حوار: سمر رضوان

يبدو لافتاً “لقاء دمشق” بين الحكومة السورية ومجلس سوريا الديمقراطي “قسد”، القريب من القوات الأمريكية، حيث اعتبر الأخير أن المحادثات كانت “جيدة”، وبالتالي قد يكون هناك “سيناريو” آخر مختلف للمنطقة الشمالية السورية غير الذي نشهده في مناطق أخرى.  

عن هذا الاجتماع المهم وأبعاده، سأل مركز “سيتا” الأستاذ ريزان حدو، “المستشار الإعلامي لوحدات حماية الشعب الكردية” والسياسي الكردي السوري.

حوار لا إتفاق

يعتبر الحوار الذي جرى في دمشق بين الكرد السوريين “مجلس سوريا الديمقراطي” وبين الحكومة السورية خطوة مباركة ولو أنها جاءت متأخرة. هذه الخطوة يمكن التعويل عليها من أجل اعادة توحيد الشعب السوري على أمل أن تستكمل بخطوات أخرى كإندماج الوحدات الكردية مع الجيش السوري في الحرب ضد الإرهاب والاحتلال من أجل رفع العلم السوري، معاً، في كل من إدلب واعزاز وعفرين.

ما تجدر الإشارة إليه هنا أنه، إلى الآن، لا يوجد اتفاق بل حوار مبدئي لوضع أسس تمهد لخطوات عملية أخرى، وهو تسلسل لعدد من الحوارات السابقة بين الطرفين والتي لم تنقطع اصلاً. أما اليوم، فقد تم تظهيره ليكون حواراً علنياً في دمشق كي يمهد لخطوات، إدارية كانت أم سياسية، من المفترض أن نشهد ترجمة قريبة لها على أرض الواقع.

معارك مشتركة

بالعودة بالذاكرة، خاض الكرد السوريين، من خلال وحدات حماية الشعب الكردي، والحكومة السورية، وفي الجانب العسكري تحديداً، معارك في خندق واحد. فأول معركة كانت لهما معاً في العام 2012 – 2013 عندما دخل الجيش التركي، أول مرة إلى الأراضي السورية في مدينة رأس العين. حينها، فكت الوحدات الكردية، وبالسلاح الخفيف، الحصار عن القوات الأمنية السورية في منطقة الأصفر نجار، إضافة لمعارك مطار “منغ” العسكري، في ريف حلب الشمالي، حيث كان هناك تنسيق بين الجيش السوري الموجود في المطار والوحدات الكردية في عفرين، وتم الاتفاق على فتح ثغرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجنود السوريين. أيضاً، حدث تعاون في معارك الحسكة ومعارك تحرير حلب 2016.

 من هنا، يمكن لـ “لقاء دمشق” أن يكون لبنة يبنى عليها من أجل البدء بتطبيق خطوات عملية مستقبلية، سواء أكانت خدماتية أم سياسية، كون الوضع الطبيعي للأمور بسط مؤسسات الدولة السورية سيادتها على كامل الجغرافيا.

أمريكا ليست صديقتنا

بمعزل عن الحالة الوطنية، إن العلاقة الأمريكية – الكردية غير ودية ولم تكن كذلك في يوم من الأيام. تاريخياً، تآمرت أمريكا على ثورة الملا مصطفى البارزاني، كما سلّمت، بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية، المناضل عبد الله أوجلان إلى تركيا، كما أنها لم تتدخل عندما قامت الطائرات التركية بقصف مواقع الوحدات الكردية العام الماضي (2017) في كراتشوك أقصى شمال شرق سوريا.

إن الولايات المتحدة لم تعتبر يوماً من حلفاء الكرد الإستراتيجيين، لكنها فقط تريد الاستفادة من خبراتهم العسكرية في محاولة لتحقيق أهدافها. على سبيل المثال، لم تساهم واشنطن في إعادة إعمار مدينة عين العرب “كوباني” التي دمرت بنسبة 80%، كما انها لم تصدر حتى بياناً، هي أم حتى الناتو، تستنكر في العملية العسكرية التركية الأخيرة (غصن الزيتون) على عفرين، فنحن نعتبر، القوانين والأعراف الناظمة للعلاقات الدولية، من شن هذا الهجوم هو حلف الناتو نفسه، كون تركيا عضو فيه.

بناء على ما سبق، أعتقد أن الأمريكي هو ليس صديقاً للشعب السوري بشكل عام، والكردي بالمطلق. ومع مراقبتنا للتحركات في منطقة الشمال، ندرك أن أمريكا لا تسعى للبقاء في سوريا لأنها تعي تماماً أن الوضعين الجغرافي والاستراتيجي السوريين لا يسمحان ولا يتقبلان هذا الوجود الذي لا يشكل سوى “ورقة تفاوض” للمساوة على مناطق أخرى.

سيناريو الجنوب في وجه تركيا

أعتقد أننا مقبلون على سيناريو مشابه لما حدث في الجنوب السوري، بمعنى وجود عملية سياسية ترافقها عملية عسكرية. من الناحية السياسية، ستصب الجهود على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للالتزام بتعهداته، فإنتشار القوات السورية على الحدود هو الوضع الذي يجب أن يطبق، بعد الجنوب، في الشمال والشرق السوريين. من هنا، يبقى على القوات التركية الخروج من عفرين واعزاز ومارع ومن جرابلس ومن إدلب كي تنتشر القوات الحكومية هناك.

من خلال قرآتي الخاصة بالمشهد، يمكن القول بأنه من الصعب أن يلتزم الجانب التركي بشكل كامل. لذلك، اعتقد أننا مقبلين على معركة في الشمال السوري، أما توقيتها فبموعد أقصاه اكتوبر/تشرين الأول (2018)، وربما قد نشهد في هذا الشهر عملية تحرير كامل الأراضي السورية على غرار حرب “تشرين” التحريرية.

“تشرين الحل”

الاتفاق السوري – السوري، مع الكرد السوريين تحديداً، سيعطي جرعة نشاط لتسريع إنهاء الحرب، فنحن مقبلون على معارك ستتبعها اتفاقيات ينتظر منها الالتزام بجديتها. إن الأمور في طريقها إلى الحل خلال الشهور القادمة. بتصوري، سيكون شهر اكتوبر/تشرين الأول موعداً لتكوين صورة واضحة بخصوص الشمال السوري، وأقصد هنا إدلب وعفرين واعزاز ومارع وباقي المناطق، مع الإشارة إلى أن الجيش التركي لن يدخل بشكل مباشر في المعركة بحكم وجود الضامن الروسي، الذي لن يسمح بهكذا تصعيد خطير في المنطقة، وأيضاً المجتمع الدولي، لكن تركيا ستلعب بشكل، غير مباشر، عبر دعم الجماعات الإرهابية.

مصدرالصورة: موقع حزب الاتحاد الديمقراطي.