سامية أبو رسلان*

‎يعد لبنان من الدول التي وصل فيروس الكورونا إليها حديثاً، والذي إنتشر مؤخراً في الصين سريعاً والعديد من دول العالم الأخرى ما سبب الذعر والتخوف من إعلانه وباء عالمياً. بدأ الفيروس بالإنتقال من بلد إلى آخر وصولاً إلى لبنان، الذي يعاني أصلاً من نقص في مستلزمات الإستشفاء والطبابة لفئة كبيرة من اللبنانيين، اللذين يصارعون على أبواب المستشفيات في ظل غياب التقديمات الطبية لشريحة كبيرة منهم. ولعل الحكومة الجديدة تسير حالياً على مبدأ “مصائب قوم عند قوم فوائد”.

‎فجاءت الكورونا وسيلة لإلهاء للشعب اللبناني من الخوف على لقمة عيشه، إلى الخوف على صحته في ظل غياب أدنى مقومات الصحة. فالمواطن اللبناني يرزح تحت وطأة الفقر والبطالة والحجز على أمواله في المصارف، ناهيك عن الصرف التعسفي لبعض العمال بعد إقفال العديد من المؤسسات المتعثرة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعثّ خراباً في البلاد، لا سيما مع التخبط الحكومي حول الوضع المالي والإفلاس الذي يلوح في الأفق.

إلى ذلك، إن وضع قائمة بأسماء عشرين مصرفاً لبنانياً، وضعت على أصولها إشارة “منع تصرف” على أصولها، سيؤدي إلى اشتداد الضائقة المالية على المواطنين وعلى أموالهم المودعة في المصارف، غير العمل بهذا القرار لم يوضع موضع التنفيذ بسبب وقفه من قبل المدعي العام التمييزي حتى قبل مضي 24 ساعة على صدوره.

‎ما كان ينقص اللبناني إلا أن يشغل باله بالوباء المنتشر، في البلاد وأرجاء العالم كافة، تزامنا مع رفع وزارة الصحة شعار “لا داعي للهلع”، والتزايد المستمر لعدد المصابين بالكورونا في بظل غياب الوعي الإجتماعي حول الوقاية الصحية لدى بعض فئات المجتمع، التي قد تساعد على إرتفاع وتيرة إنتشاره ولو من دون قصد.

بالمقارنة بين الإفلاس والكورونا، أعلنت الحكومة النفير العام بسبب إستحقاق دفع السندات المالية وتأمين مصالح المصارف، الا أنها أعلنت شعار “لا داعي للهلع” على صحة المواطنين دون إجراءات حازمة لمنع إنتشار الفيروس.

‎إن المضحك المبكي في الموضوع هو زف وزير الصحة، حمد حسن، خبراً اعتبره اللبنانيين ساراً وهو اعلان مشروع السياحة الطبية في لبنان، تزامنا مع مناشدة المستشفيات، منذ أشهر، بضرورة تأمين المستلزمات الطبية التي أصبحت شبه مفقودة في القطاع الطبي، ناهيك عن الإعتصامات المستمرة للعاملين في المستشفيات الحكومية بسبب عدم تسديد مستحاقاتهم الشهرية.

أما خطوة إقفال المدارس من قبل وزارة التربية فلقد كانت وسيلة احترازية خوفاً من تفشي الفيروس بين الطلاب، في ظل غياب وسائل التعقيم والحماية الواجب على الدولة تأمينها في المدارس والجامعات. الا أن بعض الأهالي قابل هذه الخطوة بخطوة مضادة، وللأسف بمستوى متدني من الوعي، حيث اعتبروا هذه الفترة عطلة للترفيه، واستغلوها بالتنزه في المناطق المكتظة دون الأخذ بعين الإعتبار مدى إمكانية انتقال الفيروس فيها، علماً أن نسبة الإنتقال تعادل تقريباً وتيرة انتقالها في المدرسة.

أخيراً، كما كل شيء في لبنان يستغل سياسياً، كذلك هي لكورونا حيث بدأ استغلالها سياسياً من جهات مختلفة، ومن قبل بعض المحطات التلفزيونية التابعة سياسياً أيضاً، فيما بدأت التأويلات حول بلد الذي صدَّر الفيروس الى لبنان، ونشبت “الحرب الإلكترونية” على مواقع التواصل الإجتماعي وكل يغني على ليلاه، كما إنطلقت حملة الإتهامات والمزايدات الوطنية والتخوين بدل الإنصراف الى ايجاد حلول للوقاية والحد من انتشاره.

*كاتبة لبنانية

مصدر الصورة: السفير العربي.

موضوع ذا صلة: مختبر الحرب البكتريولوجية الأمريكي: التنظيم والعمل (جورجيا مثالاً)