين على قوائم الإرهاب ويجب العمل للتخلص منهم، مع تزايد المطالبات الأوروبية بوأد هذه الظاهرة من خلال تصريحاتهم اليومية، ومنها تصريح وزير الخارجية الفرنسي إيف جان لودريان الذي أقر فيه بأن الرئيس السوري بشار الأسد انتصر، وهو اعتراف لا يخلو من إعلان هزيمة بطريقة غير مباشرة وكسب بعض الود السوري في محاولة لإشراك فرنسا في مرحلة إعادة الإعمار، ورغم إيجابية التصريحات إلا أن المميز فيها أنها كلها تصب بالدرجة الأولى في مصالح الغرب التي تقتات من حروب أضرموها لتحقيق مكاسبهم، وهو تماما كما يحدث في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن، فهل تكون سوريا عراقا ثانيا، أم تتفرد بقراراتها وترفض كل العروض المقدمة من الدول التي كانت شريكا في سفك الدماء في سوريا.
ليونة خليجية
في تطور بارز، أكد الرئيس بشار الأسد في وقتٍ سابق، استعداد دمشق للحوار مع كل المهتمين بالحل السياسي في البلاد، في رسالة إلى كل من يرغب العودة عن نهجه وإبداء تعاون مع سوريا، القنوات الدبلوماسية ستكون متاحة ولن تغلق دمشق أبوابها في وجه أحد، الأمر الذي لوحظ في خطاب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في زيارته الأخيرة إلى موسكو، وقد يتساءل الجميع عن هذا الأمر الذي مردّه ببساطة أن المخططات الأمريكية والإسرائيلية وبعض الدول الخليجية قد فشلت في تحقيق أي من أهدافها في سوريا، نتيجة لصمود الشعب السوري وللانتصارات المتتالية في عموم الجغرافيا السورية التي كلها صبّت في تغيير الخطاب الدولي والإقليمي، حتى مع التركي الذي ناور وحاول ولم يخرج بشيء في ظل الخلافات الأمريكية التركية الأخيرة والعقوبات الاقتصادية وغير ذلك، فالرؤية السياسية الواعية للقيادة السورية، استطاعت الصمود في وجه المؤامرات وإرضاخ الجميع تباعا، ونقل المعركة وغن لم تكن عسكرية، إلى بلادهم، فالصراعات التي تشهدها منصات المعارضة السورية المرتبطة بالغرب وبعض الدول الخليجية هي أكبر دليل على ذلك، إذ أثبتت أن كل ما كانت تقوم به يعود لمصلحة الدول الداعمة وليس خدمة للشعب السوري ولا لمصيره أو آماله وآلامه.
يبقى السؤال أي من أطراف معادلة المعارضة السورية سيدفع ثمن إعادة التموضع الخليجي الجديد، فهل سيستمرون في دعمهم، أم سيتركون لمصيرهم؟!
المدير التنفيذي في مركز سيتا*
مصدر الصور: دي دبليو الألمانية.