كانت الحكومة الكندية قد فهمت من المخابرات الأمريكية أن خطة أوباما لتدمير سوريا تقوم على الاستعانة بالإخوان المسلمين كجنود مشاة داخل سوريا وأيديولوجيتهم السياسية المعروفة باسم الإسلام الراديكالي (المتطرف)، أدركت الحكومة الكندية أن الإخوان المسلمين قد تسللوا إلى المجتمع الكندي وانخرطوا مع الحكومة الكندية على أعلى المستويات، كان التهديد الذي تتعرض له كندا معروفاً لكن القرار اتخذ لمتابعة حرب واشنطن القذرة في سوريا بشكل أعمى.
الرئيس الأمريكي أوباما هو الشرير الرئيسي في هذه القصة، لكن كندا كانت قادرة على الوقوف بحزم ضد خطط استخدام الإرهابيين الإسلاميين الراديكاليين لتغيير الحكومات في الخارج.
دعمت كندا المساعدات الإنسانية لإدلب ولكن ليس لبقية البلاد، إدلب هي آخر محافظة خاضعة لسيطرة الإرهابيين في سوريا، إنها منطقة لزراعة الزيتون ليس بها صناعة أو موارد خارج إنتاج الزيتون، تم اختيارها مقراً لفرع القاعدة في سوريا (هيئة تحرير الشام) لوقوعه على الحدود التركية، أيضاً قامت تركيا على أعقاب التوجيهات الأمريكية بتزويد الإرهابيين بكل الموارد اللازمة بما في ذلك الدبابات والصواريخ المضادة للدبابات التي تم استخدامها حتى لإسقاط الطائرات.
لا تقدم كندا أي مساعدات لسوريا غير إدلب التي تمثل 2٪ من إجمالي مساحة البلاد، بينما حلب ودمشق واللاذقية وحماة وحمص وجميع المناطق الأخرى في سوريا لم تتلق قط حتى رغيف خبز من الولايات المتحدة أو كندا، ومع ذلك تقدم الأمم المتحدة بعض المواد الغذائية إلى مناطق معينة خارج إدلب.
يأتي جزء من أموال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من التبرعات الأمريكية والكندية، حتى الآن منذ وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في 6 فبراير، لا تزال كندا تعترف بوجود 3 ملايين شخص فقط في سوريا يعيشون في ما يسمى بـ “جمهورية إدلب الإسلامية” بينما العشرون مليون الآخرون في سوريا لا يحصلون على شيء رغم أن اللاذقية وحدها مثلاً بها 820 قتيل و 142 ألف مشرد بسبب الزلزال و 102 بناية منهارة.
من وجهة نظر السياسة الخارجية الأمريكية والكندية بشأن سوريا للولايات: يجب الحفاظ على إدلب كدولة منفصلة قابلة للحياة وخالية من دمشق، السياسة الأمريكية-الكندية هي تجاهل الحكومة في دمشق والتظاهر بأن إدلب هي سوريا بأكملها، هكذا يكافأ الغرب إرهابيي القاعدة لمشاركتهم في تغيير النظام وهي سياسة أوباما التي وقعت عليها كندا.
في الشهر الماضي نشر David pugliese” “من “Ottawa citizen”مقالاً مفصلاً مشاركة القوات الخاصة الكندية في فريق عسكري أمريكي مثير للجدل خلال عام 2015 مكون من 20 فردًا يُطلق عليه اسم “Talon anvil” والذي اتُهم بقتل العشرات من الأبرياء في العراق وسوريا.
في ديسمبر/كانون الأول 2021 كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الفريق الكندي- الأمريكي كان مسؤولاً عن إطلاق عشرات الآلاف من القنابل والصواريخ ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق لكنه قتل خلال هذه العملية مئات المدنيين، أفادت الصحيفة أن الإجراءات المتهورة للفريق الذي عمل من 2014 إلى 2019 أثارت قلق أعضاء في الجيش الأمريكي وحتى وكالة المخابرات المركزية.
“يقدر المحققون المستقلون وجماعات حقوق الإنسان أن ما لا يقل عن 7000 مدني قتلوا في غارات التحالف الجوية في العراق وسوريا”.
