أسامة حافظ عبدو*

لا يمكن القول إن شيئاً لن يتغير، بل كل شيء سيتغير، بإرتقاء القائد اللواء قاسم سليماني شهيداً في هذا الصراع الأكبر منذ قرون.

فعندما يكون الحدث بحجم رجل مميز وقائد فذ كقاسم سليماني، وهو رجل من رجال السيد الخميني، ومن قادة هذا الصراع كما كان القائد عماد مغنية، فإن ما سيلحقه من سيناريوهات ستكون غير متوقعة النتائج، ولكنها بالتأكيد ستؤدي إلى اشتعال لن ينطفئ في منطقة الشرق الأوسط. فهل بدأ العام 2020 بفتيل الإشتعال الدائم؟ وهل سيبدأ عقد جديد مليء بلهب الحروب المستعرة؟ وهل الأمر يتعلق فقط بإيران؟ أم بالعراق وسوريا ولبنان وروسيا و….؟

في العام 1982، قال الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد المعلم الأول للحرب والسياسة، أنه “دعنا نرى جبهة متصلة تمتد من سوريا إلى العراق إلى إيران في مواجهة إسرائيل، وكيف يكون الوضع؟ وهل تسمح أمريكا وتسمح الصهيونية بقيام مثل هذه الجبهة؟”

اليوم يُصنف هذا الفعل الأمريكي “الأرعن” ضمن هذا السياق. ولكن، على عكس ما يرى المتخاذلون، نقول “إن أمريكا بإرتكاب هذه الحماقة جنت على نفسها، وعلى إسرائيل في الوقت نفسه، لأن الإنتقام الإيراني لرحيل هذا القائد المميز يجب أن يكون قاسياً جداً، لا مجال فيه للمصالحات والمساومات”، وهناك عدة سيناريوهات مطروحة للرد، أبرزها:

– الساحة العراقية، التي ما كانت وما زالت “أرض الفتن”، بكل ما فيها من استعداد سياسي واقتصادي واجتماعي على الإشتعال، خاصة وأن الشارع العراقي منقسم بين مفجوع، بفقد القائد سليماني، وبين خونة، مبتهجين ومهللين. هذا يعني أن الحرب الأهلية العراقية لن تكون هذه المرة سنية – شيعية بل شيعية – أمريكية، الغاية منها إعادة تقسيم العراق إلى دويلات صغيرة ضعيفة متهالكة ومتناحرة فيما بينها، ولن تهدأ نيران الحروب العراقية أبداً.

– الساحة الخليجية، فالسعودية التي أدخلت “يدها السوداء” لضرب العراق وإشعال الفوضى، لن تكون بمعزل أو بمنأى عن ردة الفعل الإيرانية الواجبة التي ستستهدف القواعد الأمريكية في منطقة الخليج عموماً وفي السعودية خصوصاً، لذلك يمكن القول “الخارطة الخليجية بالمطلق، وستسقط العروش التي دفع أصحابها مليارات الدولارات للحفاظ عليها.”

– الساحة الإسرائيلية، فالصواريخ الإيرانية العابرة للقارات، والتي تم التصريح عن إمكانية وصولها لإسرائيل، يجب أن تصل إليها، وستكون بداية مرحلة جديدة من الصراع بين إيران وإسرائيل، حيث ستستخدم فيها تك الصواريخ بعيدة المدى، ولن تكون روسيا وأمريكا بحكم المتفرج. فهل سيدخلان هذه الحرب رغماً عنهما لأن الأمور أكبر من مصالح الدول السياسية والإقتصادية، في وقت يرسم العالم بخارطة ومحاور جديدة، وستنشأ محاور وتفنى محاور، وهذا أمر بات لا بد منه في هذا الصراع؟

في الختام، هناك من يتخوف من عودة الأمور في سوريا إلى نقطة الإنطلاق، في العام 2011، ولكن هذا لن يحدث. إن المتغيرات السياسية والعسكرية السورية تغيرت بالمطلق، ولن تكرر الحرب نفسها على الأرض، ولكن من المؤكد أن “سوريا الأسد” سيكون لها دور كبير في الصراع مع إسرائيل، وستكون بوابة الإنتصار عليها وكسر أسطورتها من جديد، عدا عن استعادة الشمال السوري بالكامل من أيدي الإحتلال الأمريكي الذي سيجمع قواه ويركزها في العراق، إذ سيكون أقصى الشمال، ممتداً للعراق مستنقعاً لأمريكا، الذي ستغرق فيه هي ومن يدور في فلكها.

هنا، أكرر ما قلته في مقال سابق “إن كانوا قد أرادوا الإنفجار لسورية الأسد من الداخل لتتلاشى، فإن الفتيل انتقل ليشتعل في الدول المجاورة، ونحن نشهد انفجاراً تلو الإنفجار، والإنفجار مستمر حتى الوصول إلى إسرائيل وسيحصل بأية لحظة.”

*مدير المركز السوري للدراسات السياسية.

مصدر الصور: سكاي نيوز عربية –  الجزيرة.

موضوع ذو صلةعودة الإحتجاجات الشعبية: إعادة إستهداف لدول المنطقة؟