إعداد: يارا انبيعة

 

مع تصدر حزب “حركة الإنصاف”، بقيادة لاعب الكريكيت السابق عمران خان، السباق الانتخابي بفارق كبير عن حزب الرابطة الإسلامية، الذي يتزعمه شهباز شريف شقيق رئيس الوزراء المحبوس نواز شريف، أثارت نتائج الانتخابات التشريعية في باكستان جدلاً كبيراً، حيث انبرت تقارير غربية تهاجم العملية الانتخابية، واتهمت الجيش الباكستاني بالتدخل في الانتخابات لصالح المرشح خان.

أفضل من المتوقع

حصل حزب عمران خان على 16.86 مليون صوت في أداء جاء أفضل من المتوقع، وفي هزيمة ساحقة لحزب شريف، الذي حل في المركز الثاني وحصل على 12.89 مليون صوت، إذ سيشغل حزب خان ما مجموعه 116 مقعداً في البرلمان من أصل 272، إلا أن هذا العدد لا يعطيه الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة منفرداً دون شركاء، وهي 137 مقعداً، في وقت استبعد خان التحالف مع الحزبين الرئيسيين الآخرين في البلاد ووصفهما بأنهما فاسدان، فيما يبقى 70 مقعداً مخصصة للنساء توزع على الأحزاب، كل حسب نسبة الأصوات التي حصل عليها في الاقتراع المباشر.

مستعدون للتحرك

طالب حزب “الرابطة الإسلامية الباكستانية”، جناح نواز شريف، بإجراء تحقيق قضائي فيما وصفه بتزوير في الانتخابات، حيث اتهم شريف، في الفترة التي سبقت الانتخابات، الجيش الباكستاني بالتأثير على القضاء ليحرم حزبه من ولاية جديدة في حكم البلاد، في حين ونفى الجيش ما أورده شريف، الذي حكم باكستان لنحو نصف تاريخها منذ تأسيسها عام 1947، من تدخل في السياسة.

إلى ذلك، قال خواجة آصف، وزير الخارجية السابق والقيادي في الحزب المعارض، بأنه يريد “تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في وقائع حدثت يوم 25 يوليو (تموز)”، مضيفاً “سنصدر ورقة بيضاء بشأن التلاعب في الانتخابات وغيرها من الوقائع.” كما قال القيادي مشاهد الله خان إن “حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية ــ جناح نواز شريف – لن يقبل بشرعية الانتخابات ونحن مستعدون، لبدء التحرك مع أحزاب أخرى.”

نصر للمرأة

بالمقارنة مع انتخابات العام 2013، ازداد عدد النساء المسموح لهن بالتصويت، في 25 يوليو/تموز 2018، بمقدار 3.8 مليون امراة، ويشير الاحصاء الأولي إلى أن عدد النسوة اللاتي صوتن يزيد عن أي من المرات السابقة جميعاً، مما يشير إلى تحول ثقافي ملحوظ لا سيما في المناطق التقليدية التي أدلت فيها عشرات الألوف من النساء بأصواتهن للمرة الأولى، متجاهلات دعوات كبار القرية والزعماء الدينيين في الابتعاد عن مراكز الاقتراع استناداً إلى فكرة “الذكورية”، حيث شعرن بأنهن “مواطنات كاملات” نلْن حقهن بعدما حرمن منه لعقود.

هذا الازدياد الملحوظ في عدد المقترعات لم يكن عفوياً، إذ أن المسؤولين الباكستانيين أُجبروا، في السنوات الأخيرة، على اتخاذ عدد من الاجراءات رداً على انخفاض نسبة مشاركة النساء في الكثير من الدوائر. مثال على ذلك ما نص عليه قانون الانتخابات للعام 2017 على أن تصويت الدائرة يعد لاغياً إذا لم تصل نسبة مشاركة المرأة في الاقتراع حد الـ 10%، وقد أطلقت الحكومة حملة لتسجيل النساء للاقتراع في مناطق يشير تاريخها إلى ندرة المشاركة النسائية في الانتخابات.

غير أن “الفجوة الجندرية” لا تزال واسعة إذ يقدر المسؤولون أن نحو 9 ملايين امرأة لم تسجل للاقتراع هذه المرة، ولكن مشهد وقوف العديد من النساء في الطوابير للإدلاء بأصواتهن يعد مؤشراً على المساواة في الحقوق الديمقراطية.

التقارير الغربية “مغرضة”

قال سمير حسين زعقوق، الباحث المتخصص في الشئون الباكستانية، إن الواضح من الخريطة السياسية الباكستانية عقب الانتخابات التشريعية، أن حركة الإنصاف بزعامة عمران خان، الفائز في الانتخابات، سيجد نفسه مضطراً بعدما فشل في الفوز بأغلبية مطلقة، على الدخول في تحالفات مع مجموعة من الأحزاب الصغيرة لتشكيل حكومة بأغلبية تقليدية ضعيفة.

وأضاف زعقوق أن الحزبين الكبيرين الآخرين، “الرابطة الإسلامية” بزعامة شهباز شريف وحزب “الشعب” الباكستاني بزعامة الرئيس السابق آصف علي زرداري، لن يدخلا في ذلك التحالف، وقد يضطرا للدخول في تحالف مشترك، أو الدخول في تحالفات أخرى، كل على حدة، مع الأحزاب الصغيرة ذات النسبة الضعيفة في عدد مقاعد البرلمان.

وأشار الباحث المتخصص في الشئون الباكستانية، إلى أن الجيش لم ينقلب على نواز شريف، وأن قضايا الفساد المتهم فيها حقيقية، مضيفاً أن عمران خان، هو أقل رؤساء الأحزاب فساداً كونه ساهم في بناء مستشفيات ومراكز علمية وبنية تحتية في باكستان، اكتسب تأييد الباكستانيين الذين منحوه أصواتهم رغبة منهم في التخلص من الفساد والأوجه القديمة.

وختم زعقوق بالقول إن التقارير الغربية التي تتحدث عن وجود تزوير في الانتخابات الباكستانية، “مغرضة”، إذ تعبر عن الغضب الغربي والأمريكي على وجه الخصوص من تقارب باكستان من محور الشرق الممثل في الصين وروسيا، مشيراً إلى أن الانتخابات الأخيرة عبرت عن الرغبة الحقيقية للشعب الباكستاني.

دعوة مفتوحة

هنأ الرئيس الأفغاني أشرف غني المرشح عمران خان على فوزه في الانتخابات الوطنية في البلاد، ودعاه لزيارة كابول، إذ قال غني في تغريدة له “لقد وجهت دعوة مفتوحة للسيد خان، وأعرب عن رغبته في زيارة كابول قريباً”، وأضاف “اتفقنا على التغلب على الماضي ووضع أساس جديد لمستقبل سياسي واجتماعي واقتصادي مزدهر للبلدين.”

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: الشرق الأوسط.