حوار: سمر رضوان
يعتزم المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، تنظيم اجتماع مطلع أيلول/ سبتمبر المقبل (2018)، في جنيف مع الدول الضامنة، “روسيا وإيران وتركيا”، حول تشكيل اللجنة الدستورية لإعداد دستور جديد لسوريا، هذا الاجتماع سيكون مدخلا لوضع اللمسات الأخيرة على اللجنة الدستورية للجانبين “الحكومة السورية والمعارضة”.
حول تشكيل اللجنة وموقف المعارضة الداخلية منها، وغير ذلك، سأل مركز “سيتا” الأستاذ إيناس الحمّال الأمين العام لحزب التنمية الوطني المعارض، عن تفاصيل هذا الموضوع.
تلاقي الإرادات
نقطة البدء في الخطوة العملية الأولى لإيجاد حل سياسي دستوري جذري وتاريخي للمشكلة السورية تكمن بتلاقي الإرادات الدولية والإقليمية الفاعلة لمساعدة السوريين على إعادة بناء مؤسساتهم الدستورية المستمدة من إرادة شعبية سورية حرة. تضمن سيادة ووحدة الدولة السورية على كامل الجغرافيا الوطنية دون منازع أو متدخل خارجي.
لكن السؤال الكبير هو: متى وكيف تلتقي هذه الإرادات بسلوك عملي مسؤول وقابل للمساءلة؟ فهل نضجت الظروف في سوريا إقليمياً ودولياً لإنجاز حل تاريخي كبير وقابل للبقاء؟
إن ما تحدّث عنه المبعوث الدولي الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا، من تفاهمات مثمرة ترعاها وتضمن تنفيذها الدول الضامنة بإشراف من الأمم المتحدة لا يعدو، في الواقع، كونه أمنيات ذاتية تكلل رغبة هذا الدبلوماسي الصبور بالنجاح حيث لا دلائل ملموسة، حتى الآن، تشير إلى إحداث خرق في “الجدار الإسمنتي المسلح” الذي أقامته الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها لمنع إيجاد حل له قيمة في سوريا.
ثوابت عمل اللجنة الدستورية
لم تنجز اللجنة الدستورية شيئاً ملموساً بعد، ويبدو أن القوى المهيمنة على المعارضة الخارجية السورية والفصائل المسلحة في الداخل غير جادة في البحث عن حلول خارج إطار مصالحها الخاصة التي تتناقض جوهرياً مع مصالح وإرادة الشعب السوري ببناء دولة مواطنة علمانية حديثة تعيد سوريا الى دورها الطبيعي في صناعة التاريخ بدلاً من التصادم معه، والصراع عليه.
إن إطار عمل اللجنة الدستورية يشمل ايجاد وثيقة دستورية مؤقتة متفق عليها بالإجماع داخلياً وخارجياً تضمن الثوابت الوطنية السورية التي لا تقبل النقاش أو المساومة، وخاصة كل ما يتعلق منها بحق السيادة ومن دون إملاءات خارجية، وبناء دولة الشعب والمؤسسات، إضافة إلى تلك التي تشكل الإطار الدستوري الذي يحكم مسار المرحلة الإنتقالية بعد تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في سوريا، مع وضع حل نهائي لقضيتي الإرهاب التكفيري والوجود العسكري الأجنبي خارج مبادئ القانون الدولي.
مطلب وحقٌ لا منحة أو منَّة
إن بقاء الدولة السورية الآن بكل مؤسساتها، المدنية العسكرية وحتى الأمنية، هو مطلب شعبي يخلق المناخ الصحيح لإجراء انتخابات عامة شاملة تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب السوري في مرحلة لاحقة، إذ يستحيل منطقياً إجراء أية انتخابات في ظل حالة من فقدان الأمن ونقص السيادة على كامل التراب الوطني.
من هنا، نحن، في المعارضة الوطنية الديموقراطية داخل سوريا، نرى أن القضية في الجوهر هي حق دستوري سوري تحاول القوى المهيمنة على النظام الدولي أن تشوهه وتلغيه، وتعمل باستمرار على تدمير مقومات الدولة الوطنية السورية، ومنع إعادة بنائها على أسس دستورية مدنية حديثة. كما أننا نرحب بأي جهد دولي يصب في هذا الاتجاه، وندعو الأمم المتحدة للعب دور مسؤول فعَّال ومباشر في الإنتقال التاريخي لنظام الحكم من صيغة “الحزب الواحد” إلى صيغة “الدولة المدنية العلمانية التعددية التعاقدية الحديثة”.
أما المعارضة الخارجية، فنحن نرى أنها “ملحقة” بلعبة أمم كبرى هي جزء من محاولة تدمير البلاد، وهي لا تمثل واقعياً أياً من الشرائح الإجتماعية الوطنية المكونة للشعب السوري، بل وهي لا تملك من حرية الفكر والقرار ما يجعلها قادرة حتى على تمثيل نفسها. نحن نراقب سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، وتابعها من بعض دول الخليج، التي ما زالت تلعب دوراً معيقاً وتدميرياً ليس لمنع الحل السياسي وحسب بل لتدمير كل مقومات إعادة بناء الدولة. أما الدول الأوروبية، فلا تزال عاجزة عن فعل شيء له قيمة خارج الإرادة الأمريكية الأحادية، وهذا خطير جداً كون القضية تتجاوز الوضع في سوريا لتنحدر نحو احتمال اشتعال منطقة بأكملها من خلال التدخل الأمريكي السافر في دول المشرق، وتصعيد حدة المواجهة مع إيران بشكل يخالف مضمون الإتفاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي.
مخارج وحلول
إن الخروج من المأزق الراهن يقتضي التعامل النزيه من كل الأطراف، وذلك بإنجاز المهام التالية بتفاهمات داخلية إقليمية دولية واضحة:
1 – تصفية الوجود الإرهابي المدعوم تصفية تامة بإتفاق دولي ورعاية مباشرة من الأمم المتحدة.
2 – خروج كل القوات الأجنبية غير الشرعية من كافة الأراضي السورية.
3 – إنجاز الوثيقة الدستورية بمساعدة أممية وفي إطار “مؤتمر جنيف”.
4 – بدء المرحلة الأولى من إعادة الإعمار وعودة النازحين من مخيمات “اللجوء والإهانة” في دول الجوار تركيا ولبنان والأردن مع ضمان العودة الآمنة المحمية بقوة القانون السوري والدعم الدولي، وتأمين الإستقرار الامني والسياسي عبر إطلاق موجة واسعة من حرية الرأي والتعبير تتضمن تشكيل الجمعيات والأحزاب الوطنية على أسس فكرية سياسية إنسانية وطنية لا عرقية ولا دينية كي يمتلك المجتمع السوري قدراً كافياً من النضج يضمن نجاح العملية الإنتخابية بإشراف أممي ومحلي نزيه.
5 – البدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية مسؤولة تتمثل فيها كل القوى الحية في المجتمع، من السلطة والمعارضة، وفق معايير عالمية لبناء دولة المواطنة والمساواة.
6 – البدء بانتخابات تدريجية آمنة هادئة هادفة من كمجالس القرى والبلدات إلى مراكز المدن في المناطق والمحافظات وفق أحكام الوثيقة الدستورية بإدارة حكومة الوحدة الوطنية وإشراف أممي.
7 – تقوم حكومة الوحدة الوطنية بإنجاز مشروع دستور وطني دائم يجري التصويت عليه لاحقا من خلال استفتاء الشعبي عام آمن بمساعدة أممية.
8 – تجري بعد ذلك انتخابات البرلمان السوري على مبادئ دستورية حديثة.
9 – يحدد موعد انتخابات رئاسة الجمهورية بناء على أحكام الدستور الدائم.
مصدر الصور: وكالة أنباء فارس – ريا نوفوستي.