إعداد: يارا إنبيعة

بعد رقصة مع وزيرة خارجية النمسا في حفل زفافها، وصل الرئيس الروسي، فلادمير بوتن إلى العاصمة الألمانية برلين، 18 أغسطس/آب 2018، في محاولة لإقناع المستشارة، أنجيلا ميركل، بالإنضمام الى جهوده للدفع نحو إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم. المباحثات بين الطرفين تركزت على موضوعين “أثقلا” كاهل العلاقات الروسية – الألمانية، وهما مشاركة روسيا في الحرب السورية، والصراع الإنفصالي في أوكرانيا وضمها لشبه جزيرة القرم العام 2014، إضافة إلى مناقشة الملف الإيراني وخاصة الاتفاق النووي.

“عبء هائل”

دعا الرئيس بوتين إلى بذل كل ما هو ممكن من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، والمشاركة ماليا في إعادة اعمار سوريا، حيث قال “يجب تعزيز البعد الإنساني في النزاع السوري، وأقصد من ذلك قبل كل شيء المساعدة الإنسانية للشعب السوري، ومساعدة المناطق التي يمكن أن يعود اليها اللاجئون الموجودون في الخارج”، مذكراً بأن هناك مليون لاجئ في الأردن وعدداً مماثلا في لبنان و3 ملايين في تركيا.

كما نبه بوتين إلى أن ازمة اللاجئين يمكن أن تشكل “عبئاً هائلاً” على أوروبا، مضيفاً انه ينبغي القيام بكل شيء ليعود هؤلاء الناس إلى منازلهم، ما يعني عملياً إعادة تأمين الخدمات الأساسية مثل شبكتي المياه والكهرباء والبنى التحتية الطبية.

إلى ذلك، أشار الرئيس بوتين إلى أنه بحث مع المستشارة ميركل في تسوية الأزمة الأوكرانية التي لا تحرز أي تقدم مع الأسف. أما فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، فقد صرح الرئيس الروسي بأن الوضع حول خطة العمل المشتركة الشاملة كان أحد المواضيع التي تم نقاشها، مشيراً إلى أهمية الحفاظ على تلك الاتفاقية المتعددة الأطراف، والرامية إلى تعزيز الأمن الإقليمي والدولي ونظام عدم الانتشار النووي، التي أقرها مجلس الأمن.

تجنب أزمة إنسانية

دعت المستشارة ميركل إلى تجنب حدوث أزمة إنسانية في شمالي سوريا، وأضافت أنه من الضروري تجنب حدوث أزمة إنسانية في إدلب السورية والمنطقة المحيطة بها، كما تم مناقشة مسألة الإصلاحات الدستورية والانتخابات المحتملة التي تم التطرق إليها خلال اللقاء المشترك الذي جمعهما في سوتشي، مايو/أيار 2018، مشيرة إلى حدوث تغيرات إيجابية في الوضع السوري، ومشددة على أهمية منع وقوع كارثة إنسانية في البلاد.

هذا وقد أعلن السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، أنه لم يتم التوصل الى اتفاق، ولكن الاجتماع كان يستهدف ببساطة مراجعة المواقف.

“مينسك” هي الحل

عبر بوتين عن أسفه لتأزم المفاوضات حول تسوية الأزمة في أوكرانيا، مؤكداً استعداد موسكو لمواصلة جهودها من أجل إيجاد حلول لها، حيث أعلن “نود أن نشدد على أنه لا يوجد بديل عن اتفاقات مينسك”، مؤكداً اهتمام روسيا بالعمل ضمن صيغة “رباعية النورماندي” ومجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية، واستعدادها للتعاون مع بعثة المراقبة الأممية.

من جهتها، قالت المستشارة الألمانية إن بلادها وروسيا تواصلان جهودهما لإيجاد حل للنزاع الأوكراني على أساس “اتفاقات مينسك”، معربة عن أملها بالتوصل إلى المصالحة في منطقة الدونباس المتنازع عليها جنوب شرق أوكرانيا قبل بدء العام الدراسي الجديد.

مشروع اقتصادي بحت

أكد الرئيس الروسي أن مشروع “السيل الشمالي – 2” هو اقتصادي بحت لن يؤثر على إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، مشيراً إلى “أن روسيا تولي اهتماماً كبيراً بتطوير التعاون المتبادل المنفعة مع ألمانيا في المجالين السياسي والاقتصادي وغيرهما، خاصة في مجال الطاقة لاعتباره إحدى الأولويات.”

كما ذكر بوتين بأن ألمانيا أحد أكبر مشتري موارد الطاقة الروسية، حيث يتزايد استهلاك الغاز الروسي بإستمرار، مضيفا أن روسيا “وردت في عام 2017 نحو 53 مليار متر مكعب من الغاز، وهو ما غطى أكثر من 30% من حاجة سوق الغاز الألمانية”، كما أشار بوتين إلى أن ألمانيا ليست سوقاً لواردات المحروقات الروسية فحسب، بل حلقة عبور هامة في نقلها إلى الدول الأوروبية.

هذا وقد شدد بوتين على أن روسيا، ومنذ بدء الاتحاد السوفياتي بإمداداته للغاز إلى غرب أوروبا، “كانت ولا تزال توفر الطاقة دون انقطاع وتقدم إسهاماً كبيراً في ضمان أمن القارة الأوروبية بأكملها في مجال الطاقة”، لافتاً إلى أن بناء خط أنابيب الغاز “السيل الشمالي – 2” في ألمانيا سيتيح “تحسين نظام إمدادات الغاز الأوروبي وتنويع مسارات الإمدادات وتقليص مخاطر المرور العابر، فضلاً عن تلبية احتياجات الاقتصاد الأوروبي المتزايد في موارد الطاقة.”

من جهتها، شددت ميركل على ضرورة حفاظ أوكرانيا على دورها كدولة ترانزيت لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا على الرغم من تنفيذ مشروع “السيل الشمالي – 2” في بحر البلطيق.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: سبوتنيك.