حوار سمر رضوان
طرحت الأزمة المتصاعدة بين واشنطن وأنقرة بعد فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على تركيا، مع توقع المزيد منها، تساؤلات حول تداعيات هذه الأزمة على منطقة الشرق الأوسط، وعلى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وما مسألة القس الأمريكي إلا غطاء، في حين أنّ المشكلة الرئيسية هي شراء منظومة إس 400 والتعاون مع روسيا إضافة إلى التعاون المستقبلي مع إيران، في حين تحاول أمريكا الحفاظ على أمن إسرائيل والاتفاق مع دول الخليج العربي لتطويق إيران.
حول تداعيات الأزمة التركية – الأمريكية وتسارع أحداثها وتطورها، سأل مركز “سيتا” البروفسور جمال واكيم، أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية.
توتر العلاقات وتصاعدها
الولايات المتحدة الأمريكية اعترضت على العلاقة، خصوصا عندما تجاوزت الحد بين أنقرة وطهران، وخصوصاً فيما يتعلق بعملية تدوير المال الإيراني عبر المصارف التركية، الأمر الذي جعلها تتحرك بدفع بالقضاء التركي ضد نجم الدين بلال، ابن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي هرب إلى إيطاليا قبل عودته عند تسوية وضعه خصوصاً بعد نكبة القضاء نتيجة التصفيات التي حدثت أثناء الانقلاب وبعده ضد أردوغان.
برونسون السبب؟!
قضية القس أندرو برونسون كانت رداً تركياً على قضية فتح الله غولن بمعنى واحدة مقابل أخرى. إنما الذي فجر الأوضاع حقيقة هو فشل تركيا في الرهانات التي كانت ملقاة على عاتقها من قبل الولايات المتحدة، خصوصاً للعبها دور في المنطقة العربية وبأن تكون جسراً للعبور بوسط آسيا وأوروبا الشرقية، الأمر الذي جعل الأمريكي، منذ فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما، يحول رهانه على الكرد.
في هذا الإطار وبعد فشل تركيا خصوصاً بعد تجاوز العلاقة حد معين مع كل من الإيرانيين والروس، جاء الانقلاب إذ كان للطرفين الروسي والإيراني دور كبير في إفشاله، لكن بنفس الوقت هذا الأمر جعل من الرئيس أردوغان “بروكر” (وسيط أو سمسار). من هنا، نرى أن الأزمة عميقة بين التركي والأمريكي، فأردوغان متمسك بالسلطة والولايات المتحدة تحاول الإطاحة به.
من هنا، لا تعدو قضية القس برونسون، التي فجرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سوى “الفتيل” الذي أشعل الأزمة.
قدرة التحمل
في مسألة تحمل أنقرة الضغط الأمريكي، يجب الانتظار لمعرفة التطورات لأن بنية الاقتصاد التركي هي مفتوحة على الغرب، في عهد أردوغان بالتحديد، ومناعتها الداخلية ضعيفة جداً، وبالتالي هذا يجعل منها أن تكون أقل تأهيلاً للصمود من إيران أو روسيا في وجه الضغوطات الغربية.
مصير أردوغان
أعتقد أن هناك محاولات أمريكية جدية للإطاحة بأردوغان واستبداله بأي شخص من المعارضة، والمشكلة أن الدفع بإتجاه الفوضى حالياً من الممكن ان يؤدي إلى تقسيم تركيا، وهنا يجب الانتباه لأن ذلك يصب في المخطط الصهيوني لإعادة تقسيم منطقة الخصيب وفقا لعصبيات وكيانات إثنية عشائرية وما شابه ذلك، أساسها يكون بداية الدولة الكردية.
سيكون هناك بحسب اعتقادي اضطرابات تركية داخلية كبيرة وإلى أي مدى يستطيع أردوغان ان يضبطها هنا مكمن السؤال، لكن بتقديري أن الوضع غير مريح نهائياً.
الخروج من الغرب؟!
إن تكوين تركيا البنيوي، الجيو – سياسي بما فيه النخب السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى الجيش والإدارة، تمت إعادة هيكلتها من أجل أن تكون موالية 100% للغرب، وبالتالي أستصعب أن يستطيع أردوغان ان يخرج من “حضن” الغرب، وهنا يجب أن ننتظر لنرى ما هي التداعيات التي ستحدث.
مصدر الصورة: أرشيف سيتا.