في الشهر الماضي أعلنت كندا أنها ستستعيد 23 من مواطنيها المحتجزين في معسكرات تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا الواقعة تحت سيطرة الأكراد الذين هم شركاء للجيش الأمريكي هناك، تضم مجموعة الرهائن ست نساء و13 رضيعاً وأربعة رجال.
ستكون هذه أكبر عملية إعادة رهائن لكندا بعد تدمير دولة الخلافة الإسلامية في عام 2019.
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن أكثر من 42400 مواطن أجنبي معظمهم أطفال محتجزون في ظروف تهدد حياتهم في معسكرات الاعتقال التابعة لداعش في جميع أنحاء سوريا.
كانت المخابرات الكندية تدرك جيدًا من كان في كندا ويتبع الإسلام الراديكالي ومن غادر للقتال في سوريا قبل تأسيس داعش، كانوا أيضًا يتابعون الأحداث على الأرض في سوريا بينما كان الكنديون والأجانب الآخرون يقاتلون الحكومة السورية ومن منهم انتقل إلى داعش بمجرد حل الجيش السوري الحر الذي ترعاه الولايات المتحدة.
في عام 1998 كتب “ريتشارد إن هاس”: “العقوبات، ضررها أكثر من نفعها” وبحسب تحليله الخبير ثبت أن العقوبات الأمريكية لا تنجح في المشاريع الكبيرة مثل تغيير النظام في سوريا، كما أثبت أن الأبرياء يعانون تحت وطأة العقوبات وأن العقوبات غير أخلاقية بالمطلق، يجب رفع العقوبات عن سوريا والسماح للمواطنين بإعادة بناء حياتهم والسماح للحكومات الأجنبية بالتبرع والاستثمار في إعادة بناء البلاد.
يجب السماح بدخول المساعدات إلى جميع أنحاء سوريا، من إدلب وصولاً لدرعا وما بينهما، يجب أن يكون لجميع المواطنين السوريين الحق في الحصول على المساعدات ويجب السماح للطائرات التي تحمل مساعدات بالهبوط في دمشق وحلب واللاذقية ويجب أن تصل حاويات الشحن إلى ميناء اللاذقية.
يجب على المجتمع الدولي أن يضغط على الإرهابيين في إدلب للتخلي عن أسلحتهم أو الترتيب لمغادرتهم البلاد، إنهم يحتجزون 3 ملايين مدني كدروع بشرية ومن المفترض أن تكون حرية هؤلاء المدنيين أولوية للدول الغربية مثل كندا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعرب بالفعل عن رغبته في إصلاح علاقته بدمشق، يجب على كندا والدول الغربية الأخرى المحبة للسلام أن تدعم مفاوضاته مع دمشق ولكن واشنطن طلبت من أردوغان عدم التحدث مع الرئيس الأسد، لكن يمكن لكندا إظهار بعض الشجاعة وتحدي واشنطن من خلال إعلان دعمها لمبادرة أردوغان للسلام.
يجب على كندا إعادة فتح سفارتها في دمشق بوجود دبلوماسيين وخبراء إنسانيين على الأرض سيكون هذا عملًا إيجابيًا وبنّاء من شأنه أن يُظهر أن كندا تهتم حقًا بالشعب السوري.
أخيراً، يجب على كندا اعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، كما يجب أن تنتبه جميع الحكومات الكندية المستقبلية لدراسة الخطط واشنطن التي تفترض وجود الدعم الكندي.
تستطيع الحكومة الكندية بدعم من وكالة الاستخبارات الخاصة بها تحديد ما إذا كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة والحروب التي لا تنتهي في الخارج تصب في مصلحة كندا، أحيانًا يكون الطريق الصحيح طريقاً منعزلاً ولكنه قد ينقذ الأرواح والأمم.
تم نشر هذه المقالة للمرة الأولى في موقع:
Mideast Discourse
حقوق النشر محفوظة للصحفي ستيفن صهيوني وموقع Mideast Discourse.
مصدر الصورة: أرشيف سيتا.
إقرأ أيضاً: ملف التسوية السورية على طاولة الرياض.. ماذا في الكواليس؟
صحفي مختص بالشأن الأمريكي والشرق الأوسط. حائز على جائزة الإعلامية “سيرينا شيم” للنزاهة عامي 2020 و2021 – سوريا.