إبراهيم شير*

في عام 2000، خرج “أبو مصعب” السوري بمبادئ 6 لاحتلال المنطقة تبدأ في العام 2000 وتنتهي في العام 2020. ولكن قبل الحديث عن هذه الخطة التي هي محور هذا المقال، يجب أن نعرف من هو “أبو مصعب” السوري ومن خلفه؟

هو مصطفى عبد القادر الرفاعي او ما يعرف بمصطفى الست مريم، من مدينة حلب السورية وكان من أوائل الذين شاركوا في القتال ضد الدولة السورية في الجناح المسلح لجماعة الإخوان أو ما يعرف باسم “الطليعة المقاتلة”. وبعد الضربة القاسمة التي تلقتها الجماعة في سوريا، ثمانينات القرن الماضي، توجه إلى أفغانستان ومنها إلى بريطانيا حيث عمل على تأسيس الجماعة الإسلامية المسلحة والخلية الإعلامية لمسلحي الجزائر، وخلال تواجده في لندن كان على تواصل وثيق مع قناة BBC البريطانية وCNN الأميركية وسهل لقاءهما مع متزعم القاعدة أسامة بن لادن.

اللافت أن تنقله بين أفغانستان وبريطانيا كان بقمة السهولة ودون أية عقبات، وعلاقاته مع وسائل الإعلام كانت مميزة جداً، فجميع هذه الوسائل تسير وفق أهواء المخابرات البريطانية والأميركية على التوالي ما يؤكد أن أبو مصعب نفسه كان يسير بنفس الركب وخطته التي وضعها، هي بالحقيقة قد وضعت له وطلب منه تنفيذها.

وتنقسم هذه الخطة خمسة مراحل، إلى:

المرحلة الأولى: من الخطة يطلق عليها اسم “الافاقة”، وهي من العام 2000 حتى العام 2003 وتهدف لتسديد ضربة للولايات المتحدة في ولاية نيويورك تحديداً كي “تفقد صوابها” على حد تعبيره. وإذا نظرنا إلى هذه المرحلة، نرى أنها تقدِّم خدمة لواشنطن كي تأتي إلى المنطقة وتشرِّع وجودها الاحتلالي بحيث تستطيع بعدها تهديد كل دول المنطقة.

المرحلة الثانية: تسمى “فتح العيون” وإدامة الاشتباك مع العدو في الساحة التي يختارها، وهنا أشير وفقاً للخطة بشكل مباشر إلى العراق ومن ثم الهجرة إليه، والمدة المختارة هي من العام 2003 حتى العام 2006.

المرحلة الثالثة: هي مرحلة “النهوض والوقوف على القدمين” وتبدأ من العام 2006 وتنتهي عام 2010، وتقضي بالهجرة من العراق إلى سوريا تحديداً وتأسيس قاعدة أكبر لهم للانطلاق لما هو قادم.

المرحلة الرابعة: هي الأهم والأبرز وحملت عنوان “إستعادة العافية” التي تقي بمحاولة الاستيلاء على السلطة في سوريا، وتبدأ من العام 2010 وتنتهي بالعام 2013، حيث تعتمد على “الاشتباك المباشر” مع الدولة السورية ومحاولة افقادها مبررات وجودها عند الشعب عبر تنمية التيار الديني المتطرف الراديكالي، وتدمير مقدراتها حتى لا تستطيع النهوض والمواجهة حتى الوصول إلى الانهيار. وبعد استكمال تلك الأهداف، يتم التوجه من سوريا إلى لبنان، أي الحزام المقاوم مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.

المرحلة الخامسة: هي “إعلان الدولة”، ما بين العامين 2013 و2016، أو إيجاد أنظمة حاكمة في سوريا ومصر وباقي دول العربية تتماشى مع الفكر السلفي، وتم تحديد هذه الدول بشكل خاص، أما لبنان فكانت ضمن سوريا وتهجير المسيحيين منها.

فإذا عدنا للنظر إلى هذه الخطة ومراحلها، نرى أنها نفذت بحذافيرها من دون أية زيادة أو نقصان، حتى المرحلة الرابعة، إلى حين ظهور قوة الدولة السورية التي صمدت بشكل ملفت وقوي بوجه هذه الخطة بطريقة فاجأت الجميع، إذ كانت تتحدث دائماً عن وجود خطة للاستيلاء على المنطقة لكن بدون وجود آذان صاغية سواء عربية أم غربية، خصوصاً أن هذه الخطة وضُعت من قبل شخص كان مخترقاً بشكل واضح من قبل بريطانيا، كما سلف وتحدثنا، فكانت سوريا بالنسبة للغرب ساحة “رائعة” لبيع أسلحتهم فيها، وتجريبها، وإرسال من يشكون في ميولهم المتطرفة إليها كي يموتوا فيها ويبتعدوا عن دولهم.

إن اللافت في هذه الخطة أنها تكشف لنا الكثير من الأمور التي كانت مخبئة عنا أو عن الذين على وضعت على أعينهم غشاوة فهم لا يبصرون، من أحداث 11/9 وصولاً إلى احتلال العراق، 2003، ومن ثم الأعمال الإرهابية فيه، وتأسيس “الدولة الإسلامية في العراق” (داعش) على يد أبو بكر البغدادي، الى محاولة تأسيس خلاية نائمة في سوريا، وخصوصاً في أرياف المحافظات حيث قامت الدولة حينها بعدة عمليات استباقية ضدها لا سيما تنظيم القاعدة في إدلب تحديداً ما بين العامين 2005 و2009.

بعد كل هذا، هل لا يزال هناك من يتصور أن الأحداث في سوريا اندلعت بسبب “أظافر” أطفال درعا التي لم يعثر عليها؟

*كاتب وإعلامي سوري

مصدر الصورة: الجزيرة نت.