مركز سيتا
من الممكن أن يبدأ الجانب الروسي التعاون مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في مجال التنقيب عن النفط، وفق ما صرح سفير اليمن لدى روسيا أحمد سالم الوحيشي لإزفستيا بهذا الأمر، ووفقاً له، تعمل روسيا واليمن بالفعل على تعزيز العلاقات في مختلف الجوانب، وأشار الدبلوماسي إلى أنه في إطار المرحلة المقبلة من التعاون، من المخطط تنفيذ، من بين أمور أخرى، مشروع لاستخدام احتياطيات الوقود في مصفاة النفط في عدن وإعادة تشغيل محطة الطاقة الحرارية
التي بناها الاتحاد الروسي في عدن.
وقد تم إعطاء دفعة قوية جديدة لاستئناف تنفيذ الاتفاقيات السابقة، بما في ذلك في قطاع الطاقة، نحن نتحدث عن الجزء المعترف به دولياً من البلاد، والذي لا يخضع لسيطرة الحوثيين (حركة أنصار الله).
وعلى هامش منتدى الطاقة الدولي في موسكو، التقى وزير النفط اليمني سعيد الشماسي مع مسؤولين روس وممثلي شركات مختلفة، من بينهم ممثلو شركة روزجيولوجيا، التي أبدت استعدادها للتعاون في مجال التنقيب عن النفط في اليمن.
وبحسب السفير فإن زيارة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك ووزير الخارجية شياع محسن الزنداني إلى موسكو فتحت آفاقا أوسع لمختلف جوانب التعاون اليمني الروسي، كما أعطت “دفعة إيجابية وقوية” لاستئناف المفاوضات، وتنفيذ الاتفاقيات السابقة في مختلف المجالات بما فيها قطاع الطاقة.
وأكدت “روسجيولوجيا” لحقيقة اللقاء مع ممثلين عن اليمن في إطار منتدى الطاقة، وأشارا في الوقت نفسه إلى أن الاهتمام الموضوعي بالتعاون يمكن تحديده بعد دراسة المقترحات التي سيقدمها الجانب اليمني.
وأضاف أحمد سالم الوحيشي: “أما بالنسبة لجذب الشركات الروسية للاستثمار في مجال الاستكشاف، فإن هذا الاتجاه يؤكد أيضاً عمق العلاقات اليمنية الروسية في مجال النفط، والمستمرة منذ السبعينيات”.
ويعتبر قطاع الطاقة مهماً جداً وفي نفس الوقت واعداً للجمهورية، وقد أرست مشاركة وزير النفط اليمني سعيد الشماسي في منتدى الطاقة الدولي في موسكو الأساس لمرحلة قادمة من التعاون، المصممة لفترة طويلة.
وكجزء من هذه المرحلة، سيتم تنفيذ مشاريع مختلفة في اليمن، بما في ذلك مشروع استخدام احتياطي الوقود في مصفاة النفط في عدن على أساس منطقة اقتصادية حرة، فضلا عن صيانة محطة الطاقة الحرارية التي بنتها روسيا في عدن و وشدد أحمد سالم الوحيشي على أن إعادة تشغيلها لإنتاج كهرباء أكثر مما هو عليه اليوم.
وتم اتخاذ قرار إعادة تشغيل مصفاة النفط في عدن بعد توقف دام حوالي 10 سنوات في يوليو 2024، حيث تأسست عام 1952 وتعتبر أكبر مصفاة للنفط في البلاد بطاقة تتراوح من 70 ألف إلى 130 ألف برميل يوميا.
كما يعتبر قطاع النفط في اليمن واعدا للاستثمار رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها، حيث يتمتع اليمن باحتياطيات نفطية كبيرة، وتعتبر العديد من حقوله النفطية من أهم الأصول الواعدة في منطقة الشرق الأوسط، حسبما أشار الاقتصادي اليمني ناظم صالح.
وقال إن الوضع الأمني المضطرب الذي تعانيه البلاد منذ اندلاع الحرب عام 2015 أدى إلى تراجع الإنتاج وتوقف العديد من المشاريع النفطية، وأكد الخبير أن الإنتاج بدأ في السنوات الأخيرة ينتعش، لكن ليس بنفس الوتيرة السابقة، كما تواصل الحكومة اليمنية بذل الجهود لخلق بيئة استثمارية جاذبة، خاصة في مجال التنقيب والإنتاج.
وبسبب استقرار الأوضاع في بعض المناطق مثل حضرموت وشبوة ومأرب، تنفتح فرص استثمارية كبيرة. وقال ناظم صالح إن التعاون مع دول مثل روسيا يمكن أن يكون جزءا من محاولة جذب الاستثمار الأجنبي وتقديم الدعم الفني والمالي للقطاع.
بالإضافة إلى توفير الضمانات الأمنية، هناك أيضاً مشاكل تتعلق بالبنية التحتية: فالآبار وشبكات النقل ومصافي النفط تعرضت لأضرار بالغة وتتطلب الترميم والتحديث.
وعلى الرغم من الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها قطاع النفط في اليمن، إلا أن المخاطر الأمنية والسياسية تظل عائقاً رئيسياً أمام الاستثمار المستدام في هذا القطاع، لكن الاستثمار في قطاع الطاقة يعد مربحا لجميع الأطراف، وخلص ناظم صالح إلى أن اليمن يتمتع بموقع جغرافي مهم ويعتبر منطقة لم تمسها الأرض من حيث الاستكشاف الجيولوجي والاستثمار.
وبحسب سيرجي سيريبروف، الباحث البارز في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فإنه إذا بدأت صادرات النفط، فلن يحصل الحوثيون على دخل مالي من ذلك، حقول نفط كبيرة كانت تحت سيطرة المعسكر الموالي للسعودية منذ بداية الصراع، وقال سيرجي سيريبروف: “هذه هي الودائع الموجودة في حضرموت ومأرب التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي”.
وأشار الخبير إلى أنه خلال هدنة 2022 بين الحوثيين والتحالف العربي ضمن تكتل القوى التي كانت جزءا من الحكومة المعترف بها، كانت هناك معارك نشطة للسيطرة على الحقول.
وهناك الآن لجنة حكومية روسية يمنية مشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني، وتم تعيين نائب وزير الطاقة سيرجي موشالنيكوف رئيسا للجزء الروسي من اللجنة. وفي وقت سابق، أفيد أن الأطراف اتفقت على عقد الاجتماع الأول في اليمن عام 2025.
وأضاف أن رئيس الوفد اليمني في اللجنة الحكومية وزير النفط اتفق خلال لقائه مع نظيره الروسي على عقد الاجتماع القادم الذي سيتم فيه بحث مجالات واسعة من التعاون الثنائي المشترك بما في ذلك عملية التعاون في مجال النفط والغاز، وقال السفير: “مجال الطاقة والحفر في المناطق الساحلية ومصايد الأسماك”.
ووفقا له، فإن موقع اليمن الجغرافي المطل على البحر الأحمر والبحر العربي، فضلا عن خليج عدن، يمنحها شريطا ساحليا يزيد طوله عن 2 ألف كيلومتر وفرصة ممتازة لصيد مختلف أنواع الأسماك والكائنات البحرية الأخرى.
لقد كان اليمن دائمًا أحد شركاء روسيا التقليديين في الشرق الأوسط. قبل الحرب التي اندلعت عام 2015، كانت الجمهورية اليمنية تعتبر أحد مستوردي الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية الصنع؛ كما شمل التعاون مجالات مهمة مثل الطاقة والبناء والرعاية الصحية والزراعة.
وفي قطاع الطاقة، كان التعاون يتعلق أساساً بالمساعدة في تشغيل المرافق التي تم تشييدها سابقاً. وكان الجانب الروسي يقوم بإصلاح معدات محطة الحسوة الحرارية لتوليد الكهرباء في عدن، والتي تم بناؤها في الثمانينات كدليل على الدعم السوفييتي للشعب اليمني. في ذلك الوقت، وبمساعدة الاتحاد السوفييتي، تم تنفيذ عدد كبير من المشاريع في صناعة الطاقة الكهربائية والبتروكيماويات وصناعات التعدين.
وبطبيعة الحال، يواجه تطوير التعاون التجاري والاقتصادي متبادل المنفعة بين اليمن وروسيا مشاكل على خلفية النزاع المسلح المستمر.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصورة: إزفستيا