شارك الخبر

إعداد يارا انبيعة

بعد فترة كانت تتسم بالفتور النسبي في العلاقات الثنائية، وبدعوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اختتم إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي، زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 25 أبريل/ نيسان2018، والتي استغرقت ثلاثة أيام.

مراسم استقبال رسمية كانت بانتظار الرئيس الفرنسي وزوجته بريجيت، في قاعدة آندراوس الجوية، القريبة من العاصمة الأمريكية واشنطن، وكان في استقباله سفير فرنسا في الولايات المتحدة، جيرار أرو، ومدير إدارة البروتوكول الأمريكي، وتمَّ عزف النشيدين الوطنيين للبلدين.

وقبل توجهه إلى مقر إقامته في واشنطن، أكد الرئيس الفرنسي خلال كلمة مقتضبة، أهمية زيارته إلى الولايات المتحدة، للشعبين الفرنسي والأمريكي، موضحا أنها تسعى لبحث ملفات التجارة والأمن، والقضايا متعددة الأطراف، لافتا إلى أن هناك الكثير من القرارات، التي يجب اتخاذها والإعداد لها.

شجرة البلوط

استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته، في البيت الأبيض، وقام بمشاركة ماكرون بزراعة شجيرة البلوط، التي أهداها الرئيس الفرنسي لنظيره الأمريكي خلال زيارته إلى أمريكا.

ونشر الرئيس الفرنسي فيديو على صفحته في موقع تويتر، معلقا عليه: “منذ 100 سنة حارب الجنود الأمريكيون في فرنسا، للدفاع عن حريتنا، وهذه الشجيرة ستبقى ذكرى في مركز البيت الأبيض عن هذه العلاقة التي توحدنا سوياً.

فيما نفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعض قشرة الرأس عن بزة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل التقاط صور لهما في البيت الابيض، وبدا ماكرون منزعجا بعض الشيء من هذا الأمر.
 وقال ترامب وهو ينفض القشرة: لدينا علاقة مميزة لذا سأنفض هذه القشرة القليلة، وأضاف، يجب أن نجعله متقن المظهر، وهو كذلك.

عودة فرنسية

بالرغم من أن الرئيس الفرنسي ذهب إلى واشنطن لمحاولة إقناع نظيره الأمريكي بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، إلا أن ما صرح به ماكرون في المؤتمر الصحفي المشترك مع ترامب جاء مفاجئا، حيث أعلن عن رغبته في اتفاق جديد مع إيران.

ففي ختام لقاء استمر لفترة أطول مما كان مقرراً، تمكن الرئيسان الفرنسي والأمريكي من التوصل إلى مخرج، اقترح فيه الرئيس الفرنسي التفاوض مع إيران حول “اتفاق جديد” يشدّد على الاتفاق الأول ويشمل تسوية الوضع السياسي في سوريا، ولم يغير ترامب على ما يبدو رأيه في الاتفاق الحالي، لكن لا أحد يعرف ما إذا كانت الدول الموقعة الأخرى (بريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) مستعدة لإعادة التفاوض حول اتفاق جديد.

وتعهد الرئيسان الأمريكي والفرنسي بالسعي لاتخاذ تدابير أشد لاحتواء إيران، لكن ترامب أحجم عن الالتزام بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته القوى العالمية مع طهران عام 2015 وتوعد طهران بالرد إذا استأنفت العمل في برنامجها النووي.

كما واصل ترامب لهجته العدائية تجاه الاتفاق النووي الذي يقول إنه لا يتصدى لنفوذ طهران المتنامي في الشرق الأوسط أو لبرنامجها للصواريخ الباليستية، ووصفه بأنه غير معقول وفظيع ومثير للسخرية.

وقال ترامب: “هذا الاتفاق أسسه متداعية، إنه اتفاق سيء، إنه ينهار”.

ومع اقتراب مهلة نهائية بشأن عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران تنقضي في 12 مايو/ أيار، قال ماكرون إنه تحدث مع ترامب بشأن اتفاق جديد، ستتصدى خلاله الولايات المتحدة وأوروبا لكل المخاوف القائمة بشأن إيران خلافا لبرنامجها النووي.

كما أنّ الرئيس الفرنسي لم يحصل على شيء مهم بشأن اتفاق باريس حول المناخ، الذي كان يأمل منذ فترة طويلة عودة الولايات المتحدة إليه، ولا حول الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الفولاذ والألمنيوم.

وحول هذه النقطة، اتخذت فرنسا وأوروبا قراراً سريعاً بينما سيكون بإمكانهما الحكم على الوضع في الأول من مايو/ أيار موعد إعفاء الاتحاد الأوروبي من هذه الرسوم.

وكرر ماكرون مرات عدّة أنه لا أحد يشن حرباً على حلفائه، ولم يكن محيط الرئيس الفرنسي، يشعر باليأس من إعفاء أوروبا نهائياً من هذه الرسوم، وانتهز إيمانويل ماكرون فرصة زيارته للترويج لفرنسا.

والتقى ماكرون رؤساء مجالس إدارات حوالي ثلاثين مجموعة أميركية بينها “جي بي مورغان” و”بيبسي كولا” و”سيلزفورس” و”يو تي سي” و”بيست باي” و”إيه تي أند تي”، وكما فعل في منتدى “دافوس 11″، أكد ماكرون مجدداً أن “فرنسا عادت”، وفي هذه المناسبة، أعلنت مجموعة البرمجيات العملاقة “سيلزفورس” أنها ستستثمر في فرنسا 2,2 مليار دولار على مدى خمسة أعوام.

عشاء الدولتين

بعد محادثات شاقة، أقيم عشاء دولة فاخر على شرف الرئيس الفرنسي، دعي إليه نحو 130 شخصاً في البيت الأبيض الذي زين بزهور الكرز، وكان بين الحضور إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر، ورئيس المجموعة الفرنسية للصناعات الفاخرة “ال في أم أش” برنار أرنو، ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.

وشرب الرئيسان نخب الصداقة بين البلدين. وقال ماكرون: كثيرون يعلقون على صداقتنا الشخصية، وأضاف على ضفتي الأطلسي، قلة كانوا يتوقعون قبل سنتين أننا سنلتقي، أنا وأنت، في هذا المكان، وتابع ماكرون، لا شك في أننا لهذا السبب نشترك في الكثير من الأمور المرتبطة بالتصميم وربما الحظ، وقال: يعرف كل منا أنه ليس من السهل أن نغير رأينا لكننا نملك إرادة العمل معاً.

لا.. لسلاح نووي إيراني

وفي آخر يوم من جولته إلى الولايات المتحدة الأميركية، تحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمام مجلس الشيوخ الأميركي وأكد أن الموقف الفرنسي واضح تجاه امتلاك إيران السلاح النووي.

وأكد ماكرون بقوة أن فرنسا تعتقد أنه لا يجب على إيران أن تمتلك السلاح النووي أبداً، لا الآن ولا بعد خمس سنوات ولا بعد عشرة، أبداً، كذلك أيد الرئيس الفرنسي فكرة البدء بمفاوضات جديدة للتوقيع على اتفاق نووي جديد مع الجانب الإيراني، يكون أكثر “طموحاً”، على حد تعبيره، وأضاف ماكرون: لا يمكن التخلص من الاتفاق النووي مع إيران، يجب ألا تقودنا سياسة طهران إلى حرب في الشرق.

وقال ماكرون: حقيقي أن هذا الاتفاق ربما لا يعالج كل المخاوف والمخاوف المهمة جدا، ولكن يجب ألا نتخلى عنه بدون إيجاد بديل جوهري وأكثر قبولا، هذا موقفي، وأضاف، ما أريد القيام به وما قررناه سويا مع رئيسكم هو أننا يمكننا العمل بشأن اتفاق أكثر شمولية يعالج كل هذه المخاوف، مضيفا أن فرنسا لا تزال ملتزمة بالهدف الأساسي المتمثل في منع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

إيران تعترض

سارعت إيران الى رفض دعوة الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العمل على اتفاق جديد حول الملف النووي الإيراني، فيما اعتبرت موسكو أنه لا بديل عن الاتفاق الحالي.

ورد الرئيس الإيراني حسن روحاني في خطاب القاه في تبريز (شمال إيران) على هذه التصريحات مشككا في شرعية مساعي التوصل إلى اتفاق جديد، وأوضح، “يقولون إلى جانب رئيس دولة أوروبية: نريد أن نقرر حول اتفاق تتوصل إليه الاطراف السبعة، للقيام بماذا؟ وبأي حق؟”.

وأضاف، عليكم أن توضحوا كيف سيسير الاتفاق في السنوات المقبلة، قولوا لنا من فضلكم أولا ماذا فعلتهم في السنتين الماضيتين، فيما تُتهم إيران الغربيين بانتظام بعدم الوفاء بتعهداتهم.

وأشار روحاني أيضا إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد بانتظام أن إيران تفي بتعهداتها التي قطعتها في فيينا حول برنامجها النووي بهدف تقديم ضمانات بأنها لا تسعى إلى امتلاك السلاح الذري.

واعتبر روحاني أنه مع الاتفاق حول الملف النووي، أثبتنا حسن نيتنا للعالم، أردنا ان نثبت للعالم أن إيران لا تسعى إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، وأضاف مع هذا الاتفاق، أسقطنا الاتهامات وأثبتنا أن الولايات المتحدة وإسرائيل تكذبان بخصوص إيران منذ عقود.

وانتقد روحاني الرئيس الأميركي بدون تسميته قائلا: “لستَ سوى رجل أعمال، لا تملك أي خبرة في السياسة ولا في مجال القانون أو الاتفاقات الدولية.

وقال المتحدث باسم الكرملين الروسية ديمتري بيسكوف: نعتقد أنه لا يوجد بديل حتى الآن للاتفاق النووي، مضيفا أن الموقف الإيراني من الملف مهم جدا، فيما اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني أن الاتفاق النووي الإيراني يعمل جيدا ويجب الحفاظ عليه.

ويبدو الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الكبرى، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وبريطانيا وألمانيا، هشا أكثر من اي وقت مضى مع تهديدات الرئيس الأميركي بالانسحاب منه.

ليس لقاءً عادياً

اعتبر الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر «زيارة دولة» وليس لقاءً عاديًا بين زعيمين، وأضاف أن الزيارة تعبر عن محاولات ماكرون في التقارب مع ترامب على خلاف باقي زعماء الاتحاد الأوروبي الذين يحاولون أن ينأوا بأنفسهم بعيدًا عن ترامب بسبب توجهاته الشاذة بعض الشيء.

وأوضح أن الضربة الثلاثية على سوريا أوضحت مدى التقارب في التوجهات والتفكير والمخططات بين ماكرون وترامب، ولعل أبرز الملفات المطروحة هي إحلال النفوذ الفرنسي والبريطاني محل النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، إذ أن هناك توجها أمريكا بالخروج من الشرق الأوسط وهو ما يعرف بـ(الاستدارة شرقا)، لذا ففرنسا تحاول أن تلعب دور أمريكا في الشرق الأوسط خلال الـ20 عاما المقبلة.

وتابع، أن الدول العظمى الثلاث تخطط لإحلال القواعد العسكرية الأطلنطية (التابعة لحلف الناتو) محل الأمريكية في الشرق الأوسط خلال الـ20 عامًا المقبلة.

مصدر الأخبار: وكالات

مصدر الصور: مونت كارلو الدولية_ الشروق


شارك الخبر
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •