مركز سيتا

استقبل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مبعوث روسيا لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرنتييف، وبحث معه تطورات الأوضاع في سوريا، انطلاقاً من دور روسيا الداعم عسكرياً وسياسياً لدمشق، على النقيض من الرياض حتى الآن.

تعتبر زيارة ألكسندر لافرنتييف إلى المملكة حساسة في توقيتها ودلالاتها، حيث تأتي على مفترق طُرق سياسية، اقليمية ودولية. فماذا في تحليلاتها وابعادها؟

على نار هادئة

لا تزال تجاذبات الأزمة السورية قائمة، حيث تم طرح عدة ملفات على طاولة واحدة، كان أبرزها الحديث عن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، ومحاولات الأخيرة إنجاح هذه المهمة قبيل القمة العربية في الجزائر، شهر مارس/آذار 2022، وسط ترحيب عربي كبير، باستثناء قطر والمملكة العربية السعودية التي حددت شرطاً للإكمال في مساعي التطبيع مع دمشق، من خلال إقصاء الدور الإيراني من سوريا وانسحاب قواتها كشرط لعودة العلاقات.

ومع المعلومات الأخيرة التي تحدثت عن إحياء العلاقات الإيرانية – السعودية، جاء الحدث الأخير من خلال استهداف العاصمة الإماراتية – أبو ظبي، ونسف غالباً هذه الجهود، ما وضع إيران في موقفٍ حرج، خاصة مع توجيه أصابع الاتهام لها من معظم الدول الخليجية؛ بالتالي، إن هذا الأمر سيزيد من تمسك المملكة بموقفها تجاه سوريا.

أما بخصوص زيارة المبعوث الروسي الخاص للتسوية السورية، فهو يريد تنحية الخلافات الجانبية، وبحث النقاط الخلافية مع الرياض، وتقريب وجهات النظر؛ فموقف السعودية – اليوم – رغم تمنعه عن إعلان عودة العلاقات مع سوريا، إلا أن الشارع والمزاج العربي، عموماً، والخليجي، على وجه الخصوص، يريد إنجاح ذلك، من جهة. ومن جهة أخرى، هناك هدف يكمن في سحب دمشق من التحالف القوي مع إيران، لأن سوريا تشكل حالة عربية فريدة يرغب العرب في إعادة العلاقات معها، وهذا ما تريده دمشق لكن بعيداً عن المساس بتحالفاتها مع أي جهة كانت. ولكن بمجرد تمنع الدبلوماسية الروسية التعليق على الشرط السعودي، فهذا يعني صراحةً رفضها له.

بداية النهاية؟

اليوم، وبعد توسع الملفات، السعودية ليست في أفضل حالاتها، فهي تريد وضع نهاية للأزمات العاصفة من بينها الأزمة اليمنية، والتفكير ملياً بسياسة ولي العهد الاقتصادية المستقبلية المتمثلة بـ “رؤية 2030″، في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي تعيشها دول العالم، فكان الحديث عن حاجة المملكة للتسلح لملء الفراغ الذي حدث نتيجة الحرب، ورفض الحليف المتين – أي الولايات المتحدة الأمريكية – بيعها أسلحة نوعية، وسط جمود لصفقة سابقة تقدّر بـ 600 مليون دولار أمريكي، وانقسام المسؤولين الأمريكيين بين مؤيد ومعارض لإتمام هذه الصفقة.

قد تكون الزيارة الروسية إلى الرياض نوعاً من “المقايضة”، وهي صفقات تسليح مقابل حلحلة الملف السوري، مع الإشارة إلى أن موسكو طورت نوعاً معيناً من الصواريخ الباليستية للرياض، ما يعني إمكانية أن يتحقق توازن في هذه العلاقة في ضوء المستجدات الجديدة، مع العلم أنه تم الإتفاق – سابقاً – على أقامة مصتع لصناعة بنادق الكلاشينكوف الروسية في السعودية.

ومع زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى العاصمة الروسية موسكو، ولقائه نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، إنطلاقاً من تعزيز الشراكة الإيرانية – الروسية خاصة في ملف مكافحة الإرهاب، لا بد وأنه تم التباحث حول العلاقات الإيرانية – السعودية، حيث أن طهران تتوق إلى إحياء هذه العلاقات مجدداً، ولن تسمح لأحد بأن ينسف الجهود التي تمت سواء في العاصمة العراقية – بغداد، أو الأردنية – عمان؛ بالتالي، يتوقع الكثير من المراقبين بأن تكون زيارة المبعوث الروسي مثمرة في اكثر من اتجاه.

من هنا، يمكن القول بأن هذه الزيارة ترمي إلى تحديد التوجهات للمرحلة المقبلة من خلال حلحلة الملفات العالقة، ولعل ارتباط الملف السوري وتحالفات دمشق بالملفات الأخرى، هو المحرك الأساس لإنجاح هذه الزيارة والخروج بنتائج ترضي جميع الأطراف، حتى وإن اضطر البعض إلى تقديم بعض التنازلات إن كانت تصب في صالح التهدئة التي تنقذ المنطقة من فوضى عصفت بالجميع.

مصدر الصورة: سبوتنيك.

موضوع ذا صلة: السعودية: بين السلاح الروسي والتهديد الأمريكي