إعداد: يارا إنبيعة
عقد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عدداً من اللقاءات بحث فيها الأوضاع الداخلية والخارجية للدولة التركية وجيرانها، اقتصادياً وسياسياً وميدانياً، حيث زار أنقرة كل من أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس مجلس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، ووزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف.
يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد التركي مشاكل جمة لا سيما بسبب انهيار العملة الوطنية التي وصلت إلى أدنى مستوى قياسي في تاريخها أمام الدولار الأمريكي حيث بلغ سعره 7.24 ليرات تركية ليتراجع لاحقا إلى حوالي 5.70، إذ فقدت نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام، وهو ما يرجع بشكل كبير، حسب متابعين، إلى المخاوف المتعلقة بتأثير الرئيس أردوغان على الاقتصاد ودعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع التضخم، فضلاً عن الخلاف مع الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات اقتصادية على تركيا.
15 مليار دولار لـ “الأخ أردوغان”
فيما تشهد العلاقات التركية – القطرية تقارباً ملموساً على مدار الأشهر الأخيرة، يبدو من الواضح لجوء الرئيس التركي إلى حليفه الأساسي، أي قطر، طالباً منه مساعدة مالية لإنقاذ الليرة.
فبعد لقاء جرى في المجمع الرئاسي بعيداً عن الإعلام استغرق حوالي 3 ساعات ونصف الساعة، أعلن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن بلاده ستستثمر 15 مليار دولار بشكل مباشر، فيما أكد الفريقين التزامهما بمواصلة تطوير العلاقات بين البلدين في جميع المجالات.
كما جرى خلال الاجتماع، بحث مجمل القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتبادل وجهات النظر حيالها، وشدد الزعيمان على أهمية حل الخلافات بالحوار والطرق الدبلوماسية من أجل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.
تطور مستمر
في تغريدة له على موقع “تويتر”، قال أردوغان “وأنا أتقدم باسم الشعب التركي بالشكر الجزيل إلى الشيخ تميم والشعب القطري لوقوفهم إلى جانب تركيا. ولا شك أن علاقاتنا المتينة مع دولة قطر الصديقة والشقيقة ستشهد تطوراً في العديد من المجالات بشكل مستمر.”
إلى ذلك، قال السفير القطري لدى تركيا، سالم بن مبارك آل شافي، إن تركيا “حليف استراتيجي” ولن “نتردد في تقديم الدعم اللازم للجمهورية التركية”، وأضاف “أن دولة قطر دائماً سباقة في نصرة إخوانهم الأتراك”، وتابع “الدولتان لهما مواقف مشتركة في مجمل القضايا الإقليمية والدولية لما يصب في صالح شعبي البلدين، ولعل العلاقات التي تربط بين القيادتين والشعبين هي المحرك الأساسي والقوي لكلتا الدولتين.”
كمل أكد آل شافي أن زيارة أمير قطر تدل على قوة العلاقات القطرية – التركية، وتؤكد على مدى تلاحم الشعبين، ووقوفهما المشترك ضد التحديات التي تواجههما. واختتم السفير القطري تصريحه قائلاً “نجدد وقوفنا الثابت مع الشعب التركي الشقيق في محنته الراهنة، ونؤكد أن علاقاتنا المتينة مع الجمهورية التركية لديها مكانة مميزة لدى شعبنا.”
خمس ملفات حيوية
على مدار يوم واحد، بحث رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي في أنقرة، خمسة ملفات بارزة تم خلالها الاتفاق على تعزيز التعاون في العديد من المجالات، وهذه الملفات هي: مكافحة الإرهاب، وزيادة حجم التبادل التجاري، والحرب الاقتصادية التي تشنها قوى دولية على تركيا، إضافة إلى المساهمة في إعادة إعمار العراق، وإعادة فتح القنصليتين التركيتين في مدينتي البصرة (جنوباً) والموصل (شمالاً).
من جهته، قال وزير الزراعة العراقي، فلاح حسن الزيدان، إن تركيا وعدت بإيقاف العمل في سد “إليسو” على نهر دجلة إلى العام المقبل 2019، مؤكداً أن اطلاقات نهر دجلة سوف تزداد خلال الأشهر المقبلة، وأضاف في تصريحات أن تركيا ستزود العراق بـ 400 ميغاواط كمرحلة أولى من خلال الاتفاق على الربط الكهربائي بين العراق وتركيا.
وكشف الوزير الزيدان عن عرض تركي للدخول بشراكة في إقامة سدين على دجلة في تركيا والآخر في العراق يقام على الزاب الأعلى لتقسيم موارد المياه والطاقة.
من جانبه، قال وزير الموارد المائية العراقي، حسن الجنابي، إن العلاقة المائية بين البلدين كانت محوراً أساسيا، وأتيحت فرصة للقاءات ثنائية مع الوزير التركي الجديد، مؤكداً أن زيارة الوفد العراقي إلى تركيا كانت ناجحة بكل المقاييس.
“شكراً تركيا”
أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن موسكو تقدر عالياً رفض أنقرة الانضمام إلى العقوبات ضد روسيا، حيث قال، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، “نقدر عالياً رفض الشركاء الانضمام إلى العقوبات ضد روسيا”، مشيراً إلى أن “روسيا وتركيا في مجال السياسة الخارجية يتبعان مسارا مستقلاً.”
وأشار لافروف إلى أن موسكو وأنقرة تتحاوران بشأن تنفيذ الاتفاقات الخاصة بمناطق خفض التصعيد في سوريا، بما في ذلك في إدلب، مشيراً إلى أن الوضع في إدلب يعد اليوم أصعب بكثير من الأوضاع في مناطق خفض التصعيد الأخرى، بما في ذلك بسبب جبهة النصرة، حيث شدد على أن روسيا تشاهد في الآونة الأخيرة الأعمال العدوانية من جانب هذه المنظمة الإرهابية في إدلب، بما في ذلك حوادث إطلاق النار على قاعدة حميميم.
وأضاف لافروف أن روسيا تقدم مساعدة للجيش السوري في مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة، وفي الفصل بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين، مذكراً ان لدى الجيش السوري الحق الكامل في قمع استفزازات النصرة ومكافحة الإرهابيين في إدلب، إضافة إلى أن موسكو تلاحظ حالياً رغبة واشنطن في عرقلة المحادثات حول سوريا بصيغة أستانا، معبراً عن اعتقاده بأن أسباب فرض عقوبات على روسيا وتركيا وإيران قد تهدف إلى التأثير على نتائج محادثات أستانا بالذات.
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصور: روسيا اليوم – تركي بوست.