إعداد: يارا انبيعة
بعد أن نجح البلدان في وضع حد لتوترات شابت العلاقات بينهما قبل عدة أشهر كان محورها الخلافات حول مثلث “حلايب وشلاتين وأبو رماد” الحدودي والموقف من سد “النهضة” الإثيوبي، اختتم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، زيارته للسودان بعد قمة أجراها مع الرئيس السوداني، عمر البشير.
تعد هذه القمة الثالثة خلال العام 2018، حيث اتخذت الزيارة طابعاً خاصاً لما تعكسه من دلالة كأول زيارة خارجية للرئيس السيسي، في الفترة الرئاسية الثانية، وهو ما وصفه المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بأنها تعكس خصوصية العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، إذ تم البحث في العديد من القضايا المتعلقة بدعم العلاقات الثنائية بين البلدين والتعاون المشترك بينهما فى كل المجالات، إلى جانب مناقشة القضايا الإفريقية والعربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وعود وجهود حثيثة
وعد الرئيس المصري بألا يرى السودان من بلده إلا الخير، مشدداً على أن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، وأن مصلحة البلدين فوق كل المصالح، مشيراً إلى حرص بلاده على استقرار الخرطوم ودعمها في محيطيها الإقليمي والدولي في ضوء ترابط الأمن القومي للبلدين والعلاقات التاريخية التي بين الشعبين الشقيقين، داعياً وسائل الإعلام السودانية والمصرية إلى العمل على تعزيز وتعضيد قيم الخير والسلام والاستقرار، وأن تكون منبراً لانطلاق علاقة البلدين إلى آفاق أرحب.
عدم رضا
أبدى الرئيس السيسي عدم رضاه عن بعض ما يكتب في وسائل الإعلام المصرية، مشيراً إلى أن ذلك لا يخدم مصالح البلدين والشعبين، حيث أكد، أمام عدد من القيادات ورموز القوى السياسية والمفكرين والإعلاميين السودانيين، مواصلته السعي لبناء شراكة استراتيجية مع السودان عبر العمل الدؤوب لتطوير التعاون والتنسيق والاستفادة من الفرص المتاحة والتشابه في البناء الاقتصادي للدولتين لتحقيق الأهداف المنشودة.
كما شدد السيسي على أن سياسة مصر الخارجية تقوم على مبادئ راسخة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وعدم التآمر على أي دولة، ومد روابط التعاون والتنمية وإرساء السلام في إطار ثابت من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة التي تسمو فوق أية اختلافات في وجهات النظر، مشيداً بما يبذله البلدان من جهود حثيثة لدعم علاقات التعاون المشترك من خلال إنشاء لجان وآليات تعاون ثنائي وترفيع اللجنة المشتركة إلى المستوى الرئاسي، المقرر انعقادها بالخرطوم في أكتوبر/تشرين أول 2018، إلى جانب تشكيل لجنة التسيير بين البلدين لتحديد خطط واضحة بأهداف محددة وجداول زمنية لوضع ما يتم الاتفاق عليه موضع التنفيذ، مشيراً إلى الشروع في تنفيذ مشروعات قومية مشتركة منها الربط الكهربائي ومد خطوط السكك الحديدة.
منع التدخلات.. وحماية “الأحمر”
أثمرت الزيارة عن قطع الطريق أمام الأطماع في منطقة البحر الأحمر، حيث اتفق الرئيسان على التشاور والتنسيق المستمر بين بلديهما، منعاً للتدخلات الأجنبية والتسابق الإقليمي للسيطرة على المنطقة بما يتعارض مع مصالح شعوبها.
وفي ختام مباحثاتهما أكد الزعيمان اهتمام الجانبين البالغ بأمن منطقة البحر الأحمر، واتفقا على استمرار التعاون وتبادل الدعم في المحافل الإقليمية والدولية، وتعهدا بتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية بينهما، ودعم وتشجيع الاستثمارات المشتركة وتذليل كافة العقبات التي تواجهها وزيادة التبادل وتسهيل حركة التجارة بين البلدين.
ووفقاً لبيان مشترك صدر عن الجانبين، فإن الرئيسين السيسي والبشير تبادلا وجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وثمنا للتطورات الإيجابية في المنطقة والمتمثلة في تطبيع العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، وأشارا إلى الأثر الإيجابي الذي ستحدثه على منطقة القرن الأفريقي، كما حضا أطراف النزاع في جنوب السودان على عدم تفويت الفرصة، والاستماع لصوت الحكمة والالتزام بالتوقيع على اتفاق سلام يعيد الأمن والاستقرار لجنوب السودان.
عودة الأمور إلى نصابها
وفقاً لتصريحات المتحدث بإسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، فقد أعرب الرئيس السيسي عن سعادته بزيارة السودان والالتقاء بمفكريه وقيادات العمل السياسي فيه، مشيراً إلى أن الزيارات المتعاقبة بين الدولتين تؤكد حرص القيادتين على دفع العلاقات الثنائية وإجهاض أي محاولات لتعكير صفو العلاقات بينهما.
وفي السياق نفسه، عد سياسيون مصريون الزيارة “علامة فارقة” في تاريخ العلاقات بين البلدين، وقال النائب أحمد سعد، عضو لجنة النواب في مصر، إن الزيارة “أعادت الأمور إلى نصابها بين البلدين، ونجحت في فتح مجالات جديدة للتنمية بين القاهرة والخرطوم”، مضيفاً أنها، وفي هذا التوقيت، تعد “زيارة فارقة في تاريخ العلاقات، وقد عبرت عن عمق الروابط التاريخية بين البلدين.”
من جهته، أكد الكاتب الصحافي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة بمصر، كرم جبر، ان المباحثات بين الرئيسين كانت “مشجعة ومطمئنة”، مشيراً إلى أن الرئيس السيسي جلس مع كبار الصحافيين السودانيين، وحثهم على تأكيد دور الإعلام في دعم العلاقات بين البلدين، وإزالة الخلافات أولاً بأول.
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصورة: الجزيرة.