إعداد: يارا انبيعة

بعد أن فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، وذلك فيما يتعلق بقضية القس الأمريكي أندرو برونسون، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن أنقرة سترد على العقوبات الأمريكية حيث لم تجد وزارة الخارجية التركية، مفراً من ضرورة الرد على تلك العقوبات المزمع أقرارها سوى الرد بييان مقتضب عليها ووصفها بـ “القرار الخاطئ”، مطالبة الحكومة الأمريكية بالتراجع عنها.

ويذكر أن السلطات التركية، تحتجز القس الأمريكي أندرو برونسون، الذي كان يدير كنيسة بروتستانتية في “إزمير” منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، بتهمة العمل لصالح شبكة “فتح الله غولن” وحزب العمال الكردستاني.

عقوبات شبيهة بـ “الروسية”

قال وكالة بلومبيرغ “إن الولايات المتحدة تعد لائحة عقوبات اقتصادية ضد تركيا تطال أشخاصاً وكيانات على خلفية تورطهم في سجن مواطنين أميركيين وموظفين من البعثة الدبلوماسية”، وأوضحت الوكالة “أن لائحة العقوبات ستأخذ مفعولها في حال فشلت الجهود للإفراج عن القس برونسون”، موضحة أنها شبيهة بنموذج العقوبات المفروضة على الحكومة الروسية.

المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، أوضحت أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أوعز لوزارة الخزانة بفرض عقوبات ضد وزيري العدل والداخلية التركيين، وقال بيان الخارجية “إن العقوبات تشمل أي أموال أو عقارات للوزيرين داخل الولايات المتحدة.” كما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت، إنه “ينبغي رفع الإقامة الجبرية عن أندرو برونسون وإعادته إلى منزله.”

من جهتها، أوضحت وزارة الخزانة الأمريكية، أن وزير العدل التركي، عبد الحميد غول، ووزير الداخلية، سليمان سويليو، متهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وكان وزير الخزانة الأمريكية، ستيفن منوتشين، قد أعلن، في وقت سابق، ان “الاحتجاز الظالم” للقس برونسون واستمرار محاكمته على يد المسؤولين الأتراك غير مقبول بالمرة، مضيفاً أن الرئيس ترامب أوضح مراراً أن الولايات المتحدة تتوقع أن تطلق تركيا سراحه على الفور.

وتتضمن العقوبات تجميد الأصول المالية والممتلكات للوزيرين وإدراجهما تحت الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب بشأن منتهكي حقوق الانسان.

قرار خاطئ

الوزير اوغلو غرد على حسابه في “تويتر” قائلاً “المحاولة من جانب الولايات المتحدة، لفرض عقوبات على وزيرينا لن تمر دون رد”، موضحاً “أن الولايات المتحدة لن تحقق مطالبها بتسليم القس، من خلال العقوبات.” كما أعربت الخارجية التركية، عن “احتجاجها الشديد” بشأن العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد وزيرين أتراك، ودعت واشنطن إلى التخلي عن هذا “القرار الخاطئ”، كما أعلنت في بيانها “أنها تدعو الإدارة الأمريكية للتراجع عن قرارها”، مؤكدة عزم أنقرة على “الرد بالمثل” على هذا الموقف “العدائي” الذي لا يخدم أي هدف.

وأضافت الخارجية التركية “نحتج بشدة على قرار العقوبات المتعلق بتركيا الذي أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية”، وأكدت “أن القرار لا يتماشى مع جدية الدولة، ولا يمكن تفسيره من خلال مفهومي القانون والعدالة”، وأردفت “لا شك بأن هذا القرار الذي يعتبر تدخلاً في نظامنا القضائي وبشكل ينم عن قلة احترام، ينتهك جوهر علاقاتنا مع الولايات المتحدة، وسيلحق ضرراً كبيراً بالجهود البناءة المتواصلة حيال إيجاد حل للمشاكل بين كلا البلدين.”

“عقلية أنجلو – صهيونية”

هاجم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نظيره الأمريكي بشكل حاد، منتقداً تهديداته بفرض عقوبات على بلاده، وفي تصعيد للهجة الهجوم على واشنطن، معتبراً أن تهديدات الرئيس ترامب تحمل “العقلية الإنجيلية الصهيونية”، إذ قال الرئيس أردوغان “من غير الممكن قبول لغة التهديد التي تستخدمها العقلية الإنجيلية الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية”، مشيراً إلى أن تركيا لا تعاني من مشاكل مع الأقليات الدينية، وأضاف “سنواصل المضي قدماً في السبيل الذي نؤمن به، دون أدنى تنازل عن حريتنا واستقلالنا واستقلالية قضائنا.”

كما أشار أردوغان إلى أن تركيا “لن تأخذ خطوة للوراء عندما ستواجه العقوبات، عليهم ألا ينسوا أنهم سيخسرون شريكاً مخلصاً”، معلناً أن وزير خارجيته سيجري محادثات مع نظيره الأميركي على هامش اجتماع رابطة دول جنوب شرق آسيا، في سنغافورة.

تبديل الحليف؟!

نشرت صحيفة “كوميرسانت” الروسية تقريراً تحدثت فيه عن التصريح الذي أدلى به الرئيس التركي والذي هدد فيه بأنه في حال فُرضت عقوبات على تركيا، ستفقد واشنطن حليفها الرئيسي في الشرق الأوسط. ولفتت الصحيفة، أن ردة فعل الرئيس التركي على تهديدات واشنطن تشير إلى نيته في قطع العلاقات مع واشنطن، والتوجه نحو الشركاء الأوروبيين إلى جانب إيران وروسيا.

كما أوردت الصحيفة إلى أن قضية القس الأمريكي كان لها وقع كبير على العلاقات بين البلدين، لا سيما في ظل اعتقاد الجانب التركي بأن هناك علاقة ما تربط بين القس الأمريكي والواعظ الإسلامي فتح الله غولن، الذي يعيش في الولايات المتحدة، حيث طالبت تركيا في العديد من المناسبات بتسليمه.

هذا وقد عرض الرئيس التركي، في سبتمبر/أيلول 2017، الإفراج عن القس برونسون مقابل تسليم واشنطن لغولن في إطار صفقة تبادل، ولكن سرعان ما عدل أردوغان عن رأيه قائلاً “لن نتعامل مع القس الأمريكي أبدا كورقة مساومة.”

ورقة ضغط

من الواضح أن هذه التهديدات والعقوبات أتت على خلفية تخطيط تركيا لشراء منظومة الدفاع الجوي “إس-400” الروسية وأنها من بين العوامل التي أدت إلى توتر العلاقات التركية – الأمريكية، في محاولة منها إرغام تركيا على التراجع عن شراء هذه المنظومة، إذ هدد الكونغرس الأمريكي بعدم تسليم أنقرة مقاتلات “إف – 35”. ومع ذلك، أوضح الرئيس التركي أن التهديدات والعقوبات الأمريكية لن تجبر أنقرة على التراجع، مشيراً إلى إمكانية بحث تركيا عن بديل للمقاتلات او حتى اللجوء الى القضاء الدولي.

مصدر الأخبار: وكالات

مصدر الصورة: الشرق الأوسط